رئيس التحرير
عصام كامل

نجا من الموت مرتين وأثار الجدل عالميًّا.. كولن باول مهندس قصف ليبيا وغزو العراق

وزير الخارجية الأمريكي
وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول

توفي، اليوم، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول عن عمر ناهز الـ84 عاما، لتطوى بذلك صفحة تاريخية لمسؤول مثير رافق 7 رؤساء أمريكيين؛ وعمل كمهندس للحملة الدولية لغزو العراق.

لم يكن كولن باول أول أمريكي من أصل أفريقي يتم تعيينه وزيرًا للخارجية الأمريكية، وأول من يخدم في هيئة الأركان المشتركة، بالولايات المتحدة فحسب. 

 

بل كان الجنرال المتقاعد والوزير المخضرم شاهدًا على تفاصيل كثيرة في تاريخ بلاده، بدءًا بالحرب في فيتنام وصولا إلى غزو العراق.

من هو كولن باول؟

يوصف باول بأنه "رجل دولة أمريكي" خلط بين الخدمة العسكرية والمدنية، في عمره المديد، فهو جنرال متقاعد من فئة الأربع نجوم في جيش الولايات المتحدة، وتولى منصب وزير الخارجية في محطة حساسة من تاريخ بلاده، شهدت تطورات أثرت على العالم أجمع.

 

ولد كولن لوثر باول في 5 أبريل 1937 في هارلم بولاية نيويورك، منحدرا من عائلة من المهاجرين الجامايكيين بالولايات المتحدة، كغيره من السود الأمريكيين نشأ المسؤول الأمريكي الراحل في جنوب حي برونكس الشهير، وتلقى تعليمه في المدارس العامة بالمدينة الصاخبة.

المسار العسكري

تخرج من مدرسة موريس الثانوية عام 1954 دون أي خطط محددة للمكان الذي يريد الذهاب إليه في الحياة، لذلك درس الجيولوجيا في كلية نيويورك، لكنه ذهب بعيدا عن التخصص، حين قبل دعوة من فيلق تدريب ضباط الاحتياط في الجيش الأمريكي، ليترقى سريعا، إلى رتبة قائد وحدة، وكأنه وجد ذاته أخيرا، فمنحته هذه التجربة التوجيه في حياته.

 

في عام 1962، وجد نفسه على المحك الحقيقي، إذ كان واحدًا من 16000 مستشار عسكري أرسلهم الرئيس الراحل جون كينيدي إلى جنوب فيتنام، وهناك أصيب باول في كمين، أثناء قيامه بدوريات على الحدود الفيتنامية-اللاوسية، ونجا من الموت، وحصل على وسام القلب الأرجواني، ثم بعد عام حصل على النجمة البرونزية.

 

عاد إلى فيتنام بتكريماته العسكرية مجددا عام 1968 ليمضي عاما هناك، ثم كلف وهو هذه المرة برتبة رائد وعمره لا يتعدى 31 عاما بمهمة التحقيق في مذبحة "ماي لاي" التي قتل فيها أكثر من 300 مدني على يد قوات الجيش الأمريكي، وكانت تقريره يبرئ جيشه من أي مخالفات.

 

ولم تكن المهمة الثانية في فيتنام لتمر دون نجاة أخرى من حادث مميت، فقد نجا باول من حادث تحطم مروحية، وتمكن من إنقاذ رفاقه، ليحصل على وسام الجندي، وتتالت بطولاته العسكرية لتضم خزينة تكريماته 11 وسامًا عسكريًا، بما في ذلك وسام الاستحقاق.

ثقة بالإدارة الأمريكية

حصل باول على ماجستير في إدارة الأعمال من جامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة، وفاز بمنحة البيت الأبيض في عام 1972، وتم تعيينه في مكتب الإدارة والميزانية أثناء إدارة الرئيس ريتشارد نيكسون، وأصبح مقربا لاحقا من وزير الدفاع كاسبار وينبرجر، ومستشار الأمن القومي فرانك كارلوتشي، كلاهما في إدارة رونالد ريجان.

 

خدم باول حين أصبح عقيدا عام 1973 في كوريا كقائد كتيبة، وبعد ذلك حصل على وظيفة في البنتاجون، ثم التحق بالكلية الحربية الوطنية في واشنطن من 1975-1976، وتمت ترقيته إلى رتبة عميد عام 1976 وقاد اللواء الثاني من الفرقة 101 المحمولة جوًا.، في عهد الرئيس جيمي كارتر.

 

رقي باول إلى رتبة لواء وعاد لتقديم الاستشارة إلى فرانك كارلوتشي في وزارة الدفاع أثناء الانتقال من إدارة كارتر إلى ريجان، ثم عمل كمساعد عسكري كبير لوزير الدفاع كاسبار واينبرجر، حيث ساعد في تنسيق غزو غرناطة وقصف ليبيا.

 

في عام 1987 اختاره ريجان لمنصب مستشار الأمن القومي، وهو المنصب الذي شغله عينه الرئيس جورج بوش الأب، عام 1989 رئيسًا لهيئة الأركان المشتركة، أعلى منصب عسكري في وزارة الدفاع الأمريكية، وفي هذه الفترة قاد الجنرال باول عمليات درع الصحراء وعاصفة الصحراء في العراق، بصفته كبير الاستراتيجيين العسكريين.

 

مبدأ باول

عٌرف باول بالميل للحلول العسكرية، حتى طور ما أصبح يعرف باسم "مبدأ باول"، وهو نهج يدعو إلى استخدام القوة الساحقة لتحقيق أقصى قدر من النجاح وتقليل الخسائر، ظل في المنصب خلال الأشهر القليلة الأولى من إدارة بيل كلينتون؛ الذي اختلف معه علنا بشأن قبول المثليين في الجيش.

 

سنة 1993، تقاعد باول من الجيش، وتفرغ لأعمال استشارية، ونشر كتبا حول البيروقراطية العسكرية، ومذكرات حول سيرته الذاتية، وترأس عام 1997 حتى 2000، منظمة "America's Promise" غير الربحية مكرسة رفقة زوجته.

لكن الرئيس بوش الابن أعاد باول مجددا إلى الأضواء فعينه عام 2001 وزيرا للخارجية، حيث تولى مهمة الحشد الدولي لغزو العراق، واشتهر بخطابه المثير أمام الأمم المتحدة، في فبراير 2003، الذي كشف فيه عن معلومات استخبارية تبين لاحقا أنها خاطئة، حول وجود أسلحة دمار شامل بالعراق.

 

وبعد غزو العراق وإكمال المهمة، رأى باول نفوذه في البيت الأبيض تتضاءل أمام عينيه، فأعلن استقالته عام 2004، رغم نجاح بوش الابن في نيل ولاية ثانية، لكنه ترك المنصب لخيلفته كوندوليزا رايس، التي أكملت فترة الرئيس الجمهوري الثانية.

الجريدة الرسمية