رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء مصطفى المصري: أسقطت 4 طائرات للعدو فى يومين وعبد الناصر منحنى ألفين جنيه مكافأة ( حوار )

اللواء مصطفى المصرى
اللواء مصطفى المصرى الملقب بـ«صائد الطائرات» خلال حرب أكتوبر

>> الدفاع الجوي هو حائط الصد الذي أسقط أسطورة اليد الطولى لإسرائيل


>> الطائرات الإسرائيلية كانت تتساقط كالغربان أمام صواريخ الدفاع الجوي


>> تم تكليفي قبل حرب أكتوبر بتأمين الفرقة 18 مشاة ميكانيكي التى حررت القنطرة شرق


>> تمكنت كتيبتي من إسقاط 6 طائرات قبل يوم 14 أكتوبر فى أطول معركة جوية في التاريخ

 

يقف التاريخ مشدوها أمام أبطال عظام سطروا ملاحم المجد، ووضعوا أرواحهم على أكفهم من أجل أن تعيش مصر عزيزة أبية شامخة مرفوعة الراية، وفي الذكرى الثامنة والأربعين لحرب أكتوبر المجيدة، لا تزال سجلات النصر والبطولة والفداء حافلة بأسماء كثيرة وحكايات أكثر عن معارك شغلت فصولا جديدة في كتب التاريخ العسكري، فقد كان عنوانها "الانتصار الكبير" على دولة الاحتلال، وتلقين الجيش الإسرائيلي هزيمة مذهلة، وكسر أنف قادة الكيان الصهيوني.

الدفاع الجوي المصري هو الحصن الذي تحطمت على جدرانه أسطورة اليد الطولى لإسرائيل وهي قواتها الجوية التي كانت تتشدق بها في الإعلام بأن طائراتها المتقدمة تستطيع أن تطول اي مكان وتقصفه ببراعة ثم تعود دون أن يتعرض لها أحد، وقد استباحت هذه الطائرات قبل انشاء الدفاع الجوي العمق الداخلي المصري واستطاعت ضرب المدنيين في مصانع ابو زعبل ومدرسة بحر البقر الابتدائية بالشرقية وغيرها من الأهداف المصرية. 
 "فيتو" وفي سياق احتفالها بذكرى النصر، أجرت حوارا مع بطل من أبطال هذه الحرب، وهو اللواء مصطفى المصري الملقب بـ"صائد الطائرات"، والذي ينتمي إلى سلاح الدفاع الجوي.

ويروى البطل لـ"فيتو" حكايات وتفاصيل مثيرة عما جرى في ميدان القتال، وكيف واجه رجال القوات المسلحة من قادة وضباط وجنود إسرائيل على خطوط النار، فما ضعفوا ولا استكانوا ولا تراجعوا، بل أثبتوا للعالم أن لمصر جيشًا يحميها،: متحدثا عن البداية قائلا: تقدمت للكلية الحربية  بعد نكسة 5 يونيو 1967، وإعلان القوات المسلحة فتح باب القبول لدفعة استثنائية، فتقدمت فورًا من أجل الانضمام الي الابطال للدفاع عن أرض الوطن، وتخرجت منها في  فبراير عام 1969 وكانت دراستي تخصص دفاع جوي التابع حينها لسلاح المدفعية وكان من يتم اختياره دفاع جوي داخل الكلية يتم إرساله إلى معهد الدفاع الجوي بالإسكندرية، ليأخذ الفرق الخاصة بها، وإلى التفاصيل:

*اروى لنا تفاصيل التحاقك بالدفاع الجوى؟

بعد تخرجي وأثناء وجودي في إدارة شئون ضباط القوات المسلحة، تم اختياري أنا وبعض زملائي  للتوجه إلى معهد الدفاع الجوي بالإسكندرية، وذلك من أجل التدريب على الرشاش الذي أنزله الفريق عبد المنعم رياض من على طائرات الميج 17 لاستخدامه في عملية استهداف الطائرات الإسرائيلية التي كانت تطير على ارتفاع منخفض للغاية بواسطة عربات الدفاع الجوي  بعد شهر ونصف من عمله على السلاح الجديد  جاء إلى خطاب في أبريل  عام 1969، يطلب مني  التوجه إلى إدارة شئون ضباط القوات المسلحة  بالفعل توجهت إلى إدارة شئون الضباط، ومعي ما يقرب من 10 ضباط، اختير منا 5 أفراد للعمل على السلاح الجديد وتسلمت خطابا موجها لمعهد الدفاع الجوي، يُفيد بحصولي على فرقة (رشاش ثقيل) ولم نسمع بهذا السلاح من قبل فسألت المسئول بشؤون الطلبة  بأنه ليس هناك رشاش ثقيل داخل المعهد، فرد على قائلا: (نفذ الأوامر يا سيادة الضابط)، وبعدها توجهت إلى معهد الدفاع الجوي مرة أخرى وجدت حراسة مشددة وكردون أمني وكنا ما يقرب من 13 فردا داخل المعهد  ومن أهم الاختبارات أنه تم عرض الرشاش على عدد من الخبراء الروس داخل معهد الدفاع الجوي وتحدثوا معى حول استخدامه للأسلحة وكيفية تعامله مع المواقف الطارئة، وبعد إجابتى الصحيحة تم اختيارى لأكون احد ضباط الدفاع الجوي هذا السلاح الذي كان الفضل فيه يرجع إلى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي ذهب إلى روسيا وطالبهم بالحصول على سلاح من أجل مواجهة الطيران المنخفض للعدو الإسرائيلي لأنه بدأ يستهدف  المنشآت والمصانع المصرية المدنية مثل مدرسة بحر البقر، ومصنع أبو زعبل ووغيرها من المناطق والمدنيين، وأنه لن يسمح لإسرائيل بعمل ذلك في شعبه، فرد الروس حينها عليه بأنهم سيقدمون له سلاحا لا يعلم عنه العالم شيئًا.
ولكن التحدي كان كبيرا خصوصا وأن الروس قالوا للزعيم عبدالناصر ضباطك لن يستوعبوا هذا السلاح لكنه تحداهم مؤكدا بأن الضباط المصريين سيستوعبون السلاح الجديد في أقل فترة ممكنة وبالفعل تأكدت وعود الزعيم فكانت مدة التدريب التي وضعها الروس 6 أشهر، ونحن استوعبناه في أقل من 3 أشهر فقط بعد فترة وجيزة من التدريب.

*هل نجح السلاح الجديد في كبح جماح الطائرات الإسرائيلية؟ 
طبعا فبعد أيام من انتهاء فترة التدريب توجه أحد زملائي وهو  ماجد أحمد على بالسلاح الجديد إلى جبهة القتال لحماية كتائب الصواريخ، وكانت المفاجأة إسقاطه طائرتين إسرائيليتين من طراز (سكاي هوك الأمريكية- وميراج الفرنسية)، والسلاح الذي أسقط هاتين الطائرتين هو سلاح الصواريخ الروسي أوكما كنا نطلق عليه وقتها صاحب العيون الزائغة  وأطلقت عليه إسرائيل  كتائب الحية، فهذا الصاروخ يتميز بأنه يتبع حرارة الطائرة ويصيبها في المحركات بالمنتصف، فيقسمها نصفين ولايستطيع الطيار الهروب بالكرسي المتحرك، لأن سرعة الصاروخ الكبيرة لا تعطى وقتا للطيار للتصرف".

* ماهو أهم يوم للسلاح الجديد في الدفاع الجوي؟ 
هذا السلاح الرهيب كان مفاجأة للعدو الإسرائيلي فعلا ففي يوم 9 سبتمبر 1969، توجهنا إلى مكتب قائد قوات الدفاع الجوي لمقابلة اللواء محمد على فهمي  قائد القوات وقتها وأعطانا تعليمات بالتوجه إلى أحد الجبال في موقع «عجرود القديمة»، وذلك من أجل الدفاع عن إحدى الكتائب المقاتلة الموجودة هناك من هجوم الطيران الإسرائيلي، ومكثنا هناك من يوم 9 حتى 18 سبتمبر عام 1969، لم يحدث شيئا  لكن يوم 18 سبتمبر، جاء هدف استطلاع إسرائيلي على مسافة عالية، تم الاشتباك معه. وبعدها تم انسحاب الكتبية وبناء «كتيبة هيكلية» مكانها، لأننا كنا نعلم أن إسرائيل ستستهدف المكان خلال ساعات قليلة، وبالفعل في اليوم التالي جاءت هجمة جوية من قبل طائرات سكاي هوك وطائرات ميراج إسرائيلية، وكان أول اشتباك حقيقي لي وقتها حيث كنت مُكلفا بعملية إسقاط الطائرات الإسرائيلية التي ستطير على ارتفاع منخفض، وبالفعل أسقطت طائرة سكاي هوك، وطائرة ميراج إسرائيلية، وكان ذلك نجاحا كبيرا لي ولزملائي بالكتيبة، وكان وقتها إسقاط طائرة إسرائيلية أمرا عظيما والرئيس عبد الناصر كان عامل مكافأة 500 جنيه لأى ضابط دفاع جوي أو طيران يسقط طائرة إسرائيلية وجاءنى ضابط أمن وأعطى لي أمر فوري بالتحرك معه هو ومجموعته، بناءً على تعليمات قائد قوات الدفاع الجوي، فذهبت ومعي توجيهُ إلى أحد المهابط الخاصة بطائرات الهليكوبتر، وتم تصعيد المجموعات القتالية أعلى الجبل، وذلك لحماية سرية رادار من هجمات الطيران الإسرائيلي، ووزعت القوة إلى 3 مجموعات قتالية، كل واحدة قوامها 7 أفراد، وبعد ذلك رصدنا طائرتين إسرائيليتين قمت باستهدافهما وأسقطتهما بالفعل، وبذلك أسقطت 4 طائرات إسرائيلية خلال يومين، وكانت هذه خسائر فادحة للطيران الإٍسرائيلي، وقمت بجمع مبلغ 2000 جنيه كمكافأة، وفي عام 1969 كان هذا المبلغ ثروة، وساعدني في الزواج

*أهم ذكرياتك عن حرب أكتوبر المجيدة؟ 
فى حرب أكتوبر كنت نقيبًا وقائد كتيبة «ستيرلا حية»، وكنا قد طورنا الصاروخ قبل نصر أكتوبر استعدادا لمعركة التحرير وأدخلنا عليه تعديلات تلائم حربنا الشرسة مع إسرائيل، ولم يعلم العالم منذ فترة 1969 حتى 1973 بنوعية السلاح الذي كنا نحارب به أو مواصفاته
وقد تم تكليفي قبل حرب أكتوبر بفترة قصيرة بعملية تأمين الفرقة 18 مشاة ميكانيكي بقيادة اللواء عزيز غالي الذي حرر مدينة القنطرة شرق، وأمنت لهم المعابر حتى أقاموا رأس الكوبري، ثم إحدى القواعد الجوية المهمة، والتي كانت تحتوي على أهم لواء للمقاتلات وقتها، وعند اندلاع حرب أكتوبر لم يجرؤ العدو الإسرائيلي على مهاجمتنا، لكن في اليوم التالي من الحرب، كانت هناك هجمة من قبل الطيران الإسرائيلي، وأسقطنا لهم طائرتين، وكانوا يتركون يوما ويهجمون اليوم الذي بعده فهجموا يوم 9 وأسقطنا لهم طائرتين واستمرت الهجمات طيلة أيام الحرب، وتمكنت كتيبتي من إسقاط 6 طائرات قبل يوم 14 أكتوبر، الذي شهد ملحمة الاشتباك الجوي بين الطيران المصري والإٍسرائيلي والتي سميت فيما بعد بأطول معركة جوية في التاريخ، وانتهت الحرب وحصلت على وسام الجمهورية، وكنت ثاني صائد طائرات في قوات الدفاع الجوي المصري فخر الأسلحة الحديثة.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"

 

الجريدة الرسمية