رئيس التحرير
عصام كامل

تل أبيب تركع أمام ملالى طهران.. الحكومة الإسرائيلية تتخلى عن شعار التهديد الوجودي

 تل أبيب وطهران
تل أبيب وطهران

«التعايش».. سيناريو لم يكن يتخيل أحد أن تلجأ إليه إسرائيل فى تعاملها مع تهديدات النظام الإيرانى، فعلى مدى السنوات الماضية، كانت التصريحات العدائية المتبادلة بين «تل أبيب» و«طهران» هى الأعلى صوتًا، مع اختلاف درجة حدة التهديد، غير أن هذا كله جاء مخالفًا لما أكده وزير الجيش الإسرائيلى، حول أنه يمكن أن تتعايش إسرائيل مع اتفاق دولى جديد مع طهران حول برنامجها النووى، فى خطوة أثارت انقسامًا حادًّا فى إسرائيل دفع اليهود لاتهام الحكومة الإسرائيلية بالفشل والتأكيد على أن الدولة العبرية باتت أضعف من أي وقت مضى.

خطة التعايش
«جانتس» أوضح أنه يمكن التعايش مع الاتفاق بشرط أن تكون هناك خطة بديلة حال عدم التزام إيران بالاتفاق، وهى «الخطة ج»، لكن لم تتحدث إسرائيل كثيرًا عن تفاصيل تلك الخطة البديلة إلا أنها ألمحت أنها ستعتمد على استخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا لم تنفذ الاتفاق المزمع عقده معها، وربما يرجع ذلك إلى أن إسرائيل بالأساس لم تمتلك بعد أركان كاملة لتلك الخطة، والأمر ذاته يطرح تساؤلا حول قدرة إسرائيل على استخدام القوة العسكرية ضد طهران.

من جهتها أكدت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية أن «فى الشرق الأوسط، الضعف يستدعى العدوان، وإذا كان ردعنا قد تآكل بالفعل فى عهد نتنياهو، فهو أكثر من ذلك بكثير الآن فى عهد نفتالى بينت»، مضيفة: «نحن نواجه تهديدات من الداخل والخارج حول وجود الدولة اليهودية، محذرة من سيناريو يوم القيامة المتمثل فى ضربة نووية إيرانية، وهجوم إسرائيلى حتمى، وردود فعل مضادة من قبل إيران نفسها، وفى نفس الوقت من سوريا، وحزب الله، وحماس، وعرب إسرائيل، الذين سيغرقون البلد بالنيران التى لم نشهدها من قبل وهذا كله يجرى خلفنا، وكل الأضواء تومض للتحذير، ولكن المستوى السياسى والمهنى لدينا لا يريد أن يرى».

وإضافة إلى ما سبق فإنه يتضح أن النبرة فى أروقة الحكم فى إسرائيل تغيرت فى الأسابيع الأخيرة فيما يتعلق بالقنبلة الإيرانية من «التهديد الوجودي» خلال فترة ولاية بنيامين نتنياهو الطويلة ويوسى كوهين كرئيس للموساد سابقًا، إلى «من الممكن التعايش مع اتفاق نووى والحديث عن أن إيران لا تزال بعيدة عن أن تصنع قنبلة نووية» خلال فترة رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى نفتالى بينيت ورئيس الموساد الحالى دافيد بارنيع.

الخضوع لإيران
وفى هذا السياق أوضح المحلل الإسرائيلى، عامى دومبا، أنه «بالنظر إلى تغير اللهجة الإسرائيلية، قد يعتقد البعض أنهم قرروا فى إيران التخلى عن القنبلة، بعد الاستثمار فى عملية بنائها لنحو أربعة عقود، ومبالغ ضخمة وكذلك أرواح بشرية، لكن الواقع فإن القرار سياسى ليس إلا، وهناك معلومات إيرانية غير مرئية لإسرائيل أو أمريكا فيما يخص البرنامج النووى الإيرانى، علاوة على ذلك، لم يدخل مفتشو الأمم المتحدة مطلقًا إلى منشآت عسكرية فى إيران، أيضا منذ فبراير 2021، لم يُسمح لمفتشى الأمم المتحدة بالوصول أو حتى المشاهدة عن بُعد لتفقد المواقع التى تخصب فيها إيران اليورانيوم».

بدورها.. قالت صحيفة «معاريف» العبرية إن الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل يلعبون مسرحية «من سيرمش أولا»، موضحة أن «جميع الأطراف بدأت خلال الأسابيع القليلة الماضية وحتى الأيام الأخيرة فى إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية حول موضوع الاتفاق النووى، ويبدو أن هناك تغييرات ومفاجآت كثيرة تنتظرنا»

إضافة إلى ذلك، أفادت تقارير عبرية أن «إدارة بايدن أظهرت مزيدًا من المرونة فيما يتعلق بالعقوبات التى ستزيلها كجزء من العودة إلى الاتفاقية. هذه التنازلات قبل انتخاب رئيسى بحسب التقارير العبرية هى جزء من الأمور التى شجعت الرئيس الإيرانى الجديد على تعليق المفاوضات لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر والمضى قدما فى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%».

ويجرى الحديث فى إسرائيل أن وزير الجيش الصهيونى بينى جانتس أصبح أول زعيم إسرائيلى منذ توقيع الاتفاق النووى يخفف علنًا من المعارضة للاتفاق، حتى الآن عارض رئيس الوزراء الإسرائيلى الحالى نفتالى بينيت ورئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وجميع المسئولين الإسرائيليين الآخرين علانية العودة إلى الاتفاق.

من ناحية أخرى، أكد الموقع الاستخباراتى الإسرائيلى «ديبكا» أن إسرائيل خيبت آمال الجميع تمامًا مثل الولايات المتحدة. موضحا أنه لا يعنى أن هذا التنازل الإسرائيلى سيغير الوضع بالنسبة للإيرانيين، وخلف الكواليس، يقول الإيرانيون أنهم ليسوا فى عجلة من أمرهم للتوصل إلى اتفاق نووى جديد وأن هذه ليست أولويتهم.
 

الدور الأمريكي
وقال السفير أحمد القويسنى، مساعد وزير الخارجية الأسبق: بالنسبة لإسرائيل البرنامج النووى الإيرانى يشكل خطرًا وجوديًا عليها لعشرات الأسباب منها تاريخية وجغرافية وعرقية ومذهبية ودينية، هذا إلى جانب تسابق القوى الإقليمية؛ الأمر الذى يجعل هناك تصادمًا وتناقضًا إستراتيجيًا ما بين إيران وإسرائيل، ويتضح فى تحليل الخطاب السياسى الإيرانى الموجهة لإسرائيل أو المذكور فيه إسرائيل نموذج أحمدى نجاد وبالتالى على إسرائيل أن تستعد لإدارة أو القضاء على هذا الخطر الوجودى.

وتابع: هل فى مصلحة أمريكا وهى تواجه الصعود الصينى حاليًا أنها تدخل حربا مع إيران؟ من المؤكد لا؛ لأن إيران ليست فى مقدمة أعداء الولايات المتحدة ربما أفغانستان تسبقها بكثير، روسيا والصين يسبقونها بكثير وهى تأتي متأخرة فى قائمة الأعداء.


وفيما يخص الخطة البديلة لإسرائيل لمجابهة الخطر النووى، عقب «القويسني» عليها بقوله: طبيعى أن تلتقى الاستجابة الأمريكية مع الاستجابة الإسرائيلية فى عديد من النقاط، ومن الطبيعى أيضا أن تختلف فى نقاط إستراتيجية وجوهرية كثيرة جدًّا، وهذا يفسر وجود خطة إسرائيلية مختلفة عن الخطة الأمريكية لطبيعة اختلاف الخطر وتصنيفه فتتسق إسرائيل مع الولايات المتحدة الأمريكية فى إجراءاتها وعقوباتها وحصارها لإيران وتصميمها على عدم وصول إيران للعتبة النووية ودفع منظمة الطاقة الدولية لتعزيز وسائل المراقبة والمتابعة للبرنامج النووى الإيرانى، لكن إذا كان تدمير هذا البرنامج أولوية قصوى ومصلحة إستراتيجية لإسرائيل فهو ليس أولوية قصوى للولايات المتحدة ولا مصلحة إستراتيجية للولايات المتحدة.


كما أشار إلى أن «إيران أيضا ليس لديها مصلحة فى دخول حرب مفتوحة مع إسرائيل لأن الأخيرة ستعطل الجهد الإيرانى للوصول للعتبة النووية، هذا إلى جانب أسباب عديدة أخرى، منها المقاطعة المفروضة عليها الولايات المتحدة والتى أوصلتها إلى صفر تصدير بترول مثلًا، الأمر ذاته بالنسبة لإسرائيل فهى ليست لديها مصلحة فى مثل هذه الحرب حيث تستطيع إيران تحمل تدمير إسرائيل لـ عشر مدن إيرانية كشعب كبير على مساحة مترامية إنما لا تستطيع إسرائيل تحمل اختفاء عشر مدن إسرائيلية حال دخولها حرب مع طهران»

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية