رئيس التحرير
عصام كامل

قضايا سد النهضة والإرهاب والشرق الأوسط تتصدر رسائل السيسي أمام الأمم المتحدة

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

شهد الأسبوع الرئاسي نشاطا خارجيا مكثفا حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي الفريق ركن محمد علي المقدشي وزير دفاع الجمهورية اليمنية، وذلك بحضور الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وبمشاركة السفير اليمني بالقاهرة محمد علي مارم.

 

وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن وزير الدفاع اليمني نقل تحيات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي إلى السيد الرئيس، مثمنًا علاقات التعاون بين مصر واليمن في كافة المجالات خاصة على الصعيدين العسكري والأمني، كما أعرب عن تطلع بلاده لاستمرار مصر وكأكبر دولة عربية في دعم الجهود السياسية الهادفة لاحتواء الوضع في اليمن وإنهاء الأزمة الإنسانية بها.

 

وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس طلب نقل تحياته إلى أخيه الرئيس عبد ربه منصور هادي، مؤكدًا موقف مصر الثابت بدعم كافة الجهود للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية يحقق استقرار اليمن ووحدة واستقلال أراضيه، ويلبي طموحات الشعب اليمني وانفاذ إرادته الحرة وينهي التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي اليمني، مشددا على ان تلك هي مبادئ وثوابت السياسة المصرية، وأن مصر لن تدخر جهدًا لمساعدة اليمن الشقيق في بلوغ تلك الاهداف.


كما شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي عبر الفيديو كونفرانس في اجتماع "رؤساء الدول والحكومات حول المناخ"، على هامش أعمال الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك برئاسة بوريس جونسون رئيس وزراء بريطانيا، وبمشارك لفيف من رؤساء الدول والحكومات حول العالم، وأنطونيو جوتيريش سكرتير عام الأمم المتحدة.

 

وقال السفير بسام راضي أن مشاركة الرئيس في هذا الاجتماع الهام جاءت في ضوء بدء مرحلة جديدة على صعيد عمل المناخ الدولي، لما أصبح يمثله تغير المناخ وتداعياته السلبية من تهديد يواجه البشرية.

 

وأكد الرئيس خلال الاجتماع على أهمية تحمل الدول المتقدمة لمسئولياتها في خفض الانبعاثات تنفيذًا لالتزاماتها الدولية في إطار اتفاق باريس والاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، خاصةً مع ما شهدته مؤخرًا مناطق شتي حول العالم من حرائق غابات واسعة النطاق، والتي أكدت أن تغير المناخ قد بات حقيقة مفزعة تستدعي التحرك الفوري لمواجهتها.

 

كما شدد الرئيس على ضرورة التعامل بجدية مع أي إجراءات أحادية تساهم في تفاقم تبعات تغير المناخ، وفي مقدمتها إقامة السدود على الأنهار الدولية دون توافق مع دول المصب على قواعد ملئها وتشغيلها، وذلك في إطار الجهود الرامية للتعامل مع قضايا التكيف مع تغير المناخ، والتي تمثل جانبًا شديد الأهمية من عمل المناخ الدولي وأولوية قصوى للدول النامية، خاصةً في القارة الأفريقية التي تعاني من التبعات الأشد وطأة لهذه الظاهرة، لاسيما المتعلقة بندرة المياه والجفاف وتصحر الأراضي وتهديد الأمن الغذائي.

 

كما أشار الرئيس إلى أهمية العمل على خروج الدورة القادمة لمؤتمر الامم المتحدة حول التغير المناخي برئاسة المملكة المتحدة بنتائج ملموسة على صعيد تمويل عمل المناخ وآلياته، خاصةً ما يتعلق بجهود التكيف وصندوق المناخ الأخضر، وذلك على نحو يساهم في تعزيز عمل المناخ بالدول النامية ويرفع عن كاهلها الكثير من الأعباء لاسيما في ظل الفجوة الراهنة في تمويل المناخ بين ما تحتاجه الدول النامية لتنفيذ التزاماتها وبين ما هو متاح.

 

وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس أعلن عن تطلع مصر إلى استضافة الدورة الـ ۲۷ لقمة تغير المناخ في ۲۰۲۲ بالإنابة عن القارة الأفريقية، ومشددًا على أن مصر ستعمل على أن تكون تلك الدورة نقطة تحول جذرية في عمل المناخ الدولي بالشراكة مع كافة الأطراف، وذلك لمصلحة القارة الأفريقية والعالم أجمع.


وقال السفير بسام راضي أن الرئيس أكد في بيان مصر أمام الجمعية العامة للامم المتحدة "ان نهر النيل هو شريان الوجود الوحيد لمصر وان سياسة فرض الأمر الواقع باتت تنذر بتهديد واسع لأمن واستقرار المنطقة بأكملها".


وجاء بيان الرئيس السيسي:

أود فى البداية، أن أعرب عن تهنئتى لكم ولبلدكم الصديق على توليكم رئاسة هذه الدورة للجمعية العامة للأمم المتحدة راجيا لكم النجاح والتوفيق فى أعمالها. 



ويطيب لى أن أشيد بالدور البناء، الذى يقوم به السكرتير العام للأمم المتحدة عبر سعيه الدءوب لتنفيذ مبادئ ميثاقها.. الذى ظل دستورا للعلاقات الدولية.. ومرجعا لها لما يتجاوز خمسة وسبعين عاما ويبقى أملا فى تكريس نظام عالمى قائم على القانون، والعمل على إرساء السلام.

 

إن استمرار الجائحة العالمية منذ قرابة العامين أثبتت مجددا أن البشرية مثلما تتشارك فى الأخوة الإنسانية فإنها عرضة كذلك للتشارك فيما تواجهه من تحديات.. مهما تفاوتت مستويات تقدمها.

 

وهنا تجدر الإشارة، إلى ما يحمله موضوع دورة الجمعية العامة لهذا العام من أهمية إذ لخص ما نحن بحاجة إليه فى عالم اليوم.. من صمود فى مواجهة وباء "كوفيد-۱۹" وأمل فى التعافى منه الأمر الذى يلقى الضوء على أهمية تذليل الصعوبات.. أمام توفير اللقاحات لمختلف دول وشعوب العالم وضمان توافرها بصورة عادلة ومتساوية.. بل ويكسبها أولوية قصوى.



ومن هذا المنطلق، اسمحوا لى أن أستعرض من خلال هذا المحفل المهم  رؤية مصر - كعضو مؤسس للأمم المتحدة ولعدد من المنظمات الإقليمية - للواقع الدولى وإسهاماتها فى مواجهة التحديات التى يشهدها عالمنا اليوم.


تقدر الدولة المصرية خطورة التباين فى مسارات التعافى الاقتصادى بين الدول.. وفقا لقدرتها على توفير الأعداد اللازمة من اللقاحات حيث تستأثر الدول المتقدمة بالنصيب الأكبر من إنتاج العالم منها وتشير مصر على وجه الخصوص، إلى ضرورة الاستجابة السريعة والفعالة لاحتياجات القارة الإفريقية حيث باتت قارتنا الأكثر تضررا من تداعيات الجائحة فى الوقت الذى تواجه شعوبها تحديات أخرى.. لا تقل خطورة عن فيروس "كورونا" ولذا حرصت مصر على توطين صناعة اللقاحات ليس فقط لتلبية احتياجات مواطنيها ولكن أيضا للتصدير إلى القارة الإفريقية.

 

إن الظروف الراهنة إنما فاقمت واقعا تكرس على مدى عقود وهو القصور فى التعاون الإقليمى والدولى وعكست أهمية مراعاة توسيع نطاق الدعم الدولى للعالم النامى ليشمل مجموعة الدول متوسطة الدخل فالثقل السكانى لهذه المجموعة من الدول يمنحها أهمية محورية.. كونهــا تضم غالبية سكان العالـم لذا فهى مركز أساسى لاستهلاك السلع والخدمات على المستوى الدولى ومحرك رئيسى للنمو الاقتصادى العالمى.

وعلى ضوء التحرك الدولى لإصدار ما قيمته نحو "650" مليار دولار من حقوق السحب الخاصة فى إطار صندوق النقد الدولى ترى مصر أهمية بالغة فى استطلاع السبل الملائمة.. لتوظيف هذه الموارد لخدمة احتياجات العالم النامى.. بما يشمل الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.

 

وفى هذا الإطار، تدعو مصر إلى تخفيف أعباء الديون عن الدول النامية وخاصة الإفريقية والدول متوسطة الدخل وتيسير شروط الاقتراض من المؤسسات الدولية والإقليمية من خلال إمدادها بأدوات للتمويل الميسر وتشجيع الاستثمارات وضمان استمرار تدفقها إلى هذه الدول لما تمثله هذه الإجراءات من عامل حيوى فى دعم الجهود الوطنية للتنمية.. وفقا للأجندات التنموية الإقليمية والدولية ذات الصلة.

 

إن اقتناعنا راسخ، بأن التنمية تضم إطارا شاملا، لمجموعة واسعة من الحقوق اللازمة للنهوض بالفرد.. وتوفير سبل الحياة الكريمة للمجتمعات. 


ومن هذا المنطلق، طبقت مصر سياسات الإصلاح الاقتصادى التى مكنتنا من تنفيذ برامج اجتماعية طموحة، لصالح الفئات الأولى بالرعاية ونجحت فى تحقيق أهداف التنمية المســـتدامة فـــــى مختلــــف محافظــات مصـــر.

 

كما قامت بتقليص التفاوت التنموى بين الريف والحضر وذلك انطلاقا من إيماننا، بأن وصول الدولة المصرية بالخدمات الأساسية إلى كافة ربوع البلاد.. من شأنه أن يعزز المشاركة السياسية والمجتمعية كونه يخلق مناخا صحيا، يزدهر فى إطاره الفكر الحر، وتنشط فيه حركة الإبداع فتدفع بعجلة التقدم إلى الأمام.

 

تعى مصر جيدا الخطر الذى يمثله التدهور البيئى على كافة مناحى الحياة.. وعلى مستقبل الأجيال القادمة، بل وعلى وجودها خاصة تغير المناخ، الذى باتت آثاره السلبية واضحة للعيان فلقد شهدنا على مدار الفترة الماضية.. العديد من الظواهر المناخية القاسية فى كثير من دول العالم من فيضانات وأمطار غزيرة.. إلى الارتفاعات غير المسبوقة فى درجات الحرارة وحرائق الغابات صاحبتها تداعيات إنسانية واقتصادية واجتماعية.. باتت تمثل أعباء إضافية على كاهل الدول والحكومات، لتحقيق الرفاهة لشعوبها.

 

ومن منطلق مسئولياتنا الأخلاقية المشتركة تجاه الأجيال القادمة.. مع أهداف رؤيتنا الوطنية والتزاماتنا الدولية تبذل مصر قصارى جهدها لتعزيز التنسيق إزاء قضايا المناخ تفاديا للوصول إلى لحظة قد تصعب فيها العودة إلى الأوضاع المناخية الطبيعية بعدما يكون تغير المناخ قد بلغ مداه.. وبات ظاهرة عصية على المعالجة وعلى ضوء الدور المصرى النشط فى مفاوضات تغير المناخ فإننا نتطلع إلى استضافة الدورة السابعة والعشرين.. لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ عام 2022.

 

يظل الإرهاب كذلك، من أكبر التحديات التى تواجه الأسرة الإنسانية فى عصرنا الحالى حيث تنتهك هذه الظاهرة الحقوق الأساسية للمواطنين وفى مقدمتها الحق فى الحياة وتعيق جهود الحكومات.. نحو بلوغ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لشعوبها.

 

لذلك تشدد مصر، على أنه لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا من خلال مواجهة الفكر التكفيرى والمتطرف، المتسبب فى تلك الظاهرة البغيـضـــة وذلك فـــــى إطــــار مقـاربـــــة شـــــاملة لا تقتصر فقط على المواجهة الأمنية للإرهابيين وتنظيماتهم بل تشمل أيضا أبعادا اقتصادية واجتماعية وتنموية وفكرية تجفف منابع الإرهاب.. وتعالج الظروف والعوامل التى تدفع البعض إلى هذا الطريق الإجرامى وهى مقاربة كما تتطلب جهدا وطنيا.. فإنها تستلزم تعاونا دوليا ومن هنا، أود تأكيد أهمية احترام كافة الدول، لالتزاماتها بموجب القانون الدولى وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

 

ونشدد فى هذا الصدد، على أهمية محاسبة الدول التى ترعى الإرهاب وتحتضن عناصره بمن فى ذلك المقاتلون الإرهابيون الأجانب وتوفر لهم الملاذ والدعم أو تسهل انتقالهم عبر أراضيها.. بما يهدد السلم والأمن الدوليين.

 

إن مصر تحرص على تعزيز حقوق الإنسان لمواطنيها وتبذل لتحقيق هذه الغاية جهودا حثيثة فى إطار من احترام مبادئ المواطنة وسيادة القانون وتدرك الدولة المصرية تماما.. أن الإنسان المصرى يأتي فى القلب من منظومة التنمية الشاملة، التى تحرص على تنفيذها إعلاء لكرامته وضمانا لحقوقه وحرياته.

 

ولقد عكست منظومة حقوق الإنسان مؤخرا فى مصر، تطورا جليا اتصالا بما يتضمنه الدستور المصرى وتعديلاته.. من مواد تضمن الحقوق والحريات العامة وما لذلك من انعكاسات على تحديث التشريعات ذات الصلة ولعل "الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التى أطلقتها مصر منذ أيام بناء على تشاور مجتمعى وبمساهمة المجتمع المدنى هى خير دليل على المقترب الشامل والبناء الذى تنتهجه بلادى إزاء موضوعات وقضايا حقوق الإنسان.

 

لقد جاء انتخاب مصر لرئاسة الدورة الحالية الخامسة عشرة، للجنة الأمم المتحدة لبناء السلام ليكلل مسيرة متواصلة من الإسهام المصرى الفاعل لتعزيز وتفعيل هيكل الأمم المتحدة لبناء السلام، منذ إنشائـه عام ٢٠٠٥ كما يجسد ثقة المجتمع الدولى، فى قدرة مصر على قيادة الجهود الأممية فى هذا الشأن على ضوء إحرازها المرتبة السابعة، بين الدول المساهمة بقوات عسكرية وشرطية - رجالا ونساء - فى عمليات حفظ السلام الأممية.


لقد أكدت مصر مرارا.. أنه لا سبيل لاستقرار الشرق الأوسط، دون التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل للقضية الفلسطينية التى كانت ومازالت القضية المركزية للأمة العربية وذلك عبر التفاوض استنادا إلى مقررات الشرعية الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967.. وعاصــــــمتها "القــــدس الشــــــرقية" من هذا المنطلق، تؤكد مصر أهمية تثبيت وقف إطلاق النار.. الذى تم التوصل إليه فى ۲۰ مايو ۲۰۲۱ كما تدعو مصر المجتمع الدولى.. لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الأوضاع المعيشية للشعب الفلسطينى.. وإيصال المساعدات الإنسانية إليه وحث الأطراف المانحة على دعم وكالة "الأونروا" تمهيدا للقيام بعملية إعادة الإعمار فى قطاع "غزة" أخذا فى الاعتبار ما أعلنته مصر من تخصيص "500" مليون دولار لإعادة الإعمار.

 

إن منطقة الشرق الأوسط، كما تتسم بموقع استراتيجى فريد فإنها تحتل أيضا موقعا متقدما على قائمة مناطق العالم الأكثر اضطرابا مما يضيف إلى التحديات العالمية المشتركة التى تواجهها دول المنطقة تحديات أخرى ذات خصوصية بدولها إذ بات مفهوم الدولة الوطنية القوية المتماسكة مهددا بعوامل اضطراب متعددة يكمن جوهرها فى الانقسام والتشرذم بأنواعه المختلفة سواء كان طائفيا أو سياسيا أو عرقيا مما يجعل دولا غنية بمواردها الطبيعية وتاريخها وحضارتـــــها العــــريقـة كـ"العـــــــــــراق" الشــقيق أو بثقافتها وتنوعها الدينى والعرقى، كـ"لبنان" و"سوريا" أو بمواردها وثرواتها وموقعها المتميز، کـ"ليبيا" أو بموقعها الاستراتيجى، كـ"اليمن" تعانى كل هذا الكم من التحديات الضخمة وهو ما يؤكد أنه لا غنى عن إعلاء مفهوم الدولة الوطنية الجامع الذى لا يفرق بين أبناء الوطن الواحد ويحول دون التدخل فى الشئون العربية.

 

إن مصر ترتبط ارتباطا وثيقا بواقعها الإفريقى.. الذى تعتز به كثيرا والذىلا يرتبط فقط بموقعها الجغرافى.. ولكنه يتصل عضويا بوجودها  ويهمنى فى هذا المقام.. إيضاح أن تحقيق التعاون بين دول القارة..لن يتأتى من خلال تحديد طرف واحد لمتطلبات طرف آخر وإنما يتعين أن تكون تلك العملية متبادلة  فمصر التى تعترف بحقوق أشقائها التنموية تعد من أكثر الدول جفافا.. ويظـل شعبها تحت حد الفقر المائى.. ويشكل نهر النيل شريان وجودها الوحيد عبر التاريخ وهو ما يفسر القلق العارم، الذى يعترى المواطن المصرى إزاء سد النهضة الإثيوبى ولعلكم تعلمون جميعا، ما آلت إليه المفاوضات الدائرة منذ عقد من الزمن بين مصر وإثيوبيا والسودان جراء تعنت معلوم، ورفض غير مبرر، للتعاطى بإيجابية مع العملية التفاوضية فى مراحلها المتعاقبة واختيار للمنهج الأحادى وسياسة فرض الأمر الواقع ما بات ينذر بتهديد واسع.. لأمن واستقرار المنطقة بأكملها.

 

وتداركا لعدم تطور الأمر إلى تهديد للسلم والأمن الدوليين لجأت مصر لمجلس الأمن للاضطلاع بمسئولياته فى هذا الملف ودعم وتعزيز جهود الوساطة الإفريقية..عن طريق دور فاعل للمراقبين من الأمم المتحدة والدول الصديقة ولا تزال مصر تتمسك بالتوصل – فى أسرع وقت ممكن - لاتفاق شامل متوازن وملزم قانونا حــول مـــلء وتشـــغيل ســـد النهضــــة الإثيوبــى حفاظا على وجود "150" مليون مواطن مصرى وسودانى وتلافيا لإلحاق أضرار جسيمة بمقدرات شعبى البلدين مستندين فى ذلك، ليس فقط إلى قيم الإنصاف والمنطق ولكن أيضا إلى أرضية قانونية دولية صلبة رسخت لمبدأ الاستخدام العادل والمنصف، للموارد المائية المشتركة فى أحواض الأنهار الدولية.


قبل أن أختتم حديثى إليكم، أود أن أشير بشكل خاص إلى ما يمثله العمل متعدد الأطراف من أهمية بالغة تتضاعف مع مرور الزمن نظرا لزيادة التحديات وتنامى المخاطر.. ونشوء مصاعب مستجدة على عالمنا فيظل العمل متعدد الأطراف وسيلة للنجاة من احتدام المواجهات.. وتصاعد الخلافات.

 

إن ما يشهده عالمنا اليوم من تحديات متتالية.. يحتم علينا أن تكون لنا وقفة مراجعة تهدف إلى تسخير الموارد اللازمة.. لمواجهتها كأولوية متقدمــــة.. حفاظــــا علـــى الإنســـانية بأســــرها هذا نداء توجهه مصر إلى أشقائها فى الإنسانية: "دعونا نتكاتف لننقذ أنفسنا قبل فوات الأوان.. معتمدين فى تحقيق هدفنا على قوة المنطق.. لا على منطق القوة..شكرا لكم على حسن استماعكم..وأرجو لنا جميعا دورة موفقة وناجحة.


وفي السياق أكد الرئيس السيسى، أن مصر انخرطت في صياغة موقف أفريقي موحد يعكس أولويات شعوب القارة، وخصوصية تحدياتها ذات الصلة بالأمن الغذائي.

 

وأضاف الرئيس السيسى أمام قمة النظم الغذائية 2021 على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن مصر انضمت إلى تحالف التغذية المدرسية إيمانًا بضرورة توفير غذاء صحي للطالبات والطلاب. 

 

وجاءت تفاصيل كلمة الرئيس السيسي كالتالي:

أود بداية، أن أتقدم بخالص الشكر للسيد أنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة على مبادرته بالدعوة لهذه القمة المهمة وحرصه على أن تعقد في موعدها بشكل افتراضي دون تأجيل، بالرغم من كافة الصعاب والتحديات التي أصبحنا نواجهها بشكل يومي ارتباطًا بالتبعات السلبية لجائحة "كورونا".

 

تعقد قمتنا اليوم، في خضم لحظة محورية دقيقة يعيشها عالمنا تتطلب منا بذل المزيد من الجهد للتصدي للتحديات المركبة التي يتعين علينا مواجهتها ولعلكم تتفقون معي، أن تأسيس نظم غذائية مستدامة تحقق الأمن الغذائي لمجتمعاتنا لهي مسألة تأتي على رأس أولوياتنا جميعًا خاصة وأنه في ظل تفاقم ظاهرة تغير المناخ وما تتسبب فيه من ارتفاع في معدلات درجات الحـرارة ونـدرة في الميـاه، وتدهور لجودة التربة وتصحر لمساحات هائلة من الأراضي الزراعية وتبعات ذلك الاقتصادية والاجتماعيــة، وكذلك على الأمـــن الغذائي فضلًا عن الأوضاع السياسية المعقدة في بعض الأنحاء فإن خطر المجاعة بات يهدد الكثير من مناطق العالم خاصة في أفريقيا ويتطلب إيجاد حلول سريعة وفعالة لإنقاذ الملايين من البشر - غالبيتهم من النساء والأطفال - من هذا التهديد الوجودي الذي يحد من قدرة الدول والحكومات على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة بكافة مشتملاتها.

 

ومن هنا، فلقد أدركت مصر منذ وقت مبكر ما تمثله هذه القمة من فرصة مواتية لطرح أفكار وحلول لتلك التحديات فضلًا عن الدور الذي يمكن أن تضطلع به في تعزيز التعاون الدولي وحشد التمويل اللازم في هذا الصدد وعليه، فقد سارعت مصر بالقيام بدورها في إطار العملية التحضيـرية للقمة وطنيًـا وإقليميًا.

 

فعلى المستوى الوطني، دشنت مصر حوارًا وطنيًا شاملًا، منذ ديسمبر ۲۰۲۰ ضم كافة المؤسسات الحكومية المعنية، وممثلي القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني أسفر عن التوافق على وثيقة وطنية للتحول إلى نظام غذائي صحي ومستدام كما انضمت مصر إلى تحالف "التغذية المدرسية" اقتناعا منها بأهمية توفير غذاء صحي للطالبات والطلاب وبمحورية مساهمة الشراكات الدولية في تحقيق هذا الهدف حيث باتت مصر إحدى أكبر الدول تنفيذًا لهذا البرنامج في المنطقة.

 

أما على المستوى الإقليمي، فانخرطت مصر في صياغة موقف أفريقي موحد خلال القمة يعكس أولويات شعوب القارة، وخصوصية تحدياتها ذات الصلة بالأمن الغذائي، ونعتزم استمرار العمل مع أشقائنا الأفارقة لمواجهة هذه التحديات سعيًا للإسراع في تنفيذ "أجندة الاتحاد الأفريقي ٢٠٦٣".

 

إنني لعلى ثقة، أن ما ستشهده قمتنا من مداولات ونقاشات ثرية ستساهم في دعم عملنا تجاه تحقيق الأمن الغذائي لمواطنينا وفي ترسيخ الحق في الغذاء كأحد الحقوق الأساسية للشعوب، ومن ثم، ففي تقديري أن نجاحنا اليوم مرهون بمدى قدرتنا على الخروج بنتائج تساهم في صياغة نظام غذائي مستدام وطموح قابل للتنفيذ يراعي خصوصيات كل دولة وأولوياتها دون فرض رؤى أو نماذج محددة، وتوفير الدعم المطلوب، عبر تطوير آليات تمويلية خلاقة، وتعاون دولي فعال يجمع الدول بأطراف المنظومة الأممية وشركاء التنمية مع وضع آليات متابعة فعالة ومرنة - وطنيًا ودوليًا - تساهم في تحقيق أهدافنا المنشودة، وتطلعاتنا المشروعة لتلبية احتياجات شعوبنا جميعًا.

الجريدة الرسمية