رئيس التحرير
عصام كامل

الإمام الأعظم ودروس في التجديد!

إمام الأئمة وإمام الأمة ألقاب أطلقها الناس على الأمام أبي حنيفة لكن الأمة اجمعت على اللقب المستحق للفقيه العظيم حين لقبوه بـ "الإمام الأعظم"! ماذا يميز أبي حنيفة عن غيره إذن ليكون الإمام الأعظم؟ يميزه استخدام العقل في استنباط الأحكام وليس النقل وكذلك تميزه بالجرأة التي بدونها لما كان اجتهد وفكر وتوصل لما لم يتوصل إليه أحد قبله! 

كان أول من أجاز أن لا يقرأ الناس خلف الإمام تخفيفا عليهم.. فكيف استنبط الحكم؟ فكر واستند إلى الأية الكريمة (وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) هنا وجد آبي حنيفة أن سيدنا موسى عليه السلام يدعو ربه لكن الله سبحانه يرد بقوله (قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا)، ففهم أبي حنيفة أن سيدنا هارون كان يصدق بقلبه على دعاء موسى فكان الرد من الله عليهما معا.. ومن هنا أفتى بجواز تصديق المصلين بقلوبهم فقط خلف الإمام وهو ما نعمل به إلى اليوم!

 

وكان أن حكم القاضى ابن أبى ليلى بجلد امرأة مجنونة وهى واقفة لأنها سبت رجلا قائلة: "يا ابن الزانين" فحكم عليها بحدين فى بيت الله حدا لقذف الأب والثاني لقذف الأم وبلغ ذلك أبا حنيفة فقال: أخطأ ابن أبى ليلى فقد جلدها واقفة والنساء تضرب قعودا وأقام الحد فى المسجد والحدود لا تقام فى المساجد وضرب لأم الرجل حدا ولأبيه حدا وهذا لا يجوز ولو أن رجلا قذف جماعة فهل عليه الحد بعدد هذه الجماعة؟! ولذلك فالجمع بين الحدود لا يجوز كما أن أبوى الرجل لم يحضرا فيدعيا وخلاف هذا كله فالمرأة مجنونة والمجنونة ليس عليها حد"! 

هنا نقف امام حكمان لاثنين من كبار الفقهاء الأول طبق النص حرفيا والثاني اجتهد وفكر وفهم النص ومراده!

تشويه قضية التجديد

ويلخص الإمام الأعظم منهجه في عبارة واحدة خالدة لمن يستوعبها حيث يقول "إذا جاءنا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم  أخذناه وإذا جاءنا عن الصحابة تخيرنا وإذا جاءنا عن التابعين زاحمناهم" حيث يرى أن أقوال التابعين غير ملزمة وأن له حق الاجتهاد مثلهم فكان يقول: "قوم اجتهدوا فأجتهد كما اجتهدوا" ويقول: "هم رجال ونحن رجال"!

أبي حنيفة قال ذلك قبل ألف وثلاثمائة عام.. قريب العهد بعهد الرسول والخلفاء والصحابة.. فماذا يمكن أن نقول اليوم وقد تطورت الدنيا كل هذا التطور وبقيت الأحكام كما هي؟! أين أبي حنيفة وأين منهجه؟!

للأسف هناك قوى بعينها شوهت قضية التجديد.. لإدراكهم أن فيها يقظة مجتمعاتنا وضياع مصالحهم.. وكلام فارغ عن تغيير الدين نفسه وهو ما لا يمكن أن يصدقه أي عاقل!

الجريدة الرسمية