رئيس التحرير
عصام كامل

بحوث الصحراء يحول التين الشوكي إلى اقتصاد متكامل لأهالى مطروح| صور

زراعة التين الشوكي
زراعة التين الشوكي بالمعاملات الجيدة في مطروح

أكثر من نصف مليون نسمة يعيشون في محافظة مطروح ثاني أكبر محافظات مصر مساحة، وواحدة من أكثر المناطق جفافا فيها أيضا، يعتمد السكان المحليون في صحراء مطروح على اعمال الرعي والزراعة وتبقى مياه الأمطار هي الوسيلة الرئيسية لاستمرار حياة الأسر والعائلات في قلب الجفاف.
 

يولي المزارعون في مطروح اهتماما كبيرا بمحاصيل الزيتون والتين والعنب، وهي من العلامات المميزة للمحافظة، لكن مع المشكلات التي تواجه تلك المحاصيل بسبب الآفات وطبيعة المناخ والتربة وندرة المياه وعدم استغلال جل الموارد الطبيعية في المحافظة، توجه فريق علمي من مركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة بفكرة جديدة عبر مشروع بحثي يستهدف زيادة القيمة المضافة لاقتصاديات الزراعة في مطروح وجعلها مركز لزراعة وتصنيع منتجات التين الشوكي  الذي يلقى شهرة كبيرة في مصر ويرتبط لدى المصريين بفصل الصيف فقط كفاكهة طازجة ومحبوبة تباع في الشوارع مدة شهرين فقط كل عام.
 

فكرة المشروع الممولة من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وينفذها مركز بحوث الصحراء ترتكز على تعظيم القيمة الاقتصادية للتين الشوكي الأصفر والأحمر، والأخير هو أحدى النباتات البرية التي تنمو في منطقة وادي ماجد في مطروح، وهو ما يشكل ميزة نسبية لمحافظة مطروح ويمكنها من تأسيس اقتصاد كامل لأهالي المحافظة على مورد طبيعي من بيئتهم، من خلال تدريبهم على المعاملات الزراعية الجيدة والتصنيع المناسبة لإنتاج مصنعات غذائية متنوعة من فاكهة تحمل الكثير من الفوائد الصحية لجسم الإنسان، إلى جانب كونها مصدرًا مميزا للأعلاف الحيوانية وإضافاتها.

منتجات مشروع تعظيم الاستفادة من النباتات العصارية

الدكتورة فاطمة علي أحمد الباحث الرئيسي، رئيس الفريق البحثي لمشروع تعظيم الإستفادة من النباتات العصارية لتنمية المجتمعات بمحافظة مطروح، كشفت عن أن المشروع ركز على زراعة وإنتاج مجموعة مختارة من النباتات العصارية ذات القيمة الإقتصادية العالية مع تطبيق أساليب الممارسات الزراعية الجيدة، بما يضمن التخلص من الملوثات التى تعوق عمليات التسويق وتصنيع النباتات العصارية. 


وعلى رأس تلك النباتات كان التين الشوكي البري ذو اللون الأحمر الذي ينمو في الطبيعة بأودية مطروح إلى جانب ادخال صنف آخر من التين الأصفر، حيث تمت زراعة تجارب إنتاج التين الشوكي الاحمر من خلال إكثاره  بالمعاملات الزراعية الجيدة للحصول على أعلى إنتاجيه ممكنه منه، وأن التجارب جرت  في مزرعة المركز الإقليمي لحفظ وصيانة الأصول الوراثية النباتية المهددة بالإنقراض بمدينة الحمام بمحافظة مطروح والتابع للأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا ومزرعة مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح التابع لمركز بحوث الصحراء وبعض مزارع الأهالى بمدينة الحمام.
 

خلال حصاد التين الشوكي الأصفر في مطروح

ومن خلال المشروع تم تجهيز وتصنيع التين الشوكي الاحمر والأصفر للإستخدام الغذائى بهدف زيادة العائد الإقتصادى من زراعته فى المناطق الصحراوية وذلك بإنتاج العديد من المنتجات الجديدة مثل الأغذية الوظيفية – العصائر – المربات – المواد الملونة الطبيعية وغيرها من المنتجات الغذائية، إلى جانب تصنيع الصابون. 

مربي التين الشوكي الأحمر


وتؤكد الدكتورة فاطمة علي أن المشروع نجح في إنتاج عدد من المصنعات الغذائية من التين الشوكي الأحمر البري إلى جانب الصنف الأصفر عبر وسائل تصنيع وميكنة غير مكلفة، وإنتجنا عصير التين الشوكي الأحمر والأصفر، ومربى التين الشوكي الأحمر إلى جانب استخلاص اللوان الأحمر من التين وإضافته إلى المخبوزات التي تم إضافة نسبة من التين الشوكي إليها ونجحنا في تصنيعها، كما استخدمنا اللون الأحمر المستخلص من التين كبديل للألوان الصناعية لإنتاج اللبن الرايب الأحمر وحصلنا على نتائج مميزة تقارب إضافة الألوان الاصطناعية، وبالتالي فنحن أمام منتج طبيعي مستخرج من فاكهة طازجة يمكن أن يؤدي دور الألوان الاصطناعية.

اللبن الرايب والمخبوزات باضافات التين الشوكي الاصفر والاحمر

وإلى جانب تصنيع المنتجات الغذائية من التين الشوكي  ركز المشروع على تصنيع الأعلاف غير التقليدية ومركزاتها من التين الشوكي ومخلفات تصنيعه، وهو حل يستهدف أن يكون التين الشوكي مصدر لاستدامة عملية رعي الأغنام في مطروح التي تعاني من تدهور المراعى الطبيعية وتأثر الغطاء النباتى بسبب ندرة المياة والرعي الجائر وهو ما يزيد من ظاهرة إنقراض النباتات الطبيعية وظاهرة التصحر، وتدهور الثروة الحيوانية.

فرم مخلفات التين الشوكي لصناعة الأعلاف الحيوانية


وتؤكد الدكتور فاطمة علي أن التجارب التي أجراها المشروع خلال شهور أثبتت قدرة التين الشوكي على تخفيف الضغط على المراعي الطبيعية ونجحنا بالفعل في الوصول إلى منتجات أعلاف واعدة  من التين الشوكي، وهو ما يمثل رفع للقيمة المضافة  من المحصول.


صبار الأوليفيرا أيضا كان له دور في القيمة المضافة لمنتجات التين الشوكي التي عمل عليها الفريق البحثي حيث استخدم محتوى الصبار كمادة حافظة للعصائر المختلفة ومنها عصائر التين الشوكي ورايب التين الشوكي، إلى جانب عصائر مصنعة من فواكه آخرى كالمانجو والجوافة.


الجانب التوعوي والتدريبي من المشروع البحثي كان التحدي الأكبر، لإقناع المزارعين بالقيمة الاقتصادية الكبيرة لمورد بيئي مثل التين الشوكي سواء الأحمر البري أو الأصفر  وبالفعل نجح المشروع في جذب أعداد من المزارعين وعقد عدد من الأيام الحقلية والدورات التدريبية بغرض زيادة الوعى لزراعة التين الشوكي  إلى جانب النباتات العصارية الآخرى مثل الصبار والفرص التصنيعية سواء التصنيع الغذائى أو الأعلاف المرتبطه به، مما سوف يخلق العديد من فرص العمل ويحد من معدلات الفقر وتحسين المعيشة وبالتالى يساعد على زيادة الدخل فى المجتمعات الزراعية الصحراوية وإيجاد بيئة مواتية لتحفيزالإنتاج والنمو والتشغيل وخلق فرص عمل للشباب فى المناطق الصحراوية المهمشة.

مخبوزات بإضافات التين الشوكي


من جانبه أكد المهندس محمود الأمير مدير مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح، أن المركز يعمل على اقتناص الفرص التي وفرها المشروع البحثي لتعظيم الإستفادة من النباتات العصارية لتنمية المجتمعات، وأهمها التين الشوكي لتوطين ونشر زراعته على مساحات كبيرة داخل مطروح ليشكل أحد الأعمدة الاقتصادية الهامة في المحافظة في الجانب الزراعي والتصنيعي، نظرًا للقيمة المضافة التي تمكن المشروع من إبرازها عمليًا في التين الشوكي وخاصة الصنف الأحمر البري الموجود في البيئة الطبيعية للمحافظة.

ولفت إلى أن المركز يعمل على التنسيق مع المشروع البحثي لزيادة تعزيز قدرات أهالي مطروح على التصنيع الغذائي والاعلاف من خلال التين الشوكي، من خلال التدريب على عمليات التصنيع، إلى جانب توفير الماكينات اللازمة للتصنيع للأهالي لدفع هذا الاقتصاد الجديد إلى الأمام وتهيأته ليكون قادر على تسويق نفسه بشكل كبير، مشيرًا إلى أن هناك عدد من المزارعين أنطلقوا فعليا في زراعة مساحات من التين الشوكي بعد النجاح الذي حققة المشروع البحثي في عمليات الزراعة والتصنيع.


مؤخرا نجح مشروع تعظيم الإستفادة من النباتات العصارية في الفوز بجائزة أفضل عرض تسويقى لوحدات المنتجات على هامش المؤتمر الدولى لصون الطبيعة ومواردها – نحو تفعيل إستراتيجية 2030 ومابعدها والذى تم عقده بمدينة شرم الشيخ فى الفترة من 28-31 أغسطس 2021 ونظمته أكاديمية البحث العلمي وشارك فيه  20 مشارك من الجامعات المصرية والمراكز الإقليمية التابعة للأكاديمية.

الجريدة الرسمية