رئيس التحرير
عصام كامل

هل يجوز صلاة الرجل بامرأته فقط جماعة؟

امامة الرجل لزوجته
امامة الرجل لزوجته بالمنزل

هل يجوز شرعا أن يؤدي الزوج والزوجة صلاة الجماعة بحسب مذهب أبي حنيفة؟ وهل صلاة الجماعة  تستلزم وجود رجلين حتى وإن كان أحدهما صبيا. أم يمكن صلاة الرجل بزوجته ؟

وأجاب الشيخ حسن مأمون مفتي الديار المصرية الأسبق قائلا: 


المقرر في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه يصح انعقاد صلاة الجماعة في الصلوات المفروضات -غير الجمعة- بعدد أقله شخصان؛ إمام ومأموم، ولا يشترط فيهما أن يكونا ذكرين، فتصح جماعة الرجل وزوجته.


يقول العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع ": ( وأما بيان من تنعقد به الجماعة فأقل من تنعقد به الجماعة اثنان، وهو أن يكون مع الإمام واحد،  لقول النبي صلى الله عليه وسلم:  ( الاثنان فما فوقهما جماعة )، ولأن الجماعة مأخوذة من معنى الاجتماع، وأقل ما يتحقق به الاجتماع اثنان، وسواء كان ذلك الواحد رجلا كان أو امرأة، أو صبيا يعقل،  لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمى الاثنين مطلقا جماعة، ولحصول معنى الاجتماع بانضمام كل واحد من هؤلاء إلى الإمام  .

صحة الصلاة 

وبهذا يتضح أن ما ذكر في السؤال من أن صحة صلاة الجماعة تتوقف على وجود اثنين من الذكور على الأقل مع المرأة غير صحيح.وهناك فرق عند الحنفية بين جواز الجماعة بين الرجل والمرأة وبين محاذاتها إذا صليا  معا ؛ فالأولى جائزة،  والثانية ممنوعة تفسد الصلاة.

صلاة الرجل 

يقول العلامة الكاساني في "البدائع": ( ويجوز اقتداء المرأة بالرجل إذا نوى الرجل إمامتها، وروى الحسنُ عن أبي حنيفة أنها إذا وقفت خلف الإمام جاز اقتداؤها به وإن لم ينوِ إمامتها، ثم إذا وقفت إلى جنبه فسدت صلاتها خاصة لا صلاة الرجل، وإن كان نوى إمامتها فسدت صلاة الرجل، وهذا قول أبي حنيفة الأول ).
ومما استدل به الحنفية على أن محاذاة المرأة للرجل في الصلاة إذا نوى إمامتها تفسد صلاة الإمام ما ذكره الكاساني في "بدائع الصنائع" قائلا: (ولنا ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: "أقامني النبي صلى الله عليه وسلم واليتيم وراءه وأقام أمي أم سليم وراءنا " جوز اقتداءها به عن انفرادها خلف الصفوف، ودل الحديث على أن محاذاة المرأة مفسدة صلاة الرجل،  لأنه أقامها خلفهما مع نهيه عن الانفراد خلف الصف، فعلم أنه إنما فعل صيانة لصلاتهما).

شروط المحاذاة  

وحد المحاذاة المفسدة للصلاة مختلف فيه عند الحنفية على قولين:
الأول: أن تقع المحاذاة بقدم المرأة لأي شيء من أعضاء الرجل، وبه قال بعض الحنفية. والثاني: أن تقع المحاذاة منها بالكعب والساق، قال العلامة الزيلعي: وهو الأصح، فالمحاذاة إذا وقعت بغير قدمها وكعبها وساقها لا توجب فساد الصلاة باتفاق.

ومما تنتفي به المحاذاة أن يكون بين المرأة والرجل حائل بمقدار مؤخرة الرحل، سمكه قدر الأصبع، ومؤخرة الرحل هي: الخشبة التي يستند إليها راكب البعير، وهي قدر عظم الذراع، وهو نحو ثلثي ذراع. 

وكذلك تنتفي المحاذاة بوجود فرجة أي مساحة فارغة بمقدار ما يتسع لرجل، قال العلامة كمال الدين بن الهمام في كتابه "فتح القدير" (  لايكون بينهما حائل، فلو كان منع المحاذاة، وأدناه قدر مؤخرة الرحل؛ لأن أدنى الأحوال القعود، ومؤخرة الرحل جعلت للارتفاق بها فيه فقدرناه بها، وغلظه مثل الأصبع، والفرجة تقوم مقام الحائل، وأدناها قدر مقام الرجل).

الأفضل صلاتها بالمسجد 

ومما سبق يتبين أنه بحسب مذهب الإمام أبي حنيفة تصح صلاة الرجل وزوجته جماعة في غير صلاة الجمعة دون حاجة لانضمام شخص ثالث من جنس الذكور- وإن كان الأفضل أن يصلي الجماعة في المسجد- وأن الواجب حينئذ ألا تحاذي المرأة بقدمها أو كعبها وساقها شيئا من بدن الرجل، فتتأخر عنه بحيث يكون موقفها خلف الإمام أو يكون بينها وبينه حائل بمقدار مؤخرة الرحل كما تقدم، أو فرجة تتسع لمقام رجل آخر.

الجريدة الرسمية