رئيس التحرير
عصام كامل

مأساة طالبة

صعب على النفس أن تقترب من حلمك وتكاد تلامسه ثم يتحول هذا الحلم إلى كابوس ينغص عليك حياتك، والأصعب.. أن يكون الفقر هو المتسبب في أخذك من منطقة الأحلام إلى منطقة الكوابيس، وهذا كفيل بكسر النفس، وإيمان.. طالبة الثانوية العامة مكسورة نفسها بفعل الفقر.

اجتهدت إيمان ابنة الفلاح البسيط في أن توازن بين دراستها من ناحية.. ومساعدة والدها في أعمال الفلاحة من ناحية ثانية، لكنها اعتبرت أن الوقت الذي خصصته لمساعدة والدها امتداد لوقت المذاكرة، ففيه كانت تردد مع نفسها ما حصلته من معلومات طوال اليوم، فإذا خلدت إلى الراحة ذهبت بخيالها إلى ذلك الحلم الذي داعبها منذ الصغر، حلم اختزلت كل ألوانه في لون واحد هو اللون الأبيض، لم يكن لون فستان الزفاف، لكنه لون (البالطو) الذي ترتديه عندما تلتحق بكلية الطب.

اجتهدت إيمان طوال العام الدراسي، ثم تبدد حلمها بظهور النتيجة، عندما إكتشفت أن بضع درجات تفصلها عن تحقيق حلمها. أما كسرة النفس فتجلت عندما زارتها زميلتها التي نجحت بدرجات أقل، وأبلغتها أنها سوف تلتحق بكلية الطب في إحدى الجامعات الخاصة.

انصرفت الزميلة وراحت إيمان في عزلة لم يقطعها إلا صوت والدها الذي سألها.. هي دراسة الطب في الجامعات الخاصة مصروفاتها كام يا بنتي؟ ردت إيمان.. أكثر من مائة ألف جنيهًا في السنة، هذا بخلاف تكلفة السكن والمعيشة في المدينة، فرد الأب.. يا خبر أسود، يعني السبع سنوات دراسة تكلفتها أكتر من مليون جنيه، وأنا لو بعت حتة الأرض والبيت وعشنا في الشارع لن يكفي لسداد مصروفاتك، طيب إيه رأيك يا إيمان تدخلي معهد تمريض، وتضمني وظيفة بمجرد التخرج، إسمعي كلامي يا بنتي.

انصرف الأب الذي ضاعف بعفويته وطيبته كسر إبنته نفسيًا، وبقيت إيمان في عزلتها، تلعن الفقر الذي حرمها من حلمها، وبقيت دهشتي من مصروفات الجامعات الخاصة المبالغ فيها، ومن طرق تعليم يلعب المال دورًا أساسيًا فيها.

إيمان نموذج لمئات الحالات التي قتل الفقر أحلامهم.

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية