رئيس التحرير
عصام كامل

دار الإفتاء توضح فضل التوبة في يوم عاشوراء

يوم عاشوراء
يوم عاشوراء

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه “ ارتكبت كثيرًا من المعاصي والذنوب، وعاهدت الله أن لا أعود إليها، وقد سمعت في هذه الأيام من أحد المشايخ أن التوبة في يوم عاشوراء مقبولة كما تاب الله على سيدنا آدم عليه السلام فما مدى صحة ذلك؟”، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: 

من فضائل عاشوراء أن الله تعالى جعله زمانًا لقبول التوبة وإجابتها؛ فعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنْ كُنْتَ صَائِمًا شَهْرًا بَعْدَ رَمَضَانَ فَصُمِ الْمُحَرَّمَ؛ فَإِنَّهُ شَهْرُ اللهِ، فِيهِ يَوْمٌ تَابَ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ، وَيَتُوبُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ» رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، والترمذي في "الجامع" وحسنه"، والدارمي في "السنن". 

 

فضل يوم عاشوراء 

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعًا: «هَذَا يَوْمٌ تَابَ اللهُ فِيهِ عَلَى قَوْمٍ؛ فَاجْعَلُوهُ صَلَاةً وَصَوْمًا» يعني يوم عاشوراء" أخرجه الحافظ أبو موسى المديني وحسَّنه.

ففيه تاب اللهُ تعالى على سيدنا آدم عليه السلام، وفيه أُهبِط إلى الأرض؛ كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعُبَيْد بن عُمَيْر، وعكرمة، وقتادة، وغيرهم من السلف.

وجاء في أحاديث وآثار أخرى أن عاشوراء هو اليوم الذي فيه تاب اللهُ على سيدنا يونس عليه السلام، وفيه تاب على قومه، وفيه أَمَر بني إسرائيل بالتوبة.


وكان الحنفاء يدلون أهل الجاهلية على التوبة من الذنوب العظام في يوم عاشوراء؛ فعن دَلْهَمِ بن صالح الكِنْدي قال: سألتُ عكرمة عن صوم يوم عاشوراء؛ ما أمرُه؟ قال: "أذنَبَتْ قريشٌ ذنبًا في الجاهلية، فعَظُمَ في صدورهم، فسألوا: ما تبرئتهم منه؟ قالوا: صوم يوم عاشوراء؛ يوم عشر من المحرم" أخرجه أبو بكر الباغندي [ت283هـ] في "أماليه".


وعن الأسود بن يزيد قال: سألتُ عُبَيْدَ بن عُمَيرٍ عن صوم عاشوراء، فقال: "إنَّ قومًا أذنبوا فتابوا فيه فتيب عليهم، فإن استطعت أن لا يمر بك إلا وأنت صائمٌ فافعل" أخرجه الإمام ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار".

 

صيام عاشوراء 

كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه “ ما حكم شرب الماء سهوًا أثناء الصيام فى نهار يوم عاشوراء؟”، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: 

من أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان أو في صيام التطوع لا يفسد صومه وله أن يتم الصوم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَن أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رواه ابن ماجه والطبراني والحاكم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» رواه الجماعة.

كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه " استيقظت يوم عاشوراء ولم تكن لدي نية الصيام بالأمس. فهل يجوز لي الصيام أم لا؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

صوم التطوع غير الواجب تجوز فيه النية قبل الزوال؛ فعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتيها وهو صائمٌ فيقول: «أَصْبَحَ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ تُطْعِمِينِيهِ؟» فتقول: لا، فيقول: «إِنِّي صَائِمٌ» رواه النسائي.
 

قال العلامة الشيرازي في "المهذب" (1/ 332): [وأما صوم التطوع فإنه يجوز بنيةٍ قبل الزوال] اهـ.

وعليه: فيجوز للسائل صيام يوم عاشوراء إذا نوى الصيام قبل الزوال -قبل دخول وقت الظهر بقليل-؛ باعتباره من صوم التطوع.

صيام يوم تاسوعاء


كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه “ ما الحكمة من تقديم صيام تاسوعاء على عاشوراء”، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

عاشوراء: هو اليوم العاشر من شهر الله الحرام المحرم، وصيامه سنة فعلية وقولية عن النبي صلى الله عليه وآله سلم، ويترتب على فعل هذه السُّنَّة تكفير ذنوب سنة قبله كما مر من الأحاديث.

وصيام يوم تاسوعاء قبله سُنة أيضًا؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَمَّا صام يوم عاشوراء قيل له: إن اليهود والنصارى تعظمه، فقال: «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ»، قَالَ ابن عباس: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ. أخرجه مسلم في "صحيحه".

تقديم صيام تاسوعاء على عاشوراء له حِكَمٌ ذكرها العلماء؛ منها:
أولًا: أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر.
ثانيًا: أن المراد وصل يوم عاشوراء بصوم.
ثالثًا: الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط، فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر.

حكم صيام تاسوعاء وعاشوراء

كما ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه “ما حكم صوم تاسوعاء وعاشوراء؟”، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ»، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. أخرجه البخاري في "صحيحه".

وعن السيدة عائشة رضي الله عنها: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم عاشوراء" أخرجه مسلم في "صحيحه".

وعن أبي قتادة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

الجريدة الرسمية