رئيس التحرير
عصام كامل

هل عدم الوفاء بالعهد يلزم التعويض؟

الدكتور على جمعة
الدكتور على جمعة

الوفاء بالعهد صفة أخلاقية وهو خلق نبوي وسلوك إسلامي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (آية المنافق ثلاث.. إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)، والوفاء بالعهد  سلوك ضروري ينم عن صدق صاحبه ويقوى روابط الثقة والتعاون بين أفراد المجتمع، وقال العلماء إن إخلاف الوعد هو من الكذب.


وفى فتوى لدار الإفتاء قالت فيها: الأصل الشرعي أن الوعد المجرد لا يلزم الوفاء به، ولكن إن اقترن بالتزام أو كان معلقا على سبب لزم الوفاء به؛ والوعد لا يلزم الوفاء به. نعم إن صحبه قرينة التزام فينبغي -كما في المطلب- صحته".


وقال العلامة علي حيدر - شارح مجلة الأحكام العدلية-: إنه إذا علق وعد على حصول شيء، أو على عدم حصوله، فثبوت المعلق عليه أي الشرط كما جاء في المادة (82) يثبت المعلق أو الموعود".

الإلزام شرطا 


وصدر عن مجمع الفقه الإسلامي الدولي قرار رقم (2/ 5، 3/ 5) وفيه: "الوعد - وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد - يكون ملزمًا للواعد ديانة إلا لعذر. وهو ملزم قضاء إذا كان معلقًا على سبب، ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد، ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلًا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر".

 
فإن نكل الواعد حينئذ عن وعده، وتضرر الموعود بسبب ذلك، لزم الواعد أن يدفع مقدار الضرر الفعلي الذي تكبده الموعود؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجه.

 

أعم من الخيانة 

 

وأجاب على جمعة مفتي الجمهورية السابق: إخلاف العهد أو الوعد  هو عدم الالتزام بالوفاء به باختيار وقدرة على الوفاء، وهو أعم من الخيانة، لأن الخيانة تكون سرا، أما الاخلاف بالوعد قد يكون سرا فيكون خيانة، وقد يكون جهرا وإعلانا فيكون فسقا وانحطاطا..


وأمر الله بالوفاء بالعهد وحذر من إخلافه فقال سبحانه وتعالى: في سورة الإسراء: "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا" وقال سبحانه في سورة المائدة: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود".
 

ويتأكد اجتناب المسلم لهذا الخلق القبيح إذا رغب أن يكون من المؤمنين الصالحين الذين مدحهم ربنا سبحانه وتعالى حيث قال في سورة المؤمنون: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون).

الخلق القبيح 


ويعالج الإنسان هذا الخلق القبيح بمراقبة الله سبحانه وتعالى وذكره دائما والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويعلم أن الوفاء بالعهد يحبه الله سبحانه وتعالى ورسوله، ويحبه الصالحون والعقلاء من أهل الأرض جميعا، ويعلم أن الله عز وجل لعن بنى إسرائيل بسبب نقضهم العهود فقال تعالى في سورة المائدة: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية).
 

الجريدة الرسمية