رئيس التحرير
عصام كامل

هل انتهت ظاهرة تلفيق القضايا؟ (2)

عودٌ على ما بدأناه وأشرنا فيما سبق إليه حول مافيا تلفيق القضايا واستصدار أحكام غيابية أو حضورية، بهدف الانتقام من أصحابها أو ابتزازهم ماديًا، وتلك الأحكام تصدر بناء على صور ضوئية من مستندات مزورة وفي سرعة غريبة، وهو الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام، ما زلنا نتساءل حول أسبابها

 

ومازلنا نتجول مع المحضر رقم "1664" جنح الشروق حيث قدم المحامي توكيلًا من المدعو "صلاح ع"، الذي يتضرر من "ع ف"، بزعم حصوله على مبلغ 120 ألف جنيه، على سبيل الأمانة، غير أنه طمع في المبلغ واستولى عليه لنفسه، وقدم صورة إيصال أمانة وأثبت محرر المحضر اطلاعه على أصل التوكيل وإيصال الأمانة، تبين فيما بعد أن التوكيل وإيصال الأمانة مزوران

محضر شرطة آخر لذات المحامي وموكله مقيد برقم 1699 لسنة 2016 جنح الشروق، وأثبت فيه حضور المحامي "عبد الحميد غ س" وكيلًا عن "صلاح. ج" بموجب توكيل رقم 40 ب لسنة 2016 توثيق الشروق، وأكد تضرر موكله من المدعوة "ص. ك" لحصولها من موكله على مبلغ 75 ألف جنيه لتوصيلهم إلى شخص آخر، إلا أنها اختلست المبلغ لنفسها، وأثبت محرر المحضر اطلاعه على أصل الإيصال وأصل التوكيل المزور، وأرفق الصور الضوئية، وأحيل المحضر لنيابة القاهرة الجديدة التي أحالت الضحية للمحاكمة وقضت محكمة جنح القاهرة الجديدة غيابيًا في أول جلسة بحبسها لمدة عامين وكفالة 5 آلاف جنيه

 

مسجلين خطر

وتكشف صور التوكيل المزور الذي حررت المحاضر بمقتضاه، وأصل التوكيل المستخرج من مكتب توثيق الشروق إضافة إسم صاحب البلاغات "صلاح ج" عليه، أسفل اسم صاحب التوكيل الحقيقي.. وصور إيصالات الأمانة الأربعة، حررت جميعها وكذلك التوقيعات عليها بخط واحد، وكل ذلك مرفق بمحاضر الشرطة الأربعة والأحكام الصادرة غيابيًا بشأنها بحبس الضحايا الأربعة لمدة عامين وإلزام كل منهم بسداد 5 آلاف جنيه كفالة

 

هم مافيا من نوع خاص، أعضاؤها من المسجلين خطر وبعض المحامين ضعاف النفوس، هكذا وصف الصديق الدكتور محمد إبراهيم أحمد المحامي بالنقض، القائمين على تلفيق القضايا للمواطنين الأبرياء بهدف ابتزازهم ماديا، أو الانتقام منهم أو تشويه سمعتهم مؤكدًا أن بعض العاطلين والمسجلين خطر، ممن يسعون وراء المكسب السريع والسهل، اتخذوا من تلفيق القضايا لأشخاص لا تربطهم بهم أي صلة، ولم يروهم نهائيا، وسيلة لجني الأموال

 

تلفيق قضايا

وهؤلاء يجلسون على مقاه قريبة من أقسام الشرطة والمحاكم المختلفة.. يلتقون ببعض ضعاف النفوس من المحامين، ويحررون لهم توكيلا في القضايا مقابل مبلغ معين، ومن ثم يستخدم المحامي هذا التوكيل في إقامة دعاوى قضائية ضد أي شخص، وقد تكون الدعوى خيانة أمانة أو تحرير شيك بدون رصيد، أو ضرب وسرقة وغيرها من الجرائم.. ومهمة "المجني عليه" المستأجر تنتهي عند تحرير التوكيل، حيث يختفى عن الأنظار تماما ويتولى المحامى بالاشتراك مع آخرين مهمة استصدار الحكم القضائي

 

وبمناقشة الدكتور محمد إبراهيم أحمد، أكد أن هناك بعض المسئولين المفصولين لسوء سلوكهم، يتزعمون ما يمكن وصفه بـ "التشكيلات العصابية"، لتلفيق هذا النوع من القضايا، عن طريق "سرقة" صور توكيلات وكارنيهات المحامين، وصور بطاقات المدعين، من ملفات القضايا في المحاكم المختلفة، وبموجب هذه الصور يحررون محاضر إيصالات الأمانة، وأحيانًا يتلاعبون في صور التوكيلات عن طريق إضافة أسماء وهمية، ورقم قومى وهمي، ضمانًا لعدم وصول ضحية إيصال الأمانة إلى صاحب الدعوى.. وقال إن لكل قضية وحكم سعره.. فالحكم الغيابى يصل سعره إلى 5 آلاف جنيه، والحضورى 10 آلاف جنيه، والحكم النهائى الاستئنافى واجب النفاذ 20 ألف جنيه

 

إجراءات بسيطة

وعن كيفية مواجهة هذه المافيا التي تسببت في سجن أبرياء كثيرين: يمكن القضاء على هذه الظاهرة بسهولة من خلال اتخاذ بعض الإجراءات البسيطة، أهمها يتمثل في استدعاء المشكو في حقه، ومواجهته بالمستندات والأوراق المرفقة بالبلاغ، وإثبات أقواله في محضر رسمي بشأنها قبل تقديمها إلى النيابة العامة

 

وخطورة هذا الموضوع تكمن في أن الضحية، يفاجأ بحكم نهائى ضده بالحبس، ولا يوجد أمامه سوى الرضوخ لابتزاز من لفقوا له القضايا، أو دخول السجن في حالة عدم حيازته المبلغ المطلوب، وهو يعلم بالأمر عن طريق الصدفة البحتة، عندما يوقفه ضابط أو أمين شرطة ويكشف عن صحيفة الحالة الجنائية له، أو يفاجأ بمباحث تنفيذ الأحكام تطرق بابه.. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية