رئيس التحرير
عصام كامل

العلم يبني والجهل يهدم!

علمتنا تجارب النجاح أن التعليم حجر الزاوية في أي إصلاح ومنصة إطلاق أي نهضة مأمولة، وأن البحث العلمي أساس القوة ومدخلها الوحيد.. فإنتاج الحلول لمشكلاتنا العصية وحيازة الموارد اللازمة للحياة وإشباع احتياجات الزيادة السكانية المطردة بمعدلات عالية لن يتحقق عبر العقل القادر على توليد الثروة وتعظيم العوائد والقيمة المضافة. إصلاح السلوكيات السلبية للمجتمع لن يتحقق هو الآخر دون تغيير جذري لثقافة هذا المجتمع عبر خطاب تعليمى وإعلامي وديني رشيد ومقنع وجاذب.. 

وحتى يتقبل العقل الجمعي هذا الخطاب فلابد أولا من إصلاح ما يقدم له من تعليم بعدها يمكن الحديث عن إصلاح الاقتصاد والسياسة وغيرهما. مطلوب أن يعرف المواطن كيف يبني منظومة تفكير.. ما واجباته.. وما حقوقه وكيف يدافع عنها..كيف يحترم الآخر.. لماذا تقدم غيرنا وتخلفنا عبر مئات السنين.. كيف يختلف بأدب وينتقد بتهذيب.  إن العلم هو كلمة السر في كل حضارة ونهضة.. في تاريخنا ما يدل على ذلك.. 

قيمة العلم

كنا إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس قبل أن تولد بريطانيا العظمى بقرون عديدة.. كان العلم هو غاية المحكوم والحاكم.. نعطي وزن الكتاب المترجم القيم ذهبًًا لمن تعب في ترجمته ولا نتوقف عن إنتاج كل جديد في كل مجال.. كنا نبصر الدنيا بعين العلم ونحترم العلماء ونرفعهم فوق ما عداهم.. لم يكن أسلافنا يعرفون تعظيم نجوم الكرة ولا الفنانين والمطربين ولا كان بينهم من يستمع لأغاني بير السلم أو المهرجانات.. لم يكونوا مجتمعًًا من الملائكة ولا كانوا يخلون من الموبقات بل كانوا بشرًًا يخطئون لكنهم لا يفتأون يصححون الخطأ ويقاومون أي اعوجاج ويتخلصون من أي آفات تعوق سيرهم نحو المستقبل. "العلم يبني بيوتا لا عماد لها.. والجهل يهدم بيوت العز والكرم.. هكذا قال الشاعر الكبير حافظ إبراهيم.. و"إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" هكذا يقول قرآننا.. 

 

لم تتقدم البشرية في فراغ ولا حققت ما وصلت إليه طفرة واحدة بل سعت حثيثًًا عبر التطور بدءًًا باكتشاف الكتابة وتسجيل الحضارة، مرورًًا باكتشاف الطباعة وصولًًا لعصر المعلومات ثم المعرفة فالرقمنة التي نحيا ثمراتها اليوم.. وكلها مراحل ارتكزت في مسعاها نحو الرشد والكمال على التعليم والبحث العلمي.. حتى طوعت الطبيعة وصار ممكنًًا اليوم ما كان بالأمس مستحيلًًا. تفاضل الأمم يقاس بما تملكه كل أمة من العلم وما تنتجه من منجزات التمكين في الأرض من غذاء وكساء ودواء وسلاح ورفاهية.. ولا يستوى من يملك المعرفة ومن يعيش عالة على غيره، إن شاء منحه وإن شاء منعه.

الجريدة الرسمية