رئيس التحرير
عصام كامل

إذاعة وادي النيل.. حكاية ملكية مشتركة بين القاهرة والخرطوم

ماسبيرو
ماسبيرو

النيل لا يروي الأراضى والأجساد، بل أيضا يروي العقول، لا سيما بما تقدمه الإذاعة الفريدة من نوعها فى العالم إذاعة «وادى النيل» فهى تكاد تكون النموذج الوحيد فى القارات كلها، والتى يتم بث إرسالها بالاشتراك بين دولتين هما مصر والسودان.
وعراقة النيل وكونه سر الحياة فى دولتى مصر والسودان كان أيضًا سببًا فى أن يعي مسئولو الإذاعة أهمية العلاقات بين البلدين الشقيقين، تحديدًا منذ عام 1948، حيث قررت قيادات الإذاعة المصرية فى ذلك الوقت تخصيص مجموعة برامج تتناول كل ما يجرى فى الجارة الغالية السودان، ومتابعة كل عادات أهلها فى المناسبات المختلفة، وذلك تحت مسمى ركن السودان، والذى ظل يقدم العديد من البرامج بذلك الشكل حتى عام 1983.

إذاعة وادي النيل
وزارة الإعلام المصرية وفى عام 1983 سعت لأن يكون ركن السودان هو نواة لإنشاء إذاعة فريدة من نوعها تجمع بين برامج مصر والسودان، ويتم بثها يوميا عبر محطة إذاعية يتشارك فيها الدولتان، وبالفعل تم الاتفاق على ذلك وتوقيع عقد امتلاك للمحطة بين الجانبين بنسبة 50% لكل منهما، ويتم بث الإذاعة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.


إدارة المحطة هى الأخرى كانت معبرة عن حالة الاتفاق والتكامل الشديد بين البلدين لتعكس الرابط القوى الذى خلقه نهر النيل فى مصر والسودان، حيث قرر مسئولو وزارة الإعلام المصرية آنذاك بالاتفاق مع الأشقاء فى الخرطوم أن يكون هناك مديران للمحطة، أحدهما فى القاهرة يتابع ما يتم بثه وتجهيز البرامج، والآخر فى الخرطوم يتولى عملية إنتاج البرامج التى تعبر عن السودان ويرسلها إلى القاهرة لتتم عملية البث.


التعاون الإذاعى بين مصر والسودان عبر إذاعة «وادى النيل» ذلك المسمى الذى اختارت قيادات البلدين أن يكون للنيل تواجد فيه ليؤكد أنه رابط مقدس فى علاقة أبدية تجمع بين دولتى المصب حتى قيام الساعة، وتشير إلى أنه ليس هناك ما هو مهم غير النيل يصلح لأن يكون رابطا معلوما بين البلدين، وقد نتج عن ذلك التعاون فى الإذاعة تراث كبير تمتلكه مكتبات الإذاعة المصرية من الأغانى السودانية المميزة ومواد إعلامية تمثل كنوزًا عن السودان، خاصة أنه خلال سنوات البث الأولى لإذاعة وادى النيل كان المطربون السودانيون وكبار الضيوف يحضرون إلى استوديوهات الإذاعة فى مصر للتسجيل فيها لبرامجهم ولمواد إعلامية عديدة أصبحت تراثًا الآن.
ولأن التغيير سنة الحياة ومع تطور البث يسعى حاليا قيادات البلدين لإيجاد اتفاق يفضى إلى تقوية إرسال إذاعة «وادى النيل» بما يدعم استمرارها فى تقديم إعلام متميز، حيث يتم البحث عن حلول لبث المحطة على موجات (FM) لتحقيق الانتشار فى كل ربوع السودان، حيث تقدم المحطة برامج اجتماعية وفنية وغيرها من ألوان البرامج التى تعكس جميعها وتلمح إلى قوة ومتانة العلاقات بين البلدين والرابط الأبدى الجامع بينهما.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية