رئيس التحرير
عصام كامل

الليبرالية السبب !

خلال السنوات الماضية، ومعارضو الليبرالية يجتهدون في وصمها بكل الطرق، يحملونها ما صنع الحداد، وبشكل خاص الجوانب السلبية للإصلاح الاقتصادي الذي ضيق على البعض ظروفه المعيشية وهي حقيقة لا تقبل الجدل.  ولا يمكن بالطبع الإنكار إن إصلاح السوق من براندات الليبرالية، لكن يتناسى البعض أن نظام السوق بالأساس معني بتسلل الثروة إلى أسفل، وإذا غاب ذلك يعني أن هناك مشكلة في التطبيق أو مازال يحتاج للكثير من الوقت. 


الغريب أن البعض يتجاهل عمدًا أن برامج إصلاح السوق في مصر أو المنطقة لا يقوم عليها ليبراليون، وهذا ليس عيبًا في الدولة، فالأخذ ببعض المنتجات الليبرالية أمر متعارف عليه في كل دول العالم، حتى الصين بنظامها «الثقافي» والسياسي الشيوعي تلجأ للطلقات الهجومية الليبرالية في الشق الاقتصادي لإثراء شعبها، لكن لايعني ذلك أنها تطبق نظامًا ليبراليًا.


يجب الاعتراف أن تطبيق الليبرالية ـ بأي نموذج لها ـ في السياق العربي من مستحيلات الواقع على الأقل في الآجل القريب، إذ يلزم من الدولة نفسها حقن الوعي المجتمعي بثقافة الفردانية، والتأكيد على أنها لا تتعارض مع التراث القومي، أو الثقافة العامة، أو التعاليم الدينية،  ثم بعد ذلك العمل على تضمين الواقع بالمفردات الآخرى والمعروفة جيدا وربما لا سبيل للحديث عنها الآن. 

الحريات فى الشرق


بعيدا عن الدولة، إن كان الليبراليون يريدون فعلا تطبيق فكرتهم عليهم مواجهة هذه الإدعاءات بدلا من الانعزال في محيط نخبوي ضيق، والاهتمام بالشارع، والتأكيد من خلال الممارسات أولا،  أن الحرية ليس لها إطارًا غربيًا أو شرقيا، هي تتعلق باستعداد الناس في أي مكان كان للحرية أم لا، واحترام مسؤولياتها، قبل اعتبارها رمزية للتحلل من كل ما هو غير أخلاقي وديني. 


وبغض النظر عن الليبرالية أو الاشتراكية أو أي نمط آخر يمكن أن يجتمع المصريون حوله، علينا جميعا الاعتراف أن خبرات السنوات الماضية تؤكد أن الترويج لأي فكرة تدعو للحريات في الشرق أمر معقد للغاية، بسبب الالتباس ــ سواء بقصد أم لا ــ في فهم ماذا تكون الحرية، والاستعمال السيء لها الذي أفقدها معناها، وجعلها أبعد ما يكون عن أولويات الناس.. ولهم كل الحق ! 
 

الجريدة الرسمية