رئيس التحرير
عصام كامل

تعرف على أحب الذكر والكلام إلى الله

لا حول ولا قوة إلا
لا حول ولا قوة إلا بالله

الحوقلة هي قول "لا حول ولا قوة إلا بالله" وتعد من أهم أنواع الذّكر وأعظمه، وقد جاءت نصوص شرعية كثيرة في السّنّة النّبوية تحثّ المسلم على التزام هذه الكلمات والإكثار من قولها، وإنّ تعاضد النّصوص وكثرتها ما هو إلا دليل على عظم فضلها وعلوّ شأنها.



أحب الكلام إلى الله
وتعدّ الحوقلة أحبّ الكلام وأقربه إلى الله -تعالى-؛ وذلك لأنّها جاءت من ضمن الكلمات الأربعة المحبّبة إلى الله -تعالى- في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما على الأرضِ رجلٌ يقولُ: لا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ، وسبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ، إلا كُفِّرَتْ عنهُ ذنوبُهُ ولو كانت أكثرَ من زَبَدِ البحرِ).



ويعتبر قول "لاحول ولا قوّة إلّا بالله" من الباقيات الصّالحات؛ وذلك لأنّه عندما كان يُسأل رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- عن المقصود بالباقيات الصّالحات في القرآن الكريم كان يُجيب بقوله: (استكثِروا مِن الباقياتِ الصَّالحاتِ، قيل: وما هنَّ يا رسولَ اللهِ؟ قال: التَّكبيرُ والتَّهليلُ والتَّسبيحُ والحمدُ للهِ ولا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ) وقد سُئل عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- عن تفسيرها أيضاً، فأجاب كما أجاب رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.



وتعدّ الحوقلة كنز من كنوز الجنّة، كما صحّ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما قال لأحد أصحابه: (قُلْ: لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، فإنَّهَا كَنْزٌ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ)، وإنّ وصف نبيّ الله -عليه السّلام- لهذه الكلمات بأنّها كنز لهو دليل على نفاستها؛ لأنّ الكنزلا يُدّخر به عادة إلّا كلّ غالٍ ونفيس، وكذلك الحوقلة ما هي إلّا كنز يدّخر به الله -تعالى- لصاحبها أنفس الأجور وأغلاها في الجنّة.


    تكون باباً من أبواب الجنّة لمن يُكثر من قولها، كما قال رسول الله -صلّى الله -عليه وسلّم-: (ألا أدُلُّك على باب من أبواب الجنَّةِ؟ قلتُ: بلى، قال: لا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله).


يصّدق الله -تعالى- قائل هذه الكلمات، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وإذا قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ صدَّقه ربُّه وقال: صدَق عبدي لا إلهَ إلَّا أنا ولا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا بي) وتصديق الله -تعالى- لعبده عندما يذكره فيه من الشّرف والرّفعة للعبد؛ فالذّاكر يُقدّس الله -تعالى- ويصفه بصفات الكمال، فيُكافئه ربّه بأن يُصدّقه، فلا يحشره يوم القيامة إلّا مع زمرة الصّادقين.



تُعين المسلم على مواجهة المصاعب في الحياة الدّنيا وتُهوّن عليه ما يشقّ على نفسه، ويستعين المسلم بها إذا واجه هوْلاً أو أمراً جسيماً، أو واجه ظالماً، فهي إذاً تُقال للاستعانة بالله -تعالى-، وليس كما يشيع عند بعض النّاس أنّها تُقال للاسترجاع عند وقوعهم بمصيبة، فيقولونها من باب اليأس وليس من باب الصّبر والاحتساب.


تطرد الهمّ والحزن عن صاحبها؛ لأنّ قائلها يستعين بخالقه ويُفوّض الأمر إليه، ويَبْرأ من حوله وقوّته وعجزه إلى حول الله وقوّته وجبروته.


يحفظ الله -تعالى- من قال "لا حول ولا قوّة إلّا بالله" من مكائد الشّيطان، ويهديه لطريق الصّواب ويكفي عنه كلّ ما أهمّه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا خرج الرجلُ من بيتِه فقال: بسمِ اللهِ، توكَّلتُ على اللهِ، لا حولَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ، فيقالُ له: حسبُكَ، قد هُدِيتَ، وكُفيتَ، ووُقِيتَ، فيتنحَّى له الشيطانُ).


يغفر الله -تعالى- ذنوب من يُردّد هذه الكلمات ويُكفّر عنه خطاياه ولو كثرت وكانت مثل زَبَد البحر، كما جاء في الحديث الأوّل، ولكنّ الذّنوب التي يغفرها الله للعبد عند حوقلته هي صغائر الذّنوب، ولا يُغتفر بها الكبائر إلا إذا توافقت مع توبة نصوح؛ لأنّ الله -تعالى- لا يغفر كبائر الذنوب إلّا بالتّوبة الصّحيحة.

أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، وحثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين المداومة على ذكر الله -تعالى-، والإكثار من قول لا حول ولا قوّة إلا بالله، وأن يحرص على ترديدها في كلّ أوقاته، إذ يُسنّ للمسلم قولها في الصّباح، وعند المساء، وعند إقباله على النّوم؛ لتكون حِرزاً لقائلها في يومه فتحميه، وتُخفّف عنه عناء الحياة الدّنيا، وتجعله تحت مرضاة الله -تعالى- وفي كنفه، وتعصمه في ليله وعند نومه من وساوس الشّيطان، كما أمرنا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالمداومة عليها لتستقيمَ حياة المرء، ويطمئنّ بها باله، ولتُعينه على الاستقامة والسّير في الطّريق السّليم.




معنى قول لا حول ولا قوة إلا بالله

إنّ المتأمّل في كلمات الحوقلة يُدرك أنّها تنمّ عن معانٍ عظيمة، وأنّ المقصود بكلمة "لا حوْل"؛ أي أنّه لا لحيلة للمرء ولا قدرة له، ومن مشتقّاتها الحيلة والاحتيال والمحال، وقد جاءت في القرآن الكريم في قول الله -تعالى-: (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)، أي أنّه شديد القوّة والمكر بعباده، وبناءً عليه فإنّ المرء عند قوله لتلك الكلمات يكون قد أقرّ بعجزه وضعفه وأنّه لا يستطيع درء الشرّ عن نفسه، ولا جلب الخير لها، كما يقرّ بقولها أنّه لا يقوى على الطّاعات وفعل الخيرات، ولا يستطيع ترك المعاصي والمنكرات، إلّا بقدرة الله -تعالى- وقوّته وبتوفيق منه، ومن معاني تلك الكلمات العظيمة أيضاً أنّ الله هو مالك كل شيء، ولا يملك العبد من دونه شيئاً، إلّا ما قدّر الله -تعالى- للعبد بإرادته، وهو قادر على نزعه منه إذا شاء.
الجريدة الرسمية