رئيس التحرير
عصام كامل

الصعايدة يطالبون بإنشاء معامل تحليل الـDNA.. وإنهاء أزمة اللجوء إلى القاهرة وقت الكوارث أبرز الأهداف

معامل تحليل الـDNA
معامل تحليل الـ"DNA"
لم يكد ينقضى الأسبوع الأول من شهر فبراير فى العام 2006، إلا وكانت مصر على موعد مع واحدة من الكوارث التى لا تزال تفاصيلها محفورة فى الذاكرة، كارثة غرق العبارة السلام 98، التى اختفت فى الثالث من فبراير على بعد أميال من مدينة الغردقة، حاملة 1415 مسافرًا و98 من طاقم السفينة.


وبينما هى فى طريق عودتها إلى مصر قادمة من السعودية، نشب حريق فى غرفة محرك السفينة وانتشرت النيران بسرعة فائقة، وباءت محاولات طاقم السفينة فى إخماد النيران بالفشل، وراح ضحية الحادث 1032 راكبًا، إضافة لعشرات المفقودين، فيما نجا نحو 388 راكبًا.

رحلة الـDNA
«الموت غرقًا» لم يكن الكارثة الوحيدة التى سقطت على رؤوس أهالي الضحايا، الذين كانوا غالبيتهم من محافظات الجنوب (الصعيد)، فالكارثة التى تقاسمت القسوة مع الموت، تمثلت فى رحلة البحث عن موتاهم، بعدما تحللت الأجساد، واختفت المعالم، وما تبقى منها لا يمكن من خلاله التعرف على صاحب الجثة، ما يستدعى اللجوء إلى تحليل الـ«دى إن إيه - DNA».

والذى حتى وقتنا الحالى لا تتوافر معامل خاصة به فى محافظات الجنوب، الأمر الذى يستدعى قطع رحلة شاقة إلى العاصمة القاهرة، بحثًا عن معمل يجرى التحليل، وينهى أزمة «الجثث المجهولة».

وكان المشهد الأكثر وجعًا فى كارثة «ضحايا السلام 98»، والذى كشف أبعاد جديدة لأزمة «معمل الـD N A»، عندما اضطرت إدارة مستشفى قنا العام، إلى اتخاذ قرار بدفن الجثث التى لم يجر التعرف عليها فى «مقبرة جماعية» لا تزال موجودة حتى وقتنا هذا، شاهدة على حجم الكارثة.

بعد حادثة العبارة «السلام 98»، وقبلها أيضًا، كانت هناك حوادث القطارات التى كان لـ«الصعيد» النصيب الأكبر منها على مر التاريخ، ومنها كارثة «محطة مصر» التى كان من بين ضحاياها شاب كان فى طريقه إلى القاهرة ليتجه بعدها إلى المطار مغادرًا البلاد إلى إحدى الدول الخليجية ولم يكن يعلم وقتها «مكاريوس» أنها ستكون رحلته الأخيرة.

معاناة الأهالي
ويسرد بيشوى راضى، رحلة البحث عن جثة شقيقه «مكاريوس»، قائلًا: «الحقيقة أول ما وصلنا الخبر كان أهم شيء أن نتعرف عليه وندفن الجثة، ولكن اكتشفنا نتيجة الحادث البشع أن أغلب الجثث محترقة وغير واضحة المعالم، ما دفعنا للسفر إلى القاهرة فى هذا الوقت لتمر عدة أيام تنقلت خلالها الأسرة المكلومة بين المعامل الخاصة بالتحاليل والنيابة العامة وجهات أخرى على أمل التعرف على جثة شقيقهم الراحل».

وأضاف «بيشوى»: وقتها تدخل محافظ قنا السابق، اللواء عبد الحميد الهجان، لسرعة إنهاء الإجراءات التى كانت سبب حزن كبير لوالدتى ووالدى، ومن أصعب المشاهد عندما تدخل المشرحة ويطلب منك معاينة الجثة ولا تستطيع التعرف عليها، وتظل أيامًا تنتظر نتيجة البحث، وإذا كانت جثة من هو تبحث عنه فى هذه المستشفى أو فى غيرها لتبدأ رحلة جديدة أخرى مع مستشفى إلى آخر.

وهذا وقع مع أسر ضحايا فى نفس الحادث ظلوا ينتظرون، واكتشفوا أن جثة ذويهم ليست من بين الجثث الموجودة ورحلوا فى حالة حزن، والأصعب من ذلك أن تظل تمتد الرحلة هذه إلى أسابيع، وهذا نتيجة عدم وجود معامل فى الصعيد تكفى للمحافظات بدلًا من الانتظار لأيام وساعات.

وخلال الأشهر الماضية وقع حادثان، هما الأكثر فظاعة منذ فترات ليست ببعيدة، حيث وقع حادث قطاري سوهاج ومن بعده «أتوبيس الموت» بأسيوط، والذى تفحم وكان وقتها يصعب التعرف على الجثث فى الحادثين المنفصلين، وبدأت نفس الرحلة مع ذويهم.

أحمد المعناوى، من أبناء محافظة قنا، قال: "نعانى كثيرًا فى هذا الشأن عندما يقع حادث وتكلفة كبيرة للأسرة البسيطة فى الصعيد، عندما يخرج عشرات الأهالي ويظلون على الأصفة ينتظرون فى البرد والحر يبحثون عن جثث ذويهم".

وفى السياق ذاته، شدد صابر محمود، أحد أبناء محافظة قنا، أن هذه الكارثة تحتاج إلى تدخل من قِبل المسئولين، وإذا احتاج الأمر رئيس الجمهورية لا بد من إنشاء معامل فى الصعيد لتحليل الـ«DNA» والتخفيف عن كاهل المواطن الصعيدى البسيط الذى يجمع أموالًا لستر جثث ذويهم، وللأسف هذا بخلاف المعاناة، ونحن ننتظر أمام المشرحة بالساعات.

اللجوء للقاهرة
وسرد أحمد عبد القادر، أحد أبناء المحافظة، الذى عانى بحثًا عن جثث 5 من عائلته فى حادث أتوبيس الموت بأسيوط، وتدخل عدد من النواب لحل أزمتهم، وكان ذلك فى شهر رمضان، حيث كانوا ينتظرون أيامًا أمام مبنى المشرحة فى أسيوط، ثم يرحلون إلى القاهرة لإجراء التحليل، ثم العودة إلى أسيوط بعد ذلك حتى يتمكنوا من تسلم جثث ذويهم.
الجريدة الرسمية