رئيس التحرير
عصام كامل

هوس الترند.. قصة فيديو التحريض على الوقيعة بين مصر والسودان

علم مصر والسودان
علم مصر والسودان
انتشر مقطع فيديو لشاب مجهول يحرض فيه على قيام مصر باحتلال السودان على غرار السيناريو الروسي الذي حدث في جزيرة القرم.


مقطع الفيديو وجد رواجًا كبيرًا، واستغلته مواقع وصفحات إثيوبية يزعجها التقارب المصري السوداني الحادث بين البلدين على جميع المستويات بعدما أطاحت ثورة الشعب السوداني بنظام الرئيس المعزول عمر البشير الذي تعمد خلال سنوات حكمه وضع العراقيل في طريق التعاون بين القاهرة والخرطوم.

مقطع التحريض حمل حجمًا هائلًا من المعلومات المغلوطة حول السودان وقادتها الجدد فيما يتعلق بجهودهم في إعادة بناء البلاد سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، وظهر جليًا استغلال ناشره لتصريحات جنوب السودان حول إنشاء سد علي نهر النيل بهدف خلق حالة رواج لمقطعه المصور الذي طالب فيه باحتلال دولة السودان الشقيقة.

جهل ناشر الفيديو بحجم التعاون والتنسيق بين البلدين على جميع المستويات ظهر جليًا بزعمه عدم اهتمام قادة مجلس السيادة بأزمة سد النهضة سياسيًا وحتى عسكريًا في ظل حالة الجاهزية لرجال القوات المسلحة السودانية لحماية مقدرات الدولة وتابعنا جميعًا معاركهم المشرفة لاسترداد أراضي الفشقة من قبضة الميليشيات الإثيوبية بعدما تركها لهم البشير لمدة ٢٥ عامًا وعلى الصعيد السياسي والدبلوماسي لم يترك رئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك فرصة للتحدث عن مخاطر سد النهضة على دولتي المصب.

دبلوماسيًا تتعرض وزيرة الخارجية مريم الصادق لجرعة انتقادات من إثيوبيا بصورة يومية بسبب جهودها ونشاطها الملحوظ الذي أوصل ملف السد مجددًا إلى مجلس الأمن.

صاحب فيديو الفتنة الذي اعتبر نفسه خبيرًا إستراتيجيًا في ظل عالم السوشيال ميديا المنفلت بدون ضوابط جعله يستشعر أمام كاميرا الهاتف امتلاكه رؤية ناجزة لحل أزمة سد النهضة باحتلال السودان الشقيق بدون علم أو بعلم بمدى احتمالية تسبب حديثه في وقيعة شعبية تفسد جهود القيادة السياسية في البلدين للعمل على ترميم شرخ العلاقات الذي تركته حكومة الإخوان في السودان.

الهوس باللايك والشير وتحقيق الأرباح جعل فضاء السوشيال ميديا أشبه بسماء تغطي أرض معركة حربية تتساقط منها القنابل بدون ضوابط تصيب الجميع بلا استثناء.

فالعلاقات الخارجية التي ترسمها أجهزة سيادية ويسهر على دراسته رؤساء جمهورية بهدف رسم المستقبل وترك علاقات راسخة ووثيقة لعقود وأجيال قادمة يأتي جاهل ومجهول من خلف شاشات الهاتف المحمول ليلقي قذيفة لهب مصورة تفسد جهود إدارات لسنوات الدول بضغطت زر في أقل من لحظة.

في النهاية من الموكد أن العلاقات بين السودان ومصر قوية الآن بما يكفي للتصدي للفتن التي يسعى البعض لوضعها كمطبات في طريق المستقبل سواء بفهم أو عدم فهم لكن لا بد من أخذ الحيطة والحذر هنا وهناك لتفويت الفرصة على جهلاء فضاء إلكتروني وعناصر موالية لجماعة الإخوان الإرهابية تتربص في الخفاء لإيجاد فرصة تشق بها جدار العلاقات مجددًا مثلما فعل البشير لعقود وساعده بالقاهرة رفقاء فكره التنظيمي لقناعة هؤلاء بضرورة فك هذا المحور العربي والأفريقي الجديد لتعجيزه عن عبور أزمات وجودية لحماية شعوبه.
الجريدة الرسمية