رئيس التحرير
عصام كامل

نهاية "ربيع الإخوان" في تونس.. التونسيون يهتفون "يسقط يسقط حكم المرشد".. ومطالب بتحرير البرلمان من قبضة التنظيم

مظاهرات تونس ضد حركة
مظاهرات تونس ضد حركة النهضة
مجددًا.. عادت شعارات «يسقط يسقط حكم المرشد»، لكن هذه المرة لم تخرج الشعارات الغاضبة من الميادين المصرية، ‏بل كانت «ميادين تونس» هى بطل المشهد، بعدما اندلعت خلال الأيام الماضية موجة احتجاجات جديدة فى تونس، للمطالبة ‏بتحرير البرلمان من سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية الممثلة فى حركة النهضة.‏


يسقط حكم المرشد
التظاهرات المطالبة بـ«رحيل النهضة» لم تكن هذه المرة قاصرة على الحزب الدستورى الحر، لكنها شهدت حضورًا ‏شعبيًّا واسعًا خلال التظاهرات التى وصلت إلى ساحة باردو أمام البرلمان التونسى، فيما كشفت عبير موسى، رئيس الحزب ‏الدستور الحر، منذ أيام عن الدخول فى اعتصام مفتوح لحين تتحقق المطالب برحيل الإخوان عن البرلمان ورئيسه راشد ‏العنوشي، مؤكدة أن الاعتصام لن ينفض حتى تحقيق المطالب بدولة تونسية حرة ذات سيادة مستقلة.

وعلى غرار ما تشهده العاصمة التونسية، تشهد المحافظات المختلفة هناك حراكًا شعبيًا ممتدًا يشارك فيه مختلف الأطياف، ‏بهدف المطالبة بإصلاحات معيشية، والتنديد بالانتهاكات الخطيرة والانحرافات التى لم يسبق أن جرى مثلها فى البرلمان ‏التونسى وتعسف راشد الغنوشى وأغلبيتِه البرلمانية فى استخدام السلطة بالمجلس.‏


مراكز صنع القرار
المتابع الجيد لـ«تحركات النهضة» على مدى السنوات الماضية، يكشف أنها عملت على السيطرة على مراكز صنع القرار ‏فى تونس، ما أدى إلى حالة غليان فى الشارع التونسى، وسط تحذيرات من الوقوع فى اضطرابات سياسية واجتماعية لا ‏تحمد عقباها بسبب تلك التصرفات، والتى بلغت مداها داخل البرلمان الذى يشهد فرض حركة النهضة سيطرتها على جميع ‏القرارات.

وتخدم مصالح دول أخرى، بما أفسد البيئة التشريعية فى تونس، خاصة بعد التحركات المشبوهة لـ«الغنوشي» ‏فى الخارج بالشكل الذى يؤثر على استقلالية البرلمان التونسى وسيادته.‏

النظام البرلماني
إلى جانب سيناريوهات «سيطرة النهضة»، فإن الحركة نفذت محاولات مستميتة لترسيخ فكرة أن النظام التونسى برلمانى، ‏وتهميش دور رئيس الدولة باعتباره منصبًا رمزيًّا، والاتجاه لتحويل النظام هناك إلى برلمانى كامل يمنح السلطة الكاملة ‏للحزب الفائز فى الانتخابات، وهى كلها خطوات عززت من الغضب الشعبى ضد الإخوان هناك.‏

وفى هذا السياق بدأت حركة النهضة فى خطوات تعزيز سلطاتها والانقلاب على الرئيس الحالى، من خلال التقيد بمشروع ‏قانون يهدف لتقليص صلاحيات الرئيس، ويشمل مشروع القانون تعديل القانون الانتخابى الحالى، الذى ينص على منح ‏صلاحيات للرئيس فيما يخص الدعوة إلى الانتخابات أو الاستفتاء، ويدعو مقترح التعديل إلى تحويل صلاحية الدعوة ‏للانتخابات أو للاستفتاء، من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة.

الأمر الذى يثير حالة من الغضب الشديد بين الأحزاب ‏المدنية التى تعتبر مشروع القانون خطوة فى طريق النهضة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب وتوسيع صلاحياتها، فى ظل ‏محاولات التنظيم العالمى للإخوان إلى تثبيت وجود النهضة فى وتراجعت فيه سطوة الإخوان على الصعيد العربى إلى حد ‏كبير.‏

فشل الإدارة
وتأتى المحاولات الإخوانية، وسط تأكد فشلها فى إدارة البلاد فى أعقاب الثورة التونسية ووصولها إلى دوائر صنع القرار، ‏وعدم تحقيق أى إنجاز يذكر، بل توسعت دوائر العنف وقتها وغرقت البلاد فى الأزمات، نظرًا إلى أن المنتمين لجماعة ‏الإخوان لا يمتلكون الأدوات التى تمكنهم من إدارة دول ذات سيادة، لغياب مفهوم الدولة الوطنية والولاء لأفكار متطرفة ‏ودول بعينها بعيدًا عن المصلحة الوطنية القومية.

بالإضافة إلى مساهمة حركة النهضة الإخوانية فى العبث بالأمن القومى ‏لجيرانها العرب، عن طريق تقديم تسهيلات للجانب التركى تمثلت فى تمرير عناصر المليشيات إلى الأراضى الليبية ‏وتسهيل مرور الأسلحة إلى هناك، مما أدى إلى تعزيز حالة الفوضى وعدم الاستقرار هناك لسنوات.‏

تبرعات بالملايين
وكعادة الإخوان فى استخدام جمعيات الأعمال الخيرية وتوظيفها للخدمة على أنشطتها الإرهابية، عمدت حركة النهضة إلى ‏توفير غطاء لتلقى تبرعات بالملايين للإنفاق على جناحها العسكرى وتدريبه وتسليحه.

وشهدت تونس على مدى السنوات ‏الماضية عمليات اغتيال لبعض الرموز السياسية مثل السياسى شكرى بلعيد، هذا فضلًا عن تكثيف العمل فى مسار آخر، ‏والمتمثل فى فرض السيطرة على القضاء التونسى من أجل التغطية على تلك الجرائم، واستغلال نفوذها فى التمدد قضائيًا، ‏بما أسفر عن انقضاء معظم الدعاوى المطالبة بالتحقيق فى جرائمها دون أى ملاحقة أو عقاب.

ما جعل الشعب التونسى ‏يشعر بخسارة مكتسبات ثورته المجيدة لصالح الجماعة الإرهابية، خاصة فى ظل فشل حركة النهضة فى تحقيق أى من ‏الوعود الانتخابية التى كانت قد أطلقتها، ثم مضت الأيام ولم يتحقق منها شيئا يذكر، بل على النقيض تزداد نسب الفقر ‏وترتفع معدلات البطالة بشكل مفزع.‏

حراك شعبي
وتعقيبًا على ما تشهده تونس خلال الأيام الحالية، قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية: التظاهرات التى خرجت ‏لرفض ممارسات الإخوان هى البداية لتحرك من الرأى العام التونسى نتيجة للممارسات التى قامت بها جماعة الإخوان، ‏ممثلة فى حركة النهضة.

وأدت إلى حالة من الحراك الشعبى والجماهيرى، نتيجة لمحاولة إقصاء كل القوى السياسية، ‏والتأكيد على حضورهم، واستباحتهم مبدأ المغالبة لا المشاركة، ونفى الجانب الآخر، وتحركاتهم نحو المساس بالثوابت ‏التونسية المتعلقة بالتعددية والليبرالية التى عاشتها تونس فى الفترة الماضية، وعرقلة مهام الحكومة فى مراحل معينة، ثم ‏مرحلة التأكيد على فشل جهاز الدولة الإداري، واختلاق أزمات متتالية للدولة بالخطوات الفعلية والتحريض والإجراءات.‏

وأضاف: هذه التظاهرات بداية حالة من الحراك الشعبى والجماهيرى، وبالتأكيد سيكون لها تداعيات كبيرة ورسالة مهمة ‏لحركة النهضة؛ لأنها تقف وراء الأزمات التى شهدتها تونس خلال الفترة الماضية، لكن رغم ذلك فإن حركة النهضة لديها ‏إمكانات بارعة فى المراوغة السياسية.

وستنحنى للعاصفة كعادتها فى التعامل مع حالات التظاهر فى الفترة الماضية، ‏وأدواتهم ستكون التهدئة ومحاولة الإقناع بأنهم موجودون تحت قاعدة المشاركة لا المغالبة بعكس الواقع، والتأكيد على ‏الخطاب الوطنى السياسى، ولم الشمل وإصدار مبادرات فى هذا الإطار.‏

‏«د. طارق» أشار أيضًا إلى أن الرأى العام التونسى يتزايد موقفه رفضًا للإخوان، وسيكون لذلك التحرك تأثيره المباشر، ‏خصوصًا مع حالة الشلل فى الدولة، والأزمات المتعددة فى القطاع الإدارى وأجهزة الدولة المختلفة.‏

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية