رئيس التحرير
عصام كامل

على السكين اكسر ودوق

"على السكين اكسر ودوق وبعشرة جنيه الواحدة"، العبارة الأشهر التي ارتطمت بأسماعنا مع دخول فصل الصيف هذا العام، يشهر صاحبها نصل سكينه فى أوجه العابرين، ليس لترهيبهم بل ترغيبهم فى التذوق والتأكد من حلاوة بضاعته، لأنها صديقة المصريين المنعشة فى أيام الصيف الساخن.


"معادلة السعادة"، تلك اللوحة الكاريكاتيرية التى أبدعها الصديق الفنان إسلام رجب، حين لخص معادلة السعادة الصيفية فى أكلة شعبية بسيطة، تناسب كل الدخول والمستويات، قوامها ثلاثة أطعمة مجتمعة، (البطيخ والخبز والجبن الأبيض).

فى أحد مشاهد فيلم "الدنيا على جناح يمامة"، ظهر الفنان الراحل "محمد عتريس" فى دور أب يجلس فى منزله وسط أولاده منسجما بالملابس الداخلية البيضاء التقليدية للرجال فى شهور الحرارة الشديدة، يلتهم شرائح البطيخ الحمراء، وهو المشهد المعتاد فى أغلب البيوت المصرية، فالتجمع الأسري حول البطيخ وشرائحه، رمز للألفة داخل كل بيت.

أذكر أبي رحمه الله بإذنه تعالى، حين كان يعود من عمله بعد يوم عمل شاق، يحمل فى يده تلك المستديرة الخضراء، مفضلا ألا يغرز البائع نصل سكينه بها، لتتلقفها يدي أمى رحمها الله بإذنه تعالى، واعدة صغارها بمساء منعش مع شرائح البطيخ "المرمل" أمام سهرة القناة الأولى.

سمعة البطيخ المصرى
كانت تلك الثمرة ومازالت من رموز البهجة فى فصل الصيف، فظهورها فى الأسواق، يعد إيذانا بقدومه، وهى صديقة جيوب الغلابة فى إطفاء ناره، لا يأ نفها صغير أو كبير، وبعامية المصريين البسطاء "بتطرى على القلب"، ومع حيرة ربات البيوت اليومية فى اختيار أصناف الطعام، تظل البطيخ "المشبر" مع الجبن الأبيض والخبز، بديلا جاهزا وسريعا ورخيص الثمن بلا أى مشاكل صحية لأفراد الأسرة.

معلومة قرأتها على أحد المواقع الإخبارية فى يناير عام 2017، وثقت مركز مصر فى المرتبة السادسة عالميا فى زراعة البطيخ، وبين الموقع أن أول حصاد لهذه الثمرة في التاريخ كان من مصر، ثم انتقل إلى فلسطين ثم دول البحر الأبيض المتوسط، ثم وجد طريقه إلى الصين، التي تعتبر اليوم المنتج الأول عالميا.

مؤخرا تعرضت سمعة البطيخ المصرى لمحاولات التشويه، إلى أن حسمت معامل وزارة الزراعة، الشائعات حول سلامته، وذلك بعد التحليل والفحص الدقيق الذى أكد عدم وجود أي متبقيات للمبيدات أو الملوثات الميكروبية بجميع العينات التي خضعت للفحص وهى عينات من محافظات مختلفة.

فى حياتنا كثير من النعم التى تستوجب الحمد والشكر الدائم لله عز وجل، مهما كانت بسيطة فى ظاهرها، ومن أهم هذه النعم الطعام والشراب، ونحمد الله عز وجل ففى بلادنا لا يموت إنسان من الجوع ولا يبيت أحد دون عشاء، فلك اللهم كل الحمد والشكر على نعمك التى لا تعد ولا تحصي.
الجريدة الرسمية