رئيس التحرير
عصام كامل

ألغام الموازنة الجديدة في عام التحديات الصعبة.. كورونا تفرض ظروف خاصة.. ومطالب بتنويع موارد الدولة لمواجهة التداعيات

مصطفى مدبولي رئيس
مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء
تأتي موازنة العام المالي الجديد لعام 2021-2022 وسط تحديات صعبة تواجهها الدولة المصرية، مثل: ظروف كورونا وأزمة سد النهضة وغيرهما، في الوقت الذي تسعى فيه حكومة الدكتور مصطفى مدبولي

الوفاء بكثير من الاحتياجات والمتطلبات الضاغطة.

عجز الموازنة
مشروع الموازنة العامة أظهر أن الحكومة تستهدف خفض العجز الكلي إلى 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي، وبحسب مشروع الموازنة التي تتضمن 7 بنود تمويلية "مهمة"، فإن الحكومة تتوقع زيادة الاحتياجات التمويلية 7.1% إلى 1.068 تريليون جنيه 68.1 مليار دولار، بينما تبلغ نسبة العجز المتوقعة 7.7% في ميزانية السنة الحالية 2020-2021، والاحتياجات التمويلية 997.7 مليار دولار.

وتستهدف الحكومة في مشروع الموازنة إلى أن تبلغ التمويلات المحلية من 990.133 مليار جنيه من الإجمالي، مقارنة مع 832.293 مليار في 2020-2021، والتمويلات الخارجية 78.375 مليار جنيه، انخفاضا من 165.440 مليار.

ومن المتوقع في مشروع الموازنة الجديدة أن تصل إصدارات السندات الدولية إلى 66 مليار جنيه، مقابل 72 مليارا مستهدفة في السنة المالية السابقة. وتستهدف الحكومة أن يبلغ متوسط سعر الفائدة على الأذون وسندات الخزانة 13.2%، من 14%، متوقعة في 2020-2021، وأن يزيد عمر الدين إلى 4.2 عام من 3.6 عام متوقعة بنهاية يونيو/حزيران المقبل.

كما أوضح مشروع الموازنة أن الحكومة تستهدف خفض دعم المواد البترولية 35% إلى 18.4 مليار جنيه في 2021-2022، وشراء 8.61 مليون طن من القمح، منها 5.11 مليون طن عن طريق الاستيراد.

وقد ينهي الاقتصاد المصري العام المالي الجاري بمعدل نمو 2.9%، ولكنه يظل أقل من معدل الـ 3.3% الذي تستهدفه الحكومة، كما أنه أقل كثيرا من مستهدفات ما قبل الجائحة البالغة 6%، ووقد ينمو بنسبة 5% خلال العام المالي المقبل 2022/2021 مع تعافي قطاع السياحة، قبل أن يرتفع مجددا في العام المالي اللاحق 2023/2022 إلى 5.5%.

"فيتو" تحاول من خلال هذا الملف الذي تحدثت فيه مع مجموعة من الوزراء السابقين والخبراء الاقتصاديين والبرلمانيين المعنيين بالملف الاقتصادي تقديم قراءة موضوعية ودقيقة للموازنة الجديدة..

فيروس كورونا
الموازنة العامة أبرز الملفات التى يتناولها البرلمان المصرى فى الوقت الحالى، ويتم إعدادها فى ظل ظروف استثنائية تشهدها البلاد بسبب الحرب ضد فيروس كورونا والأوبئة الأخرى المستجدة على الساحة ما بين الحين والآخر، وأزمة المياه بسبب سد النهضة، فهل كل هذا سيؤثر على حصص المجالات المختلفة.

الدكتور خالد الشافعى، الخبير الاقتصادى، يقول إن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، لا بد أن يعكس التوجيهات تعظيم أوجه الإنفاق العام للارتقاء بمستوى معيشة المواطنين، والخدمات المقدمة إليهم، رغم ما تفرضه أزمة «كورونا» من تحديات.

من خلال استمرار جهود تحسين جودة البنية التحتية والمرافق، وتعزيز التنمية البشرية خاصة بقطاعي الصحة والتعليم، ومساندة بعض المشروعات القومية، مثل المشروع القومي لتطوير الريف المصرى، جنبًا إلى جنب مع استمرار مساندة الأنشطة الإنتاجية والفئات الأكثر تأثرا بالجائحة، دون الإخلال بتعزيز قدرة الاقتصاد القومي، حيث نستهدف على المدى المتوسط تسجيل معدل نمو بنسبة 5.4٪ للناتج المحلى، وخفض العجز الكلى إلى 6.7٪ من الناتج المحلى، وتحقيق فائض أولى 1.5٪ لضمان استقرار مسار دین أجهزة الموازنة للناتج المحلى مع نهاية العام المالى المقبل.

وأوضح «الشافعي» أن «الجهاز الإداري للدولة، والإدارة المحلية، والهيئات العامة الخدمية” تبلغ إجمالى مصروفاتها، وفقًا لتقديرات العام المالى المقبل نحو 1.8 تريليون جنيه بينما يبلغ إجمالى الإيرادات المقدرة 1.365 تريليون جنيه.

والمخصصات المالية للاستثمارات العامة تشهد زيادة غير مسبوقة لتصل إلى 1.358 مليار جنيه بمعدل نمو 27.6٪ لضمان تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين؛ لتعظيم الإنفاق على المشروعات التنموية، على النحو الذى يُساعد فى الإسراع بتنفيذ مستهدفات «رؤية مصر ٢٠٣٠»؛ من أجل إرساء دعائم التنمية الشاملة والمستدامة، ولتحقيق ذلك يتم تخصيص ١٠ مليارات جنيه لدعم أسعار الغاز وتخفيض سعر الكهرباء للقطاع الصناعي، و2.1 مليار جنيه لمبادرة تحويل السيارات المتقادمة للعمل بالغاز الطبيعى.

الأجور
كما سيتم زيادة مخصصات باب الأجور وتعويضات العاملين إلى ٣٦١ مليار جنيه بنسبة 11.4٪ عن التقديرات المتوقعة للعام المالى الحالى للارتقاء بأحوال العاملين بالدولة، مع استهداف توجيه الجزء الأكبر لتحسين أجور موظفي الدرجات الوسطى، ودخول العاملين بقطاعى الصحة والتعليم، إضافة إلى منح حوافز وبدلات انتقال للعاملين بالعاصمة الإدارية بتكلفة 1.5 مليار جنيه.

كما ينبغى من وجهة نظر "الشافعي" تخصيص 2.5 مليار جنيه لحافز تطوير التعليم قبل الجامعى العام والأزهرى لصفوف رياض الأطفال والأول الثاني والثالث والرابع الابتدائى، وزيادة حافز الجودة لأعضاء هيئة التدريس، ومعاونيهم بالجامعات والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية بتكلفة سنوية إضافية نصف مليار جنيه.

وأكد أن مشروع الموازنة الجديدة يتضمن تخصيص ٣٢١ مليار جنيه لباب الدعم، منها: 87.2 مليار جنيه لدعم السلع التموينية، و١٩ مليار جنيه للمعاشات الضمانية وبرنامج «تكافل وكرامة»، بما يسمح بتقديم دعم نقدی شهرى لأكثر من 3.6 مليون أسرة من الأسر الأقل دخلًا، وتخصيص 7 مليارات جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة، ومد مظلة منظومة التأمين الصحى الشامل لمحافظات الأقصر وأسوان والإسماعيلية والسويس وجنوب سيناء، و7.8 مليار جنيه «للدعم النقدى ودعم المرافق» للإسكان الاجتماعى؛ بما يُسهم فى تخفيف الأعباء عن المواطنين.

موازنة التحديات
وفى نفس السياق، يرى سيد خضر، الباحث فى الشئون الاقتصادية أن الموازنة الجديدة 2021-2022 ستكون أهم موازنة لها طابع خاص فى مواجهة التحديات والحفاظ على مكتسبات برنامج الإصلاح الهيكلى والحفاظ على الاستقرار المالى المتوازن.

وكذلك مدى الاستمرارية فى تنفيذ المشروعات الكبرى وتحقيق عوائد اقتصادية من خلال خفض العجز الكلى إلى نحو 6.6% من الناتج المحلى، وتحقيق فائض أولى قدره 1.5% من الناتج المحلى لضمان استقرار مسار دین أجهزة الموازنة كنسبة من الناتج المحلى.

خاصة أن لدينا تحديات كبيرة فى دعم ومساندة القطاعات الإنتاجية والفئات التى تأثر بتداعيات جائحة فيروس كورونا، وكذلك دعم السلع التموينية، دعم المواد البترولية، وكذلك التمويلات المحلية المسنهدفة من أجل تكملة مسيرة برنامج الإصلاح الهيكلى من خلال تنفيذ المرحلة الثانية.

التنمية البشرية
وأيضا الأهداف التى تتضمن مجالات دفع التنمية البشرية من خلال مجموعة من المزايا المالية لبعض القطاعات الوظيفية الحيوية خاصة قطاعى الصحة والتعليم، وذلك بالتزامن مع استمرار جهود تحسين جودة البنية التحتية للطرق، والتأكد من استفادة شريحة كبيرة من المجتمع من تحسين الخدمات وجودة المرافق خاصة الاهتمام بالمبادرات الصحية وبرامج الحماية الاجتماعية التى تولى اهتمام غير مسبوق من القيادة المصرية فى محاولة زيادة تحسين الأجور.

ورفع الحد الأدنى من أجل تحسن مستوى معيشة الأفراد، والعمل على زيادة المعاشات لضمان وجود زيادة حقيقية أيضا فى دخول أكثر من 10 ملايين من أصحاب المعاشات، وأيضا تنفيذ المشروع القومى حياة كريمة من خلال تنمية وتطوير الريف المصرى المشروع الذى سينعكس على التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير.

وأيضا تحمل الأعباء المالية المترتبة الخاصة بخفض أسعار الكهرباء والغاز الطبيعى من أجل دعم ومساندة القطاع الصناعى والطاقة المتجددة والبترول والثروة المعدنى، وهناك العديد من المبادرات منها تحويل واستبدال السيارات القديمة للعمل بالغاز الطبيعى، وكذلك توفيرالمخصصات المالية اللازمة لمنح حوافز وبدلات العاملين المنقولين إلى العاصمة الإدارية، واستكمال منظومة التأمين الصحى الشامل فى بعض المحافطات التى تستفيد من تطبيق تلك المنظومة.

أصول الدولة
وأوضح قائلا: سيكون هناك تعظيم كبير لعوائد أصول الدولة من خلال تبنى سياسات اقتصادية سليمة أهمها التسعير السليم لتغطية تكلفة إتاحة السلع والخدمات، من أجل تحقيق تحسن تدريجى فى الأوضاع المالية لأجهزة الدولة، كذلك الدولة تسعى بشكل كبير إلى مدى الاستفادة من ضم جزء كبير يصل بنسبة تتراوح ما بين 30% إلى 50% الاقتصاد الخفى "غير الرسمى" فى محاولة إلى الاستفادة من عوائد تلك المشروعات فى الاستفادة منها فى عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

والعمل على توسيع القاعدة الضريبية، ومدى التوسع فى برامج المشاركة بين القطاع العام والخاص فى المجالات الاستثمارية، ودعم ومساندة النشاط الاقتصادى خاصة قطاعى الصناعة والتصدير من أجل زيادة الإنتاج الذى ينعكس على انخفاض العجز فى ميزان المدفوعات وجعل
المنتج المصرى ينافس المنتجات العالمية.

المنطقة الاقتصادية
كما يرى الباحث فى الشئون الاقتصادية أن اعتماد الموازنة العامة الجديدة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والتى تقدر بنحو 15.1 مليار جنيه للعام المالى الجديد يعكس مدى اهتمام الدولة المصرية باستكمال مسيرة الإصلاح والإنجازات فى تطوير محور قناة السويس وجعله أهم الموانئ الملاحية فى العالم.

وكذلك مدى الحفاظ على مكتسبات الإصلاح الاقتصادى، ومدى أهمية المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى تعزيز الفرص الاستثمارية وخلق بيئة أعمال تنافسية، واستكمال المناطق الصناعية والموانئ التابعة للقناة، وكذلك التركيز على توطين بعض الصناعات المهمة فى المناطق الصناعية حيث تم اعتماد منطقة العين السخنة كمنصة عالمية لصناعة البتروكيماويات والصناعات اللوجستية من أجل جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية مما ينعكس على زيادة فرص العمل وتحقيق معدلات نمو إيجابية.

إيرادات الدولة
وكشف "خضر" أنه لا بد من عملية الاستمرار فى تطوير وزيادة إيرادات الموازنة؛ لأنها تمثل موازنة تاريخية فى تحقيق معدلات نمو وفى مدى قدرة الاقتصاد المصرى على امتصاص الصدمات الكبرى وتحقيق معدلات نمو أسرع لوالعمل على خفض الفجوة بين إيرادات الموازنة ومصروفاتها، كما تساهم فى خلق مساحة مالية إضافية لتمويل الاحتياجات المتزايدة للدولة، وخفض عجز الموازنة.

وعلى الجانب الآخر، يقول وائل النحاس، الخبير الاقتصادى، إن الظروف التى توضع فيها الموازنة العامة الجديدة لها طابع خاص فى ظل انتشار وتفشى الأوبئة ومواجهة الحرب ضد فيروس كورونا، وأيضا أزمة ملف المياه، كل ذلك يجعل الحديث عن توجيه انتقادات أو افتراضات للموازنة الجديدة لا قيمة له.

وأوضح قائلًا: قد تجبرنا الظروف العامة المحيطة على السحب من المخصصات المالية للنقل للصحة أو للمياه، كما حدث العام الماضى، فقد تمت زيادة المخصصات المالية الموجهة للصحة لمواجهة جائحة كورونا، لذلك الحديث على تحديد مخصصات للملفات فى الموازنة العامة أمر عصيب وغير محدد.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية