رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ما حكم التبرع لتجهيز مستشفى.. وهل يعد من باب الزكاة أو الصدقة؟

دار الإفتاء
دار الإفتاء
ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه " نرجو إفادتنا في حالة التبرع والمساهمة في تشطيب وتجهيز مستشفًى حكوميٍّ بالمُعدات والأجهزة الطبية والفَرش والأثاث، وهل يعد من باب الزكاة والصدقات الجارية" وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: 


تقرر عند علماء المسلمين أنَّ هناك حَقًّا في المال سِوَى الزكاة؛ فمِنه الصدقة المُطْلَقة ومنه الصدقة الجارية ومنه الوقف، تصديقًا لقول الله تعالى: ﴿وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ [الذاريات: 19]، وفي مقابلة قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم﴾ [المعارج: 24-25] الخاص بالزكاة المفروضة، وكل ذلك مِن باب فِعلِ الخيرِ الذي لا يَتِمُّ التزامُ المسلمِ برُكُوعِهِ وسُجُودِهِ وعِبادةِ رَبِّهِ إلَّا بِهِ؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «والصدقةُ تُطفئ الخَطِيئةَ كما يُطفئ الماءُ النارَ» رواه الترمذي وغيره، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» أخرجه مسلمٌ وأصحابُ "السُّنَن" مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والصدقة الجارية: كُلُّ صدقةٍ يجري نفعُها وأجرُها ويدوم، كما عرَّفها بذلك القاضي عياض المالكي في كتابه "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (1/ 145، ط. المكتبة العتيقة ودار التراث)، وقد حَمَلَهَا جماعةٌ مِن العلماء على الوقف؛ لأنه أوضح ما يتحقق فيها.

مصارف الزكاة 
والزكاة التي هي فرضٌ ورُكنٌ مِن أركان الإسلام قد حُدِّدَت مصارفُها على سبيل الحَصْر في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، واشتَرَطَ العلماءُ فيها التمليكَ إلَّا حيث يَعسُر ذلك؛ كما في مصرف "في سبيل الله"، والمُحَقِّقون مِن العلماء على قَصْر هذا المصرف على الجهاد والعِلم والدعوة إلى الله تعالى؛ لأن الدعوة كما تكون بالسنان تكون باللسان أيضًا؛ كما قال تعالى في الجهاد بالقرآن الكريم: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 52]، غير أنَّ بعضَ العلماء جَعَلَ مِن مصرف "في سبيل الله" مجالًا للتوسع في صرف الزكاة عند الحاجة إلى ذلك في كُلِّ القُرَب وسُبُلِ الخير ومصالح الناس العامة، حتى مع انعِدام شرط التمليك في ذلك.
أما الصدقة فأمرُها أوسعُ مِن الزكاة؛ حيث تَجُوز للفقيرِ وغيرِه والمسلمِ وغيرِه، ولا يُشتَرَطُ فيها التمليك.

والذي تَنصَحُ به دارُ الإفتاء في تَشطيب مِثلِ هذا المستشفى الحكوميِّ الجامِعِيِّ وتَجهِيزِه بالمُعدات والأجهزة الطبية والفَرش والأثاث: أن يُنشأ لها صناديق ثلاثة:

الصندوق الأول: يكون للوقف؛ فيوقِف فيه الناسُ أموالَهم ويَجعَلُون رِيعَهَا وثَمَرَتَهَا لِصالِحِ هذا المستشفى وعلاج المُتَرَدِّدِين عليه أَبَدَ الدَّهر.

والصندوق الثاني: يكون للصدقات؛ ويُتَصَدَّقُ منه على البِناء والتأسيس والصيانة وإظهار هذا المستشفى بصورةٍ لائقةٍ إنشائيًّا ومِعماريًّا وفنيًّا.

والصندوق الثالث: يكون للزكاة؛ يُصرَف منه على الآلات وعلى الأدوية وعلى مصاريف العلاج والإقامة والأكل والشرب المتعلقة بالمرضى غير القادرين بصورةٍ مباشرةٍ أو بصورةٍ غير مباشرة؛ كمرتبات الموظفين وأجور الأطباء ومصاريف العملية الجراحية والأشعة ونحو ذلك.

حكم التبرع للمستشفيات العلاجية 
ودار الإفتاء تهيب بالمسلمين في كُلِّ مكانٍ المساهمة في مِثل هذه المستشفيات الخيرية الجليلة التي تُخَفِّف فرط الألم عن الناس؛ مِصداقًا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» رواه الترمذي.
Advertisements
الجريدة الرسمية