رئيس التحرير
عصام كامل

هل تخضع قرارات شيوخ القضاة لرقابة القضاء؟

تنص المادة 38 من قانون السُلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أنه: يُشترط فيمن يُولي القضاء أن يكون مُتمتعًا بجنسية جُمهورية مصر العربية وكامل الأهلية المدنية، وألا تقل سنه عن ثلاثين سنة إذا كان التعيين بالمحاكم الابتدائية وعن ثمان وثلاثين سنة إذا كان التعيين بمحاكم الاستئناف وعن إحدى وأربعين سنة إذا كان التعيين بمحكمة النقض.


وأن يكون حاصلًا على إجازة الحقوق من إحدى كُليات الحقوق بجامعات جُمهورية مصر العربية، وألا يكون قد حُكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مُخل بالشرف ولو كان قد رُد إليه اعتباره، وأن يكون محمود السيرة حسن السُمعة، وتنص المادة 116 من ذات القانون على أنه: ويُشترط فيمن يُعين مُعاونًا بالنيابة العامة أو النيابة الإدارية أن يستكمل هذه الشُروط على ألا تقل سنه عن تسع عشرة سنة.

إرساء العدالة
اجتياز مُقابلة اللجنة المُشكلة لمُقابلة المُتقدمين للتعيين في الوظائف القضائية يكون شرطًا لازمًا يُضاف لشُروط التعيين المُقررة قانونًا، وأن تلك اللجنة غير مُقيدة في اختيار المُتقدمين سوى بمدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة القضائية المُتقدمين إليها، وتلك المهمة لم تتقيد بأي اختيارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على توافر أو عدم توافر تلك الأهلية، كما لم تتقيد بأي ضوابط أخرى، فإن سُلطتها في الاختيار تكون سُلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف المصلحة العامة.

والقول بغير ذلك إنما يؤدي إلى إهدار كل قيمة لعمل لجان المُقابلة وحلول المحكمة محلها بُناءً على ضوابط يضعها القاضي ليُحدد على أساسها مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة وتلك نتيجة يأباها التنظيم القضائي ومبدأ الفصل بين السُلطات، وإذا كانت تلك المهمة التي أُسندت إلى اللجنة لم تقترن بطُرق صريحة قاطعة ومعيار واضح يُحدد لها كيفية أداء مهمتها واستخلاص الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة، فإن ذلك لا يعني حتمًا أنها مارست عملها دون ضوابط أو معايير فلا جدال في أنها استعانت بالعُرف العام الذي يُحيط تولي الوظائف القضائية والوظائف التي يُضفي عليها المُشرع هذه الصفة بمعايير دقيقة وضوابط قاطعة وصفات سامية بيد أنه يبقى من غير المسموح به أن تحل المحكمة نفسها محل اللجنة في إعمال تلك المعايير والضوابط واستخلاص تلك الصفات.

كما لا وجه للقول بأن السُلطة التقديرية المُقررة لتلك اللجنة تُعد امتيازًا يتعين الحد منه برقابة قضائية حاسمة ذلك لأن مُمارسة السُلطة التقديرية في مجال التعيين في الوظائف القضائية سيظل على وجه الدوام واجبًا يبتغي الصالح العام باختيار أكفأ العناصر وأنسبها وهو أمر سيبقى مُحاطًا بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها وذلك بالتمسك بضرورة توافر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة على مُباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى. 

المصلحة العامة
وفضلًا عن ذلك فإن تلك السُلطة التقديرية هي وحدها التي تُقيم الميزان بين حق كل من توافرت فيه الشُروط العامة المنصوص عليها في القانون لشغل الوظائف القضائية وبين فاعلية مرفق القضاء وحُسن تسييره فلا يتقلد وظائفه إلا من توافرت له الشُروط العامة وحاز بالإضافة إليها الصفات والقدرات الخاصة التي تؤهل لمُمارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل، ومن ثم فإنه إذا أُتيحت للمُتقدم فُرصة مُقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص مدى أهليته في تولي الوظيفة القضائية والمُشكلة من قمم الجهة القضائية التي تقدم لشغل وظائفها، فإنه لا يكون أمامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة وعندئذ يقع على عاتق الطاعن عبء إثبات هذا العيب القصدي أو الشخصي.

ويُترك لأعضاء لجنة الاختيار بما أُوتوا من حكمة السنين التي رقت بهم في وظائف القضاء حتى بلغت مُنتهاها وأضحوا شيوخًا لرجال القضاء أن يجمعوا خفايا شخصية كل مُتقدم لشغل الوظيفة القضائية لاستخلاص مدى توافر الصفات والقدرات الخاصة التي تؤهله لمُمارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل والتي يتعذر على الأوراق والشهادات أن تُثبتها أو تُشير إليها باختيار أفضل العناصر لتولي الوظيفة القضائية، كما يتعذر على القوانين واللوائح أن تضع لها قيودًا أو ضوابط يمكن التقيد بها، فلا مناص من أن توضع مسئولية اختيار العناصر المُناسبة لشغل تلك الوظائف أمانة في عُنق شيوخ القضاء يتحملونها أمام الله وضمائرهم ولا مُعقب عليهم في ذلك من القضاء ما لم يقم الدليل صراحة على الانحراف بالسُلطة أو التعسُف في استعمالها تحقيقًا لأهداف خاصة.. وللحديث بقية
الجريدة الرسمية