رئيس التحرير
عصام كامل

الكل في البلاء سواء.. ولم يتعظ أحد!

طول أمد كورونا ربما يضعنا في مواجهة سؤال حتمي: هل عجزت البشرية بكل ما تملكه من تقدم علمي أسفر عن اكتشافها 5 لقاحات حتى الآن.. لكنها لم تجد بعد حلاً ناجعًا لفيروس لا يرى بالعين المجردة.. والإجابة بالإيجاب قطعاً.. الأمر الذي يجعل الجميع على قناعة بأن البشر رغم كل ما توصلوا إليه من مكتشفات ومخترعات لا حصر لها لم يؤتوا من العلم إلا قليلاً.. وهو ما أكده الحق سبحانه بكلمات قاطعة في سورة الإسراء "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ".


كورونا بلاء عمّ البشرية كلها؛ فلا يفرق بين جنس أو عرق، ولا بين غني وفقير؛ الكل في البلوى سواء؛ ومع ذلك لم يتعظ أحد وكان حرياً بالعالم في سياق كهذا أن يتوحد ويتعاون للخروج من تلك المحنة، تاركاً النزاعات والأطماع والأحقاد والحروب جانباً لوقف زحف الوباء بإجراء مزيد من الأبحاث وإنتاج لقاح أكثر فعالية لا تسبب أعراضاً سلبية.

هذه فرصة لتنفض البشرية عن كاهلها عناء الصراع والتشاحن واسترداد قيم الإنسانية والتراحم والتسامح.. ويحدونا الأمل أن تتغير خريطة العالم في كل شيء.. وأن تغير المنظمات الدولية من طريقة عملها وسلبيتها أو عجزها في التعاطي مع مشكلات العالم ومعضلاته التي تنتهي بنصرة القوي ولو كان ظالما وانتهاك الضعيف ولو كان صاحب حق..

العدالة الغائبة
وهو ما يزهق روح القانون الدولي ويبدد مزاعم العدالة ويمنع إقرار السلم والأمن الدوليين بصورة طبيعية وحقيقية تجلب الطمأنينة وتحقق المصداقية لتلك المنظمات وعلى رأسها مجلس الأمن الذي ينبغي له أن يراجع نفسه وألا يقتصر تشكيله كما هو حادث الآن على الخمس الكبار الذين ينحاز كل منهم لمصالحه ويغتنم الفرص لاستغلال الهيمنة على دول وشعوب مستضعفة..

فكيف تتحقق العدالة ولا يزال الفيتو سيفاً مصلتاً على رقاب الضعفاء.. وكيف يتحقق التوازن وتشكيل المجلس الحالي يخلو من ممثل واحد للعرب وأفريقيا؟! كورونا أعادت التأكيد مجدداً على أن التعاون الدولي لا يزال ممكنا بل ومطلوبا بشدة..

وثمة فرص عظيمة لا تخطئها العين أقلها التعاون في إنتاج اللقاح دون التشبث بحقوق الملكية الفكرية لاستنقاذ البشرية من نير الوباء المستجد الذي لا يعلم إلا الله مداه ومنتهاه.. الجائحة فرصة لتذكير البشرية بغاية الأديان وروح الشرائع التي جاءت لإحترام آدمية الإنسان وعدم انتهاك حرمته.
الجريدة الرسمية