رئيس التحرير
عصام كامل

رسالتى القديمة يا وزير النقل!

كتبت للوزير السابق، إن تطوير أى شىء يبدأ بالإنسان وليس بالمعدات وماكينات التذاكر، لأنه بدون إعداد الانسان فمهما كانت التكنولوجيا التى يعمل عليها ستكون بلا قيمة حقيقة، وكان ملاحظا دائما أن الوزير السابق يصدر كل يوم الإحباط وإعلان أن الوزارة مفلسة وأن القطارات ومترو الانفاق مهددين بالتوقف، وأنه يحتاج 55 مليار جنيه لإنقاذ السكك الحديدية و20 مليار جنيه لإنقاذ الخط الأول لمترو الأنفاق.


وأيضا تساءلت: كم مليار يحتاجه منع مهرجان التسول فى عربيات المترو والقطارات وداخل المحطات وحولها؟ كم من المليارات التى يحتاجها منع سوق العتبة العشوائى الذى انتشر فى كل قطارات المترو وحول محطاته؟  كم مليار نحتاجها حتى يكون هناك انتباه لمراقبة الحقائب فى أجهزة التفتيش بدﻻ من التسيب الموجود؟ كم من المليارات التى نحتاج لتعليم إدارة المترو أن المترو ليس أتوبيس توضع يافطة باسم المحطة النهائية لأن ركوب المترو يمكن ببساطة أن يتم دون أن يرى الراكب مقدمة القطار؟

محاربة الفساد
ﻻ أتصور قطارا مسافرا للاسكندرية فيكتب على مقدمته دمنهور، أو العكس، وعلى الركاب اﻻنتباه، لم يعلن الوزير عن المليارات التى نحتاحها لتعليم مدير أى محطة مسئوليته عن أى مشكلة بدﻻ من إغلاق باب مكتبه والإدعاء بأنه غير موجود، كما أن الوزير لم يعلن عن المليارات التى يحتاجها للاهتمام بمشاعر أو حتى مشكلة المواطن الذى يجلس فى المترو المتعطل وﻻ يعرف ماذا يفعل.. أوعلى الرصيف حائر  بسبب تأخر المترو.. حتى السائق ﻻ إجابة لديه سوى الكذب على المواطن!

هذا بعض ما كتبته إلى الوزير السابق، وكتبت أيضا لو إننا فى بلد أوروبي يحترم قيمة المواطن لتمت إقالة وزير النقل المتفرغ للتصريحات الخاصة برفع سعر تذاكر المترو والقطارات فقط!

معالى الوزير
أتابع نشاطكم منذ توليتم الوزارة، وأسعدنى بدايتكم سواء من تصريحات تعبر وتؤكد الوعى السياسى وأيضا تعبر عن الخبرة العملية، لذلك لم أخف سعادتى عندما ذهبت إلى ورش الصيانة التى تعد أهم مرفق فى السكك الحديدية بل هى روح الشبكة والضمانة الأولى لاستمرار وانضباط الحركة فى كل أنحاء مصر، هذه الزيارات أوضحت لكل ذى عينين أن هناك فرقا بين الوزير الذى يعمل خلف مكتبه وبين الوزير الذى يضع يده على بيت الداء مباشرة، أعجبنى تفعيل مبدأ محاربة الفساد وبدون أى ضجة، أصبح الجميع يتحسس رأسه وينتبه إلى أن هناك وزيرا جديدا مختلفا شكلا وموضوعا، يحيرنى نظافة محطة مصر ومحطات المترو بمجرد أن ذهب كامل الوزير إلى مكتبه..

تصميمات حضارية
أعجبنى عدم حديثك من قريب أو بعيد عن قيمة التذاكر، ومراجعة التعاقدات القديمة دون ضجيج وفتح أبواب التعاون مع بعض الدول مثل الصين، كل ذلك عظيم، وأدرك أنك فى ورطة بعد انسحاب الشركة التى كانت قد بدأت تنفيذ خط الهرم وانسحبت بسبب مطالبتها بتخفيض التكلفة بعد توقيع العقود، وهو أمر غريب، فما كان منها الإنسحاب وسحب قرضها المقدم كأحد التسهيلات للتنفيذ، ولكن بحنكتك قادر على تجاوز هذه المشكلة وبدون توابع على الخزانة المصرية!

معالى الوزير: تحسين الأوضاع التى تمس المواطن لا تحتاج مليارات من الجنيهات، وكما كنت أكتب فى الماضى، إحترام المواطن شىء مقدس، تطوير وعى العاملين أمر حتمى، منع الأسواق العشوائية داخل المحطات وخارجها أمر حضارى، لابد من إسناد الأمر لأهله، لا يمكن إعطاء تصريح لبيع الحلويات على الرصيف والشمس تضرب فيها طول النهار، فليكن هذا بشروط، ولماذا لا يتم عمل تصميم حضارى فى كل محطة وما يناسبها لكل من يريد العمل، الأمر الأن عشوائى ومتخلف، ويسىء للمشروع الحضارى العملاق..

رقابة صارمة
أتمنى أن تسمعنى وتسمع كل غيور على بلده، رائع أن تقيم مشروعا جبارا ولكنه قمة التخلف عندما نجد كبار السن عاجزين عن الجلوس على مقاعدهم المخصصة فى المترو، ينادى مذيع المترو بممنوع الأكل وهناك من يحمل علب الكشرى ويتحول المترو إلى كافية أو مطعم عشوائى، أين المفتش على القطارات والمترو ليس من أجل التذكرة أو الإشتراك فقط ولكن من أجل منع الأكل والبيع وتوفير الراحة لكبار السن من الرجال والنساء، نعم.. نحن نحتاج من ينبه الشاب الجالس عديم الذوق والتربية لان يقوم ويجلس المسن الخجول الذى يتحامل على نفسه والشباب (أولاد وبنات) يجلس بلا إدراك لواجبه .

معالى الوزير كامل وزير:
المشاريع الكبرى هدفها توفير الخدمة فى أكمل صورة للمواطن، فإذا لم تصله فى أكمل صورة يكون هناك خلل فى القيادة والرؤية والتنفيذ، لا يمكن أن أشترى أغلى وأرقى قطار ولكن يدار بعقلية متخلفة، يكون هذا إهدار للمال والجهد وكل شىء!
أثق فيكم كرجل كفء ووطنى ولديكم الغيرة والوعى لتصويب الوضع المتهالك وبإذن الله ننهض به.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر!
ملاحظة : كاتب هذه السطور كان المحرر المسئول عن وزارة النقل من 1986 إلى 1993.. لزم التنوية.
الجريدة الرسمية