رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا يعني تحويل واشنطن إلى ولاية؟

واشنطن
واشنطن
تساؤلات عدة عن وضع واشنطن بعد الانتهاء بعد تصويت مجلس النواب الأمريكي لصالح مشروع قانون تحويلها إلى ولاية، تمهيدًا للتصويت عليها في مجلس الشيوخ.


وتنتشر الأعلام الفيدرالية على طول الطريق الرابط بين البيت الأبيض والكونجرس، في محاولة لتذكير السياسيين الذين يسلكون هذا الطريق، بأن الوقت حان لتحويل العاصمة واشنطن، إلى الولاية الأمريكية الـ 51.

ويمر 62 عاما على الولايات المتحدة دون إدخال ولاية جديدة إليها، وتعد تلك الفترة الأطول منذ إدخال ولايتي ألاسكا وهاواي للاتحاد الأمريكي عام 1959.

وسبق أن دفعت حادثة اقتحام مبنى الكابيتول لتعطيل تصديق أعضاء مجلسي الكونجرس، النواب والشيوخ، على نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، لتجدد الحديث حول ضرورة منح وضعية الولاية للعاصمة الأمريكية.

صلاحيات محدودة
وخلال عملية الاقتحام، لم تستطع عمدة المدينة موريل باوزر تفعيل استدعاء الحرس الوطني بسرعة، حيث إنها لا تملك تلك السلطة مثل حكام الولايات الأخرى، في وقت تأخرت وزارة الدفاع (البنتاجون) في تفعيل استدعاء الحرس الوطني للدفاع عن مبنى الكوندرس.

مقاطعة كولومبيا
وقانونيا، تسمى العاصمة مقاطعة كولومبيا (District of Columbia)، في حين أصبح من الدارج الإشارة إليها بمدينة "واشنطن".

وينتظر مجلس الشيوخ التصويت على مشروع قرار يتيح تحويل واشنطن العاصمة لولاية جديدة (لن يكون اسمها واشنطن نظرا لوجود ولاية باسم واشنطن)، في وقت عبر فيه الرئيس جو بايدن عن دعمه لهذه الخطوة، إلا أن الجمهوريين يعترضون ويهددون بعرقلة التحرك في هذا الاتجاه.

تاريخها
لم تكن مقاطعة كولومبيا (تعرف باسم واشنطن) عاصمة الدولة الأمريكية الجديدة عند نشأتها رسميا عام 1776 من 13 ولاية امتدت من الحدود الشمالية مع كندا وجنوبا حتى ولاية جورجيا. وكانت مدينة نيويورك هي العاصمة الأولى للبلاد قبل أن تنتقل إلى مدينة فيلادلفيا حيث بقيت عاصمة لـ10 سنوات انتهت عام 1790.

العاصمة الفيدرالية
ومنذ 1790 أصبحت واشنطن بمثابة العاصمة الفدرالية، وجاء اختيار واشنطن كحل وسط بين فريقين تنازعا حول موقع عاصمة البلاد.

سيطرة الشماليون
وقاد ألكسندر هاملتون الفريق الأول وساندته الولايات الشمالية، بينما قاد الفريق الثاني توماس جيفرسون ودعمته الولايات الجنوبية، وكان هناك خوف من الجنوبيين أن يسيطر الشماليون على دولة الاتحاد بوجود عاصمة في أقاليمهم.

نقل العاصمة
وكان الحل الوسط هو نقل العاصمة إلى الجنوب قليلا لاسترضاء فريق جيفرسون. واقترحت ولايتا فيرجينيا وميريلاند اقتطاع مناطق منهما بموازاة نهر البوتوماك لتكون مقاطعة فدرالية كمقر لعاصمة الاتحاد. وعندما أصبحت واشنطن عاصمة كان عدد سكانها يقدر بـ14 ألف شخص فقط، ويبلغ عدد سكانها اليوم 700 ألف نسمة.

ولاية الكونجرس
أشار الدستور في المادة 1، الفقرة 8، البند 17 إلى أن تكون المقاطعة الاتحادية خاضعة لولاية الكونجرس الأمريكي.

مساحة واشنطن
في البداية بلغت مساحة واشنطن 100 ميل مربع من الأراضي التي شملت كلا من مدينة الإسكندرية الحالية ومقاطعة أرلينجتون بولاية فرجينيا، بالإضافة إلى أراضيها الحالية شمال بوتوماك. كان هذا هو التصميم الأصلي كما هو مُحدد في عام 1790.

انتخابات الكونجرس
وقد تم السماح لقاطني المدينة بالتصويت في انتخابات الكونجرس في ولايتي ميريلاند وفيرجينيا، اعتمادا على أي جانب من نهر البوتوماك يعيشون فيه، واستمر ذلك حتى عام 1801.

القانون الأساسي
وفي عام 1801، أقر الكونجرس القانون الأساسي لمقاطعة كولومبيا، وهو قانون ينص رسميا على اعتبار واشنطن منطقة منفصلة عن الولايات المجاورة لها. وكان من المقرر أن يحكم الكونجرس السكان، ولم يعودوا يُحسبون كمقيمين في ميريلاند أو فيرجينيا. وقد تم تجريدهم من حقهم في التصويت بانتخابات الكونجرس. ولكن في عام 1846، قدم سكان الجزء الواقع في ولاية فيرجينيا (الإسكندرية وأرلينجتون) طلبا بالعودة إلى ولايتهم فيرجينيا بسبب سماحها بتجارة العبيد وحظرها في واشنطن.

وفي عام 1961، منح تعديل دستوري سكان العاصمة حق التصويت في الانتخابات الرئاسية. وتبع ذلك الكونجرس مع الحكم المحلي المحدود للمدينة، ولكن الجهود التي بذلت في عام 1980 لمنح التمثيل التشريعي والعديد من الحقوق الأخرى كبقية الولايات توقفت، ولم يتغير موقف المقاطعة إلا قليلاً منذ ذلك الحين.

توجهات سكان واشنطن
يصوت عادة 90% من سكان واشنطن لصالح المرشح الديمقراطي، لذا يتفهم البعض قلق الجمهوريين من حصول الحزب الديمقراطي المؤكد على مقعدي مجلس الشيوخ (من الولاية الجديدة) حال انضمامها للاتحاد، إضافة لممثلها في مجلس النواب، وهو ما يدعم قوة الديمقراطيين.

تقدم مجموعة من المشرعين الديمقراطيين في مجلس الشيوخ بقيادة السيناتور توم كاربر من ولاية ديلاوير، إضافة إلى 38 سيناتورا ديمقراطيا، وبعد اقتحام مبنى الكونجرس، باقتراح منح واشنطن اسم ولاية.

دعم بايدن
وجاء اقتراح مجلس الشيوخ بعد خطوة قامت بها في وقت سابق من إليانور هولمز نورتون، النائبة الديمقراطية التي تمثل مقاطعة كولومبيا، والتي أعادت تقديم مشروع القانون مع أكثر من 200 نائب من مجلس النواب. وأشار الرئيس جو بايدن خلال حملته الرئاسية إلى دعمه إدخال واشنطن كولاية 51 للولايات المتحدة.

مسألة أمريكية
وأشار بيان السيناتور كاربر إلى أن "هذه ليست قضية جمهورية أو ديمقراطية، بل هي مسألة أمريكية، وذلك لأن عدم وجود تمثيل عادل لسكان العاصمة لا يتفق بوضوح مع القيم التي تأسست على هذا البلد".

توازن القوى
لكن يبقى على المحك توازن القوى في مجلس الشيوخ الأمريكي، والذي من شأن إدخال واشنطن كولاية أن تنقل فيه أغلبية مجلس الشيوخ إلى الحزب الديمقراطي في وقت ينقسم فيه المجلس بالتساوي بين الحزبين 50 سيناتورا جمهوريا مقابل 50 سيناتورا ديمقراطيا.

عمدة وليس حاكم
واشنطن ليس لديها حاكم أو مجلس تشريعي مماثل لما يوجد في الولايات الأخرى، لكن للمدينة عمدة ومجلس محلي يمثل سكان المدينة، والعمدة الحالية هي السيدة موريل باوزر.

ويمكن لحكومة واشنطن سن قوانين ولوائح مثل بقية الولايات، وتدير واشنطن قوة الشرطة الخاصة بها ومدارسها الحكومية، ولديها نظامها القضائي المنفصل، بما في ذلك النائب العام الخاص بها.


ولكن من خلال قانون الحكم الذاتي للمدينة، الذي يسمح للكونجرس بإبطال أي قانون أقره مجلس العاصمة، لا يزال الكونجرس يحتفظ بحق النقض على قرارات المدينة.

حق التصويت
واشنطن ترسل ما يسمى مندوبا ليس له حق التصويت إلى مجلس النواب. وقد شغلت إليانور هولمز نورتون هذا المنصب منذ عام 1991. وتتمتع كنائبة بكل الحقوق مثل تقديم مشروع قانون أو العضوية في لجان مجلس النواب والتحدث في جلسات المجلس، لكن ليس لها حق التصويت.

ولا يوجد تمثيل لواشنطن في مجلس الشيوخ. وهذا يعنى أن سكان المنطقة الذين يدفعون أحد أعلى معدلات الضرائب الفدرالية ليس لهم أي رأي في من يثبتون ويصدقون على المناصب الرفيعة مثل الوزراء أو السفراء والقضاة.

حجج التحويل لولاية
"ضرائب دون تمثيل" فالقضية الكبرى هي أنه بالنسبة لأكثر من 700 ألف مواطن، يتم دفع ضرائب على الدخل دون وجود تمثيل سياسي. ويدفع سكان واشنطن إجمالي ضريبة الدخل الفدرالية أكثر من سكان 22 ولاية أخرى، ولكن ليس لديهم رأي في كيفية إنفاق تلك الأموال، حيث يغيب التمثيل والتصويت في الكونجرس.

بالإضافة إلى ذلك، على عكس الولايات، لا تتمتع واشنطن باستقلالية عن الحكومة الفدرالية، فالكونجرس لديه القدرة على إلغاء القوانين واللوائح المحلية، بل ويمكنه حتى تعديل ميزانية واشنطن ومراجعتها. كما تسيطر الحكومة الفدرالية على نظام المحاكم في واشنطن.

شكل الولاية
تشير مشروعات القوانين المقدمة حاليا إلى قطع دائرة يبلغ نصف قطرها ميلين، لتصبح منطقة فدرالية حكومية تشمل المباني الحكومية والمباني الأخرى ذات الصلة مثل البيت الأبيض والكابيتول، والمحكمة العليا، والمتاحف الحكومية، ويصبح هذا مقر الحكومة الاتحادية، كما هو محدد في الدستور.

أما بقية واشنطن، التي تتكون من أجزاء من المدينة حيث يعيش فيها مئات الآلاف بالفعل، فإنها ستصبح بعد ذلك الولاية الـ51.


دوجلاس
ومن المقترح أن تحمل الولاية الجديدة اسم "دوجلاس" في إشارة إلى فريدريك دوجلاس، الشخصية التاريخية المحورية في تاريخ المدينة.

واستنادا إلى عدد سكانها، ستحصل الولاية الجديدة على ممثل واحد في مجلس النواب، وعضوين في مجلس الشيوخ.

رئيس بلدية واشنطن سيحصل على منصب الحاكم الجديد ويصبح مجلس المدينة هيئة تشريعية للولاية. وستمنح واشنطن –الولاية- الحقوق نفسها التي تمنحها أي ولاية أخرى. وهذا يعني أن حاكم الولاية ستكون لديه القدرة على تفعيل الحرس الوطني في حالة الطوارئ.

الجريدة الرسمية