رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى ميلاده.. تعرف على هدايا القصبجي لأم كلثوم عند حضوره ولائمها الرمضانية

مأدبة افطار حضرها
مأدبة افطار حضرها القصبجى وعبد الوهاب وام كلثوم
هناك سمة أساسية متبعة في شهر رمضان وهي تبادل ولائم الإفطار أو السحور بين العائلات كنوع من الطقوس المحببة بين المصريين، غير أن هذا الطقس يكثر بين الفنانين وبعضهم البعض، فكثيرا ما كانت تحرص السيدة أم كلثوم مثلا على حضور مآدب الإفطار أو السحور في رمضان ولكن عند شخصين أو ثلاثة هم الأقرب إليها فقط.


من هؤلاء الصحفي محمد التابعي والموسيقار محمد عبد الوهاب، والملحن محمد القصبجي، الذى كانت أم كلثوم تحب سماع عزفه في أذنها طوال السهرة لدرجة أنه كان يقدم لها لحنا فى كل وليمة يحضرها فى بيتها..

لم تكن تلك الجلسات والسهرات للعمل بل للتسامر وتبادل النقاشات والقفشات والأراء حول حال الفن وأهله والسياسة والدولة والشعب وبل وحياتهم الشخصية، وحرصت الست على الاستمرار في تلك العادة حتى وفاتها.


ومن المداومين على ولائم أم كلثوم كان الملحن محمد القصبجي ـ ولد فى مثل هذا اليوم 15 أبريل 1892، ورحل عام 1966 ـ وبدأ العمل مع أم كلثوم عام 1924 بلحن (إن كنت أسامح) حيث قدم فيه شكل المونولوج الغنائي لأول مرة وتقاضي عنه 10 جنيهات ليبدأ بعدها التلحين لنجوم الطرب فى ذلك الوقت، وسمى النقاد هذا اللقاء بينهما بلقاء السعادة فكان نقطة التحول في مساره الفني وأيضا في مشوار أم كلثوم الغنائي.

كان القصبجي متطورا في تلحينه حتى أن الملحن بليغ حمدي وصفه بأستاذ الأغنية الحديثة، وكانت ألحانه تجد معارضة من زملائه الفنانين بالنقد لكنه استمر في طريقه مجددا مع كل أغنية، لحن القصيدة والطقطوقة والمونولوج والمسرحية الغنائية، ومن أغنياته الشهيرة لأم كلثوم "ليه تلاوعيني، أنت فاكراني ولا نسياني، مادام تحب بتنكر ليه، وغيرها"، إلا أنه أحدث ثورة لحنية عندما لحن لها " يا مجد، منيت شبابى بالنعيم"، حيث عهد إلى إبراهيم حجاج وعزيز صادق بعمل توزيع أوركسترالى للحن وفيها أدخل الهارموني للمرة الأولى بشكل مدروس دون أن يفقد اللحن الشرقي خصائصه وكذلك تعدد الأصوات فى الأداء فكانت تجربة عظيمة وجريئة.

 بالرغم من ملازمة أم كلثوم لألحان القصبجي سنوات طويلة كملحن منذ عام 1924، فإنها توقفت عن التعامل معه كملحن بعد فيلم "فاطمة "الذي لحن لها فيه "ياصباح الخير ياللي معانا، نورك ياست الكل نور حينا"، بعد أن اتجهت إلى ألحان تلاميذه " السنباطي وعبد الوهاب"  فأنها أصرت على مرافقته لها كعازف للعود في فرقتها الموسيقية خلال حفلاتها الشهرية، وعندما أصابه المرض والكبر كان يحضر ضمن الفرقة ممسكا العود صامتا بدون عزف حتى يظل بجوار أم كلثوم التي طالبته بأن يستريح إلا أنه رفض ذلك حتى رحل.


كان القصبجي استاذا عظيما على آلة العود وصاحب نظريات فى تطويرها وتتلمذ على يديه كل من محمد عبد الوهاب عام 1924 ورياض السنباطى 1930 ولصديقه الحميم زكريا أحمد.

رحل القصبجي قبل خمسة أيام من من تقديم أغنية "الأطلال" التي كان ضمن العازفين فيها فأبقت أم كلثوم كرسيه فارغا في جميع الأغاني التي قدمتها حتى عام 1970 .

كتب الموسيقار مدحت عاصم قائلا:" كان القصبجي ببساطة هو المعلم والاستاذ المتيم بتلميذته، وهو أول من قاد أم كلثوم الى المجد والنجاح وفضله لابد أن يذكر، ولا ينكر، ان لحن القصبجي الخالد " إن كنت أسامح" هو اللبنة الأولى فى البناء الضخم المسمى أم كلثوم، وقل هو القاعدة الأرضية التى انطلق منها صاروخ أم كلثوم الفنى ليعانق الكواكب والنجوم فهذا اللحن وهذا الرجل هو جواز مرور أم كلثوم إلى الشهرة وعشق القلوب لها ".
الجريدة الرسمية