رئيس التحرير
عصام كامل

في الذكرى الأربعين لرحيل يحيى الطاهر.. ابن الكرنك وأحد أضلاع المثلث الصعيدي

الأديب يحيى الطاهر
الأديب يحيى الطاهر عبدالله
فى مثل هذا اليوم 9 أبريل من عام 1981، رحل الكاتب الأديب يحيى الطاهر عبدالله، ولد عام 1939 بقرية الكرنك بمركز الأقصر فى صعيد مصر لأب أزهرى، وكانت عائلته تربطها صداقة كبيرة بالأديب الكبير عباس محمود العقاد مما جعله يتأثر كثيرا به.


تربى يتيما بعد رحيل والدته وله ثمانية من الأشقاء وغير الأشقاء.. تلقى تعليمه بقرية الكرنك حتى حصل على دبلوم الزراعة المتوسطة وعمل موظفا فى مديرية الزراعة. 

هو أحد أضلاع المثلث الصعيدي؛ أمل دنقل وعبد الرحمن الأبنودى وهو.. التقى ثلاثتهم فى مدينة قنا عام 1959، وكانت بداية لعلاقة صداقة طويلة.

جاء يحيى الطاهر إلى القاهرة عام 1964، وأقام مع بلدياته عبد الرحمن الأبنودي فى شقة بحي بولاق الدكرور، حيث خرجت مجموعته القصصية الأولى، إلا أنه ظل مرتبطا بقريته وبيئته فى جميع أعماله، حتى أنه قال عن قريته الكرنك فى جريدة "المساء" فى حوار معه عام 1975: "أرى أن ما وقع على الوطن وقع عليها.. وهى قرية منسية منفية، كما أنا منفي ومنسي، كما أنها أيضا قرية فى مواجهة عالم عصري.. إذن عندما أبتعد عن قريتي.. أسعى إليها فى المدينة، وأبحث عن أهلى وأقربائي، وناسى الذين يعيشون معي، وأنا لا أحيا إلا فى عالمها السفلي، فحين ألتقي بهم نجتمع كصعايدة وكأبناء الكرنك ونحيا معا".

كانت بدايات كتابات يحيى الطاهر لبعض القصص القصيرة موجهة للأطفال، نشرها فى مجلة "سمير"، أما أولى قصصه القصيرة فكانت بعنوان "محبوب الشمس"، وأعقبها بقصة "جبل الشاى الأخضر" في عام 1961.

ولأنه كان يبحث بجدية عن قاسم مشترك بينه وبين المجتمع، وعن أن يكون إبداعه لا يعبر عن طبقة معينة، فهو لا يكتب ليقرأه المثقفون وكفى، فلقد بدا هذا واضحا في قصصه التي كثيرا ما تستلهم التراث الشعبي في الحكاية وطريقة السرد والأسلوب أيضا.

كان يتميز بأنه يدون ما يؤلفه من قصص في رأسه، ويقرأها من رأسه ككتاب مفتوح لكن بلا أوراق، بل إنه لا يكتبها إلا ليدفع بها للنشر، عدا ذلك فهو يكررها ويكررها كلما سنحت الفرصة أمام مستمعيه دون زيادة أو نقص.

كانت هذه موهبة خاصة لدى يحيى الطاهر، الذي كان يرى أنه يتعمد عدم الكتابة لأن أمته لا تقرأ، المهم أنه كان لا يحفظ إلا أعماله فقط.


تفاعل الطاهر عبدالله فى قصصه مع ظروف ومقتضيات العصر خاصة أنه عاش النكسة وسنوات الاستنزاف، إضافة إلى أنه كان متأثرا ببيئته والتراث الشعبي للجنوب.


على مقهى "ريش" تعرف على مجموعة من الصحفيين والكتاب، وحاول كل منهم مساعدة يحيى بطريقته فساعده يوسف إدريس على نشر بعض قصصه فى مجلة "الكاتب"، فقال عنه بعد رحيله: "النجم الذى هوى".

وقدمه عبد الفتاح الجمل فى جريدة "المساء" بعد صدورها ليصبح خلال سنوات أحد أهم كتاب القصة والرواية فى الستينات.


أصدر مجموعته القصصية الأولى "ثلاث شجيرات كبيرة تثمر برتقالا" عام 1970، كما نشر روايته الأولى "الدف والصندوق" عام 1974، ومن أشهر رواياته "الطوق والأسورة" التى قدمت فى المسرح والسينما فيما بعد.


فى عام 1966 صدر أمر باعتقال يحيى الطاهر ضمن مجموعة من الكتاب والفنانين.


ورحل يحيى الطاهر عبدالله قبل أن ينتهى من كتابة قصته "الرسول" فى حادث سيارة على طريق الواحات، ودفن بناء على وصيته فى قريته "الكرنك".


رثاه صديقا بداياته ورفيقا عمره؛ أمل دنقل الذى قال: "ليت لابنتك أسماء تعرف أن أباها لم يمت.. لكنه صعد.. وهل يموت الذى كان هو الحياة؟!".

وقال الأبنودى: "مش دى نهايتك يا يحيى.. دي هى البداية".

وأعد الناقد الدكتور حسين حمودة رسالته للماجستير عن أعمال الطاهر، ثم أصدر كتابا نقديا عن الطاهر بعنوان: "شجو الطائر وشدو السرب" عام 1996، وترجمت أعماله إلى عدة لغات أجنبية، كما أطلقت أسرته جائزة أدبية سنوية باسمه للقصة القصيرة.
الجريدة الرسمية