رئيس التحرير
عصام كامل

ترزي «حليم»: «العندليب كان غاوي لبس.. وكان نايم في سرير الموت «شيك» | فيديو وصور

مكرم ويليم ترزي عبدالحليم
مكرم ويليم ترزي عبدالحليم حافظ
«محل وليم» الترزي، الكائن في مدخل شارع الشريفين، رغم المساحة المحدودة التي يشغلها، لكنه لا يزال محتفظًا بطابعه الكلاسيكي المُزين داخله بستائر ستان بيضاء ومجموعة من الهدايا والتذكارات التي تعود لعدة سنوات ماضية، «انا اشتغلت لكبار مشاهير مصر والعالم كله، وكثير منهم أعطاني هدايا مقابل عملي»، يتحدث مكرم وليم، ترزي الفنان الراحل عبد الحليم حافظ وعدد من المشاهير في مجالات الأدب والسياسة.





«ترزي العندليب» يروي «الحكاية»
في ذكرى رحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، كانت لنا زيارة إلى محل الترزي «مكرم وليم» في منطقة وسط القاهرة، بالكاد تستطيع أن تتبين لافتة المحل وسط المحال الجديدة التي غزت شارع «الشريفين»، رحلة قصيرة إلى عالم هذا الرجل الكلاسيكي البحت، عالم منفصل تمامًا عن عالمنا متسارع الإيقاع، «المرحوم وليم والدي كان التاريخ كله، هو اللي علمني الصنعة، المحل كان من سنة 1958 وكان في محل قبله في شارع شريف، وتم نقله هنا، أنا بقالي حوالي 56 سنة في الصنعة دي»، للمرة الأولى التي امسك فيها بالمقص ونزل مع والده للوقوف في المحل، كان عمره ثماني سنوات، «وأنا صغير أتذكر ناس كثيرة جدًا كانت تأتي لوالدي لتفصيل قمصانهم عنده في المحل، كان منهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، والدكتور طه حسين والكاتب محمد حسنين هيكل ومذيعين كُثر، وبالطبع الفنان عبد الحليم حافظ الذي قمت أنا بعد ذلك بالتفصيل له بعد وفاة والدي». 

في عام 1971 كان عداد العمر يدور دورته الطبيعية، سنوات قليلة تفصل «مكرم» عن تولي المهمة الأصعب في حياته، وهي العمل في المحل مع والده ولكن مع تحمل الأعباء الإضافية، حتى جاء عام 1975 ورحل الأب، فتسلم هو مكانه عُدة التفصيل والمقص، وظل المحل كما اعتاده «مكرم» منذ سنواته الأولى به، يعج بكبار المشاهير والمبدعين والمثقفين، «القميص اللي بيتفصل عند وليم بيتعرف من مليون قميص من شكل الياقة والأساور، لما رحل والدي فضلت أنا كمان بسير على نفس النهج وبقدم نفس الجودة والخامات وطريقة التفصيل مع بالطبع التعديلات الحديثة اللي بتناسب العصر».

«عبدالحليم غاوي لبس» 
عبد الحليم حافظ كان يُعد «أشيك» أبناء جيله، كان يرتدي كل ما هو يواكب الموضة  الحديثة، ويقول مكرم وليم :«كنت بلبس عبد الحليم القمصان، هو وغيره القميص اللي كان بيحبه أي شخص مشهور وغاوي لبس زي حليم كان نوع تاني خالص؛ ممكن الفوال أو اللينوه المصري وكان بيحب الألوان المتميزة، فهو كان غاوي لبس ومطلع على الموضة، وبيحب يبقى متميز في لبسه، إزاي ينقي موديل الياقة واللون وغير ذلك، الشباب هنا كان بيقلده في اللبس بتاعه».


« عبدالحليم كان شيك وهو نايم على السرير وقت مرضه»

يذكر مكرم وليم أن عبد الحليم حافظ كان من أكثر المشاهير الذين لا يمكنه أن ينسى ذوقه في الملابس وحبه لها، ليس لأنه مطرب وبحكم مهنته ولكن لإصراره الدائم على مواكبة الموضة، فكان يستعين بالموديلات الخارجية القادمة من لندن، ويفصلها «مكرم» ومن معه، وأكثر ما يتعلق في ذهن «مكرم» حتى هذه اللحظة، فترة مرض الفنان الراحل عبد الحليم حافظ، عندما كان «مكرم» يذهب إلى منزل «حليم» في حي الزمالك بالقاهرة  بعد أن انتقل من حي العجوزة إلى هناك، ليأخذ له المقاسات وغير ذلك، لم يأبه عبد الحليم بما كان به فالأهم لديه أن يبدو في أحسن صورة وحتى وإن كانت حالته الصحية ليست أحسن حال على الإطلاق!، «عبدالحليم كان شيك وهو نائم على سريره قبل وفاته، ده مزاج للفنان، مهما كانت ظروفه هيفضل يلبس كويس». 



«القمصان في زمن الروقان».. موديلات إيطالية وفرنسية
يتذكر مكرم وييم كبار المشاهير وكبار رجال الدولة الذين زاروه في هذا المحل الصغير، والذين رفض الإفصاح عن أسمائهم، وهم يأتون مرة واثنين وثلاثة من أجل عمل «بروفات» للقميص قبل تفصيله، كما يذكر كم كان الذوق العام رفيع ويتسم بالهدوء والرقي حتى أن المصريين كانوا يستمدون هذا الأمر من الإيطاليين والفرنسيين، ولكنه يرى أن الكثيرين الآن مازالوا يعشقون تفصيل الملابس.


«الناس اللبيسة دي كانت ناس رايقة قوي وناس صاحبة مزاج، من أيام الطربوش كانوا عارفين إزاي يختاروا البدلة أو القميص أو أي شيء، فكانوا يميزوا مين اللي بيريحهم ويعمل لهم شغل كويس ويروحوا له، فيه ناس أحسن من ويليم كتير، لكن بتكون راحة نفسية ليس أكثر، وفيه ناس لحد دلوقتي لسه كدة لسه بتحب التفصيل والدقة في اختيار الموديلات»، فوفقًا لمكرم ويليم لا يمكننا أن نقول أن تفصيل الملابس والقمصان مازال محتفظًا بمكانته حتى هذه اللحظة.

«فيه ناس لسه بتفصل، كل ما في الأمر أن المهنة تطورت، زمان كنا بنشتغل هاند ميد أما الآن، فأصبحت الماكينات هي الأولى، مما قلل الصناعة اليدوية وقلل العِمالة».  
الجريدة الرسمية