رئيس التحرير
عصام كامل

الصحفيون والعزوف عن الانتخابات.. لماذا؟!

لعل ما نراه اليوم من فوضى صحفية وتراجع مهني خطير كان نتاجاً لأوضاع خاطئة الجميع شارك فيها، وكان لانتخابات نقابة الصحفيين أيضاً دور ليس هيناً فيها.. وقد جاءت عمومية الصحفيين يوم الجمعة قبل الماضية ولم يكتمل نصابها كما توقعت.. وكان مقرراً لها لو اكتمل نصابها بحضور 50% زائد واحد لانتخاب نقيب الصحفيين وستة من أعضاء مجلس النقابة..


لكن للأسف لم يحضرها سوى 157 عضواً فقط رغم أن من لهم حق الانتخاب يزيد عددهم على ثمانية آلاف صحفي؛ الأمر الذي يعني أن الانعقاد القادم لعمومية الصحفيين والمقرر له 19 مارس الجاري يحتاج فقط لحضور 25% زائد واحد بما مجموعه 2479 صحفياً.. فهل هذا الرقم كثير؟! ربما يرجع البعض هذا الغياب الكبير لفيروس كورونا وخشية الزملاء انتقال العدوى إليهم أثناء التصويت..

لكني أرى سبباً آخر يبدو لي أكثر وجاهة وحسماً؛ ذلك أن أحداً من المرشحين سواء على مقعد النقيب أو عضوية المجلس لم يقدم برنامجاً انتخابياً مقنعاً ينتزع به حماس الصحفيين الذين عزفوا عن الحضور.. فكل برامج هؤلاء المرشحين هي عبارات إنشائية لا تقدم ولا تؤخر تكررت مع كل انتخابات.. ولم يقدم واحد منهم جواباً مقنعاً لسؤال حتمي: ما سنفعل لإنقاذ المهنة مما وصلت إليه من عشوائية وتردٍ وتراجع في الدور والمكانة..

تدني أجور الصحفيين
وهي معضلات تزداد تفاقماً عاماً بعد عام.. فلا تزال أجور الصحفيين هي الأدنى بين فئات المجتمع.. فهناك نسبة لا تقل عن 95% من الصحفيين عاجزون عن مواجهة صعوبات الحياة ومتطلبات المهنة..وهناك عدد غير قليل لا يحصل إلا على بدل التدريب والتكنولوجيا ومقداره 2100 جنيه.. بالإضافة لآخرين لا يحصلون على أي علاوات دورية في صحف حزبية وخاصة استغنى بعضها عنهم نتيجة صعوبات اقتصادية تسببت فيها كورونا وغيرها. ودعونا نكن صرحاء لنضع أيدينا على مواطن الخلل والقصور إذا أردنا حلها..

ولست أبالغ إذا قلت إن الصحافة تراجعت مكانتها وتراجع معها مكانة الصحفيين في المجتمع، ولم يعد بإمكان الصحفي الوصول للمسئول –أي مسئول- مباشرة، وقد صار المتحدث الرسمي لأي جهة رسمية ظاهرة تمنع تحقيق الانفرادات والسبق الصحفي بعد أن صار هذا المتحدث هو الصحفي الأوحد الذي يصوغ البيانات والمعلومات ثم يلقي بها إلى الصحفيين..

ولعل محاولة واحدة للبحث عن معلومة أو موضوع ما على جوجل مثلا ستأتيك بمتوالية خبرية صيغت كلها على نمط واحد وربما بعناوين متشابهة.. فأي مصلحة في حجب الصحفي عن الوزير حتى يلقاه بصورة مباشرة دون حجاب كما هي حال الصحافة في كل الدنيا.. ومَن من المرشحين يملك حلاً لهذه الإشكالية؟!
الجريدة الرسمية