رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة تحصيل ضريبة التصرفات العقارية.. وما لم يقله وزير المالية

تعتبر ضريبة التصرفات العقارية ضريبة قديمة تم إقرارها منذ عام ١٩٣٩ أى منذ زمن الملكية وبواقع ٥% من ثمن البيوع أراضى أو عقارات، لكن اختلف الأمر بعد إعداد قانون 11 لسنة 2013، إذ تم تكليف الشهر العقارى بتحصيل الضريبة، نيابة عن وزارة المالية، وهو ما وضع شركات التمويل العقارى والمشتري كفرد، فى مأزق عند قيامهم بتسجيل الوحدات التى تم شراؤها قبل إعداد هذا القانون، حيث يلتزم بسداد %2.5 من قيمة العقار المبيع، وهنا يأتى المأزق..


ذلك أن البائع قد حصل على نقوده وتمت إجراءات المبايعة بينه وبين المشترى، ومن ثم لن يُلزِمه أحد بسداد قيمة تلك الضريبة مقابل تسجيل الوحدة.. والحقيقة إن أزمة تحصيل ضريبة التصرفات العقارية قديمة حدثت منذ صورها قبل نحو ٨٠ سنة ولازالت مستمرة، والحصيلة المحققة منها متدنية للغاية وتشهد بذلك تقارير وزارة المالية. والأهم وما لم يذكره وزير المالية فى بيانه لتوضيح الأمر عقب اشتعال الأزمة الأخيرة أسرار وقضايا وأزمات أخرى تم تحميلها على أزمة تفعيل تحصيل ضريبة التصرفات العقارية وأيضا إلزام الناس بتسجيل عقاراتهم.

إحالة قانون الضرائب للمعاش

وأولى هذه الحقائق أن ضريبة التصرفات العقارية حتى قبل ربطها بمهمة تسجيل العقارات أصابت منظومة السجل العينى والشهر العقارى فى مقتل واعتاد الناس التصرف فى عقاراتهم اعتمادا على العقود الابتدائية أو العرفية فى الأراضى الزراعية والوحدات السكنية خاصة أن رسوم التسجيل وفق تقارير رسمية أيضا ترتفع عن المتعارف عليه دوليا بنحو ١٢ ضعفا.

وما لم يقله الوزير أيضا للناس المأزومة نتيجة زيادة أعبائها من كل اتجاه، إن ضريبة التصرفات العقارية التى صدرت فى زمن غير الزمن وكانت تخاطب مجتمع غير المجتمع لم تعد تناسب الواقع الحالى، بل أصبحت ضريبة تحمل شبهات عدم الدستورية وتخالف الأعراف الدولية لمثلها وذلك من واقع إجراءات تطبيقها الحالية وذلك لعدة أسباب، أولها أنها ضريبة كانت تخاطب مجتمع كان يعتمد بالأساس فى سكنه على الوحدات المؤجرة ويقتصر نشاط التمليك على نسبة لاتتجاوز٥% على أكثر تقدير للقصور والفيلات مثلا، وبالنسبة للأراضي الزراعية فهى كانت فى حوزة طبقة محدودة جدا من الشعب، وحينما تحولت البلاد بعد ثورة يوليو اعتمد الناس على أعرافهم فى نقل الملكية وماتت الضريبة لعقود طويلة ومات معها المشروع القومى لتسجيل ثروة البلاد العقارية المسمى بالسجل العينى وفشلت كل محاولات إحيائه وباتت كل مؤسسات الدولة والناس تعانى من عدم وجود قاعدة بيانات دقيقة للثروة العقارية وأعباء ورسوم مغلظة لتسجيل العقارات.

وما لم يقله الوزير أيضا إن فلسفة الضريبة بوضعها الحالى سواء من حيث سعرها المرتفع أو بتحويلها من المشترى وليس البائع فى أغلب الأحوال عن بيع تم فى زمن ماضى تحمل شبهة عدم دستورية أولا لأنها تحولت من ضريبة مباشرة على الدخل إلى ضريبة غير مباشرة يتم تحصيلها من غير المستهدف قانونا وهو البائع.

وما لم يقله لنا الوزير إن هذه الضريبة تشرع فى أسواق عالمية تعتمد المضاربات والتمويل العقارى كأساس للتصرفات  العقارية ولهذا هى ضريبة على ما يتحقق من أرباح نتيجة البيوع وفق النظام، فهل هذا هو الموجود بالسوق المصرى أم إن تحصيلها فى ظل أحوال البيوع بالسوق المحلى سيجعل منها ضريبة رأسمالية بامتياز وتؤدى إلى تأكل أصول وممتلكات الناس وليست ضريبة على ربح بأى حال..

١٠ سنوات.. قطار التطوير الضريبى محلك سر

والسؤال إلى وزير المالية هل بيوع الوحدات السكنية فى بلادنا يستهدف الربح أم لمواكبة ظروف الناس المعيشية وتطورات وتنقلات الأسرة؟ 
 
ومالم يقله وزير المالية أيضا أن هناك أزمة كبيرة فى تحقيق الإيرادات الضريبية المستهدفة بموازنة الدولة للعام الحالى سواء على مستوى الضرائب العامة على الدخل أو ضريبة القيمة المضافة أو الجمارك بسبب تداعي الأزمة الراهنة وانعكاساتها على القطاعات الاقتصادية المختلفة، وأيضا عجز الاجهزة عن إيجاد آليات مبتكرة لحل أزمة ارتفاع نسبة التهرب الضريبى المزمنة خاصة على مستوى القطاع المهنى والتجارى.

وأخيرا أذكر فقط أن حكومة سابقة انتفضت لإيجاد حلول شاملة لأزمة السجل العينى وتسجيل العقارات عام ٢٠٠٥ وعقدت العديد من المؤتمرات والندوات الجادة حددت أسباب الأزمة التاريخية لتسجيل أصولنا العقارية وبناء قاعدة بيانات متكاملة للثورة العقارية للبلاد، أدعو الوزير والحكومة والأحزاب المنتفضة لحل أزمة التسجيل والشهر العقارى إذا كان هذا هو الهدف وإعادة النظر فى توصيات وتقارير السجل العينى لأننا سنجد فيها طوق النجاة والحل الشافى يرحمكم الله.
الجريدة الرسمية