رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم الدعاء بقول: اللهم اجعلني مباركا أينما كنت؟.. لجنة الفتوى تجيب

مجمع البحوث الإسلامية
مجمع البحوث الإسلامية
ورد سؤال إلى لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف يقول فيه صاحبه "حكم الدعاء بقول: اللهم اجعلنى مباركا أينما كنت، وهل يعتبر من الاعتداء في الدعاء المنهى عنه شرعاً؟"، وجاء رد اللجنة على هذا السؤال كالتالي: 


أولًا: حث الإسلام على عبادة الدعاء لما لها من فضل عظيم وقد وردت به النصوص الكثيرة، منها قوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ). وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم "ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء".

ثانيًا: نهى الله تعالى عن الاعتداء في الدعاء وغيره، قال تعالى: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، ومعناه: مجاوزة الحد مطلقا في الدعاء وغيره. وأما عن صور الاعتداء في الدعاء، فقد قال القرطبي: منها أن يدعو الإنسان في أن تكون له منزلة نبي أو يدعو في محال ونحو هذا من الشطط ومنها أن يدعو طالبا معصية وغير ذلك ومنها أن يدعو بما ليس في الكتاب والسنة فيتخير ألفاظا مفقرة..... وكل هذا يمنع من استجابة الدعاء، وما ورد في السؤال لا يندرج تحت هذا المعني، وإنما هو من قبيل الاقتداء بفعل نبي الله عيسى عليه السلام. وقد قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ).

ثالثًا: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الدعاء بالمأثور أفضل من غيره في أمور الدنيا والآخرة. ومما ورد على لسان سيدنا عيسى عليه السلام -وهو مما وصفه الله به في قوله تعالى: (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نِبِيًّا. وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا)، ومبارك من البركة وهي الكثرة والنماء، ويقال فلان مبارك أي كثير الخير، ومنه قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ) والمعني كما قال القرطبي رحمه الله: أَيْ ذَا بَرَكَاتٍ وَمَنَافِعَ فِي الدِّينِ وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِ وَمُعَلِّمًا لَهُ.





ثالثًا: بناء على هذا: فإن دعاء الإنسان لنفسه أن يكون مباركاً بمعنى أن يكون نافعاً للناس ومعلماً لهم أو يبارك الله تعالى له في كل أقواله وأفعاله في كل زمان ومكان أو يكون كثير الخير ذو نماء وزيادة فيما يملك جائز شرعاً، وليس اعتداء في الدعاء، بل يُعَدُّ دعاء بما وردت به النصوص، والله أعلم.
الجريدة الرسمية