رئيس التحرير
عصام كامل

لعنة الفساد.. مصر تتراجع على مؤشر الشفافية إلى المركز 117.. وقضاة ومستشارون: نمتلك ترسانة قوانين لردع الخارجين عن القانون

المستشارة تهاني الجبالي
المستشارة تهاني الجبالي
رغم التوجيهات الرئاسية المستمرة بضرب بيد من حديد لكل مظاهره وصوره وأشكاله، ورغم تعدد الجهات الرقابية في مصر، حيث تتجاوز 20 جهة رقابية، إلا أن الحرب على الفساد لم تضع أوزارها بعد، خاصة أن مصر جاءت هذا العام في المرتبة 117 من أصل 180 دولة في المؤشر العالمي للشفافية. 


تأرجح 

هذا التأرجح في المراكز الأخيرة -رغم كل الجهود المبذولة في مكافحة الفساد والتي لا ينكرها سوى جاحد، تؤكد أن هناك أزمة حقيقية تحول دون تحقيق النتائج المرجوة. ربما يكون الفساد المتجذر داخل المحليات سببًا قويًا ورئيسًا، حيث استطاع الفساد في سنوات سابقة أن يؤسس لنفسه دولة مترامية الأطراف داخل أجهزة المحليات، واستئصاله وتطهير التربة المصرية من جذوره لن يتم بين ضحية وعشاها.



وربما يكون تعدد الأجهزة الرقابية في مصر سببًا آخر لاستفحال الظاهرة، وهذا ما أثبتته دراسة صادرة عن مركز العقد الاجتماعي التابع لمجلس الوزراء، عندما أظهرت أن تعدد الأجهزة الرقابية وتداخل اختصاصاتها يؤثر على مواجهة الفساد الإداري، ويمثل إهدارا للوقت والمال العام، ويسبب تناقضات لا حصر لها.

كما أن كل جهة من هذه الجهات تمارس رقابتها دون التنسيق مع الجهات الأخرى، فضلًا عن أن الجهاز المركزي للمحاسبات نفسه لا يملك الحق في الإحالة إلى المحاكمة مباشرة في حال المخالفات، كل هذه الأسباب وغيرها نطرحها في هذا الملف؛ بحثًا عن الطريق المثلى التي تُمكن الدولة المصرية من تحقيق أهدافها في كسر شأفة الفساد والقضاء على لعنته المستحكمة حتى الآن، وبالتالى الصعود إلى مراكز متقدمة جدًا في قادم السنوات في مؤشر النزاهة والشفافية..

ترسانة قوانين

وكشف عدد من القانونيين عن طرق مواجهة الفساد في مصر، بعدما احتلت المركز الـ 117 من أصل 180 دولة في مواجهة الفساد، وأكدوا أن مواجهة الفساد تحتاج إلى حسم وحزم قانونى، وتشديد وتغليظ العقوبات الموجودة في القانون، موضحين أننا لسنا في حاجة إلى إصدار قوانين أو تشريعات أخرى للمواجهة، لكننا في حاجة لتعديل وتطبيق حاسم وحازم لهذه القوانين ومصادرة الأموال حال الإدانة في الجرائم.

جرائم المال

المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق قالت: كان لى منهج في إدارة الفساد ومنهج آخر لمواجهته لافتة إلى أن قانون التصالح في جرائم المال الذي أخرجناه يدخل في إطار إدارة الفساد وليس مواجهته موضحة أن هناك ضرورة لحسم قانوني وتشديد العقوبات وإعداد منهج مصادرة الأموال.

وأضافت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق: مصادرة الأموال من خلال الحكم القضائي في الوقت الذي يثبت فيه بأن المال استغلال نفوذ أو فساد سواء أكان سياسيا أو اقتصاديا أو غيره من هذه الأمور، مشيرة إلى أن المدخل الأكبر للفساد دائمًا غالبًا ما يكون مرجعيته فسادا سياسيا أو اقتصاديا سواء صاحبه نفوذ أو غيره من هذه الأمور.

وتابعت: لا بد من وجود رؤية لإدارة هذا الملف وحسمه تجاه هذه الأنشطة والقضايا، والحل أيضا في تشديد العقوبات موضحة أن لدينا قوانين لكننا في حاجة إلى تعديل القوانين القائمة التي تتعامل مع الفساد الذي يترتب عليه تربح.

قائلة:"مش كله زي بعضه والموظف اللي اختلس 100 جنيه مش زي غيره" لافتة إلى أن هناك مستويات لمواجهة الفساد ونحن بحاجة إلى مراجعة المداخل والقوانين.

أجهزة المراقبة

وأشارت الجبالي إلى ضرورة تقوية أجهزة المراقبة التي تواجه هذه الجرائم وتحديدًا الجرائم  المرتبطة بقانون من أين لك هذا كما نحتاج أيضا إلى إرادة للتعديل على المسار القانوني والقضائي، خاصة أن لدينا قوانين فيها ارتخاء وأنا ضد قانون التصالح في مخالفات المال.

وأضافت الجبالي: المحليات أيضًا تمثل ثغرة في الحرب على الفساد خاصة أننا لم نأخذ بفكرة إعادة ترتيب أوضاع المحليات بإصدار القانون الخاص بها وإجراء انتخابات المجالس المحلية وهى معطلة حتى الآن لافتة إلى أن المحليات هي الرقابة المباشرة على أعمال السلطة التنفيذية في العمق، وأكبر دليل على ذلك الأمر ما حدث في التصالح بمخالفات البناء المخالف والبناء على الأراضي الزراعية.

وأوضحت الجبالي: الفساد أساسه في المحليات فنحن لم نحاسب الفاسد الذي كان يجلس على مقعد المحليات حينها وسمح بالبناء وأعطى المرافق من مياه كهرباء وغيره من هذه الأمور، لذلك فتح ملف فساد المحليات مهم وخاصة أن المجالس المحلية تراقب على السلطة التنفيذية في العمق سواء في القرية أو المركز أو المحافظة وتغييبها منح الفساد فرصة للتنامي، نظرا لأنه لا توجد رقابة مباشرة والمراقب قد لا يصل للجميع نظرا لأن البلد.

شفافية القرارات 

أما المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية والمنوفية الأسبق ورئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق فقال: إن محاربة الفساد تحتاج إلى الشفافية في القرارات وهى النقطة المهمة وتحديد الاختصاصات تحديدًا دقيقًا قائلًا "مش كله يرمى على كله" ووجود أجهزة فنية ورقابة متخصصة قوية محايدة.

وأضاف حسين: المساءلة أيضا هي السبيل الرادع لأى فاسد لافتا إلى أن كلمة فساد تشمل أنواع كثيرة منها الرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام والإهمال الجسيم كل هذه الأمور تقع تحت طائلة الفساد والمجالات أيضا من أنواع الفساد ويغلف كل ذلك القوانين والقرارات المنظمة للتصرفات.

وتابع: التشريعات الموجودة حاليا لمواجهة الفساد تكفى، لكن الأهم التطبيق ولسنا في حاجة إلى تشريعات جديدة، بل الحل في تطبيق التشريعات الموجودة من خلال الأجهزة موضحا أن المحليات أقل الأجهزة في الدولة فسادًا والشهرة التي تصفق لهذا الأمر ظالمة، لافتًا إلى أن فساد إدارة محلية واحدة لا يمثل 1 من المائة من فساد إدارات كثيرة.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية