رئيس التحرير
عصام كامل

ادعاء كاذب على الادعاء الصادق

مددت يدي بهدوء لأتناول ديوان «أكاذيب سمكة» لصاحبته الروائية الجزائرية «أحلام مستغانمي»، أهداني إياه صديق يمتلك حسًا أدبيًا، وكنت على وشك قراءته لوضع فاصلٍ بين واقع الحياة المادية المؤلم حينًا، والبائس أحيانًا، وذلك الخيال اللا محدود نحو مجتمع الفضيلة، نغصت عليّ كلمة «أكاذيب» تلك المحاولة البريئة، وذكرتني بادعاء كاذب على أحد شباب الصحفيين بأنه سب وقذف المستشار سامح كمال رئيس هيئة النيابة الإدارية.

 
وأول خيط قصتنا اليوم هو أن أحمد صبحي الصحفي المجتهد قام بنشر خبرًا بعنوان: (فضيحة في النيابة الإدارية.. زوجة رئيس الهيئة مديرة لسكرتارية مكتبه.. مصدر مطلع: زوجة رئيس الهيئة تصرف 5000 جنيه من وقت لآخر للصرف على المناسبات المختلفة)
 
الإتجار بالبشر.. جريمة تتجدد في مدرسة البنات

وتضمن الخبر أن مصدرًا داخل هيئة النيابة الإدارية أكد أن زوجة رئيس الهيئة تتقدم بطلب من وقت لآخر لرئيس الهيئة «زوجها» تطالبه فيه بالموافقة على صرف مبلغ 5000 جنيه من بند العلاقات العامة بالهيئة للصرف منه على المناسبات التي تقيمها الهيئة وكل أعمال العلاقات العامة مذيلًا بتوقيع السيدة حرمه.
 
ولم يلبث «سامح كمال» أن تقدم ببلاغ ضد الصحفي تنفيذًا لقرار المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بجلسته المنعقدة في 22 فبراير 2016، وكانت التُهمة السهلة هي السب والقذف، وهو ما ذكرني به ديوان «أكاذيب سمكة»، فهناك من يعتقد أن ذاكرة السمك ضعيفة، وهو ما يعني أن السمكة ستنسى ما تروجه من أكاذيب، وتعتقد أن ذاكرة من حولها بذات ضعف ذاكرتها، وأنهم سيصدقون ادعاءاتها الكاذبة، وهو امتداد خيط قصتنا.
 
وبعد هذا البلاغ الكاذب ضد الخبر الصادق كانت المفاجأة «المتوقعة»، فبعد اطلاع المستشار نبيل صادق، النائب العام حينذاك على البلاغ أمر بإحالته إلى المستشار مصطفى سليمان، النائب العام المساعد لنيابة استئناف القاهرة، وأرفق بهذا الخبر المنشور محل التحقيق صورة فوتوغرافية للسيد المستشار رئيس الهيئة، صاحب البلاغ إبان عمله مديرًا للمكتب الفني لرئيس الهيئة ومديرة مكتبه، التقطت بمكتب سيادته آنذاك، وكذا صورة ضوئية من طلب صرف مبلغ 5000 جنيه من بند العلاقات العامة للصرف على المناسبات التي تقيمها الهيئة مؤرخًا في 23 يوليو 2015
 
لا شك أن الأسماك الكبيرة تكره أن يعكر أحد صفو المياه التي تسبح فيها، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فبسؤال أحمد صبحي أمام المستشار باسم زيدان، المحامي العام الأول بنيابة استئناف القاهرة، قرر وبكل شجاعة أنه هو من نشر الخبر، وأنكر بكل ثقة ما نسب إليه من قذف المستشار سامح كمال، مشيرًا إلى أنه علم بتلك المعلومات من مصدر بالهيئة ـ رفض ذكر اسمه ـ تؤكد وجود مخالفات تفيد أن زوجة رئيس الهيئة مديرة لسكرتارية مكتبه، وأنها تقوم بصرف مبالغ مالية تحت بند العلاقات العامة، وأرفق صورة من «قيد الزواج» الخاص بها وصورة ضوئية من طلب صرف مبلغ 5000 جنيه
 
خطاب مفتوح إلى رئيس هيئة قضايا الدولة

ثم تعاقبت الإجراءات حتى قالت النيابة العامة إن الثابت أخذًا مما حوته أوراق الواقعة وما ورد بالمقال المنشور بمعرفة الصحفي أحمد صبحي، من قيام رئيس هيئة النيابة الإدارية المستشار سامح كمال «الشاكي» بتعيين زوجته، مديرة لسكرتارية مكتبه، وأن زوجة رئيس الهيئة تتقدم بطلب من وقت لآخر لرئيس الهيئة «زوجها» تطالبه فيه بالموافقة على صرف مبلغ 5000 جنيه من بند العلاقات العامة بالهيئة للصرف منه على المناسبات التي تقيمها الهيئة وكل أعمال العلاقات العامة مذيل بتوقيعها ـ فإن التحقيقات كشفت صحة الخبر المنشور
 
ثم جاءت اللطمة القوية للأسماك الكبيرة حين عُرِضت أوراق القضيــة رقم ١٥ لسنة ٢٠١٦ حصر تحقيق نيابة استئناف القاهرة، على المستشار نبيل صادق، النائب العام، ووافق على استبعاد شبهة جريمة القذف في حق المستشار سامح كمال المثارة بالأوراق وقيد الأوراق بدفتر الشكاوى الإدارية وحفظها إداريًا
 
«دَوَران شُبرا» يَستَغيث مِن غيَاب مُحَافِظ القَاهِرة

وتبددت «أكاذيب سمكة» مع قرار قضائي مُحترم أكد على مشروعية كشف المخالفات، والإبلاغ ضد ما يُثير الشُبهات، وهو أحد أدوار الصحافة الحرة في توعية المجتمع، مع رفع الأمر لمن بيده القرار ليضع حدًا لمثل هذه المهازل، ورغم سعادتي بتلك الذكرى إلا أنني أدركت أن الأُمسية قد انتهت قبل أن أبدأ في قراءة «أكاذيب سمكة».. وللحديث بقية

الجريدة الرسمية