رئيس التحرير
عصام كامل

بعد فطر أوريس.. أسباب انتشار الأوبئة في الألفية الثالثة.. تغير المناخ يدفع حيوانات للهجرة ونقل المرض.. وصراع البقاء بين الفيروسات يهدد البشرية

صورة للفيروس
صورة للفيروس

في ظل انتشار فيروس كورونا، وفشل العالم في السيطرة عليه حتي تحول إلي جائحة، فقد تزايدت المخاوف من انتشار الأوبئة، وما بين الحين والآخر تتعالي أصوات أجرس الإنذار تحذر من إمكانية تحول أوبئة جديدة لجائحة، لتتحول الألفية الثالثة إلى عقود من الاوبئة المتتالية.


كان آخرها فطر أوريس « Candida auris» حيث حذر خبراء من إمكانية تحولها لجائحة جديدة أسوأ من كورونا وسريعة الانتشار أيضا ويمكن أن تكون قاتلة، وهي مشابهة لفيروس الموت الأسود، وقالت عالمة الأوبئة جوهانا رودس بجامعة إمبريال كوليدج البريطانية، إن هناك مرضا جديدا قد يكون بمثابة جائحة حقيقية ويشبه في أعراضه الموت الأسود المعروف باسم الطاعون الدبلي، وهو فطر «Candida auris»، وفقا لصحيفة «اكسبرس» البريطانية.

وشرحت «جوهانا» أن الوباء الجديد والذي هو أسوأ من فيروس كورونا بعدة مرات، هو نوع من أنواع الفطريات الشبيهة بالخميرة «Candida auris» أو مبيضات أوريس، ويمكن أن يكون قاتلا، حيث تتمثل خطورته في بقائه على الأسطح لفترات طويلة من الزمن بل ويمكنه تحمل أيضا المطهرات المعروفة.



وقارن خبراء الأمراض المعدية بينه وبين الطعون الدبلي، حيث تشابه الاثنان في الأعراض وهي «الحمى، القشعريرة، التهابات مجرى الدم»، وتم إطلاق تحذيرات مكثفة بعدما تم اكتشاف الفطريات القاتلة في جميع أنحاء العالم من خلال عدة مستشفيات خلال السنوات الماضية، ويمكن أن تسبب الفطريات القاتلة « Candida auris» التهابات مجرى الدم والجروح، كما تواجدت أيضا في عينات البول والجهاز التنفسي، لكن ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان الفطر يصيب أيضا الرئتين أو المثانة.

فيما ذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أنه تم اكتشاف العدوى في جميع الفئات العمرية، حيث قال  الدكتور توم تشيلر من مركز السيطرة على الأمراض، إنه متواجد في كل مكان، ولا يزال العلماء في حيرة حول منشأ الوباء الجديد، ويجب البحث عنه منشأه وإجراءات دراسات جديدة حول مسبباته وكيفية السيطرة عليه.

وتم الإبلاغ عن اندلاع العدوى الفطرية مؤخرًا في يوليو 2020، حيث أبلغت وزارة الصحة في فلوريدا عن الحالات الأربع الأولية للفطر، من بين المرضى الذين يعالجون من فيروس كورونا الجديد، في الشهر التالي أجروا فحصا إضافيا وحددوا 35 مريضا آخرين مصابين بالفعل بالفطر، وتوفي ثمانية من بين 20 شخصا توفرت بيانات المتابعة الخاصة بهم، لم يكن من المؤكد ما إذا كان الفطر هو العامل الرئيسي أم لا.

كثرة ظهور الأوبئة
أثارت الكثير من التساؤلات حول أسباب كثرة ظهور الأوبئة الفترة الأخيرة، يقول مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة أن ذلك يرجع لعدة أسباب أبرزهم تغير المناخ، موضحا دفعت التغيرات المناخية بعض الحيوانات التي تحمل فيروسات وديعة لا تضرها إلى الهجرة لمناطق مختلفة ومنها انتقلت إلى الناس، كما أنعش تغير المناخ بعض الفيروسات وجعلها تنتشر لمسافات أبعد، وفى مساحات أوسع، ولأوقات أطول.

السبب الثاني لكثرة انتشار الأوبئة "صراع البقاء"، مشيرا إلي أن الفيروسات نفسها ليست غبية، وتتفنن فى التنافس مع الكائنات الأخرى للبقاء والتفوق واستعراض القوى، أما السبب الثالث هو نماط الحياة وتغير الأنماط الغذائية، وخاصة أن بعض سكان الكرة الأرضية يتناولون لحوم الحيوانات البرية، مما يسمح للفيروسات بالدخول فى المجتمعات البشرية والدوران فيها، وبذلك يتم تبادل وتوزيع الفيروسات بسهولة، وبجرعات تصل للملايين على المواطنين بسرعات فائقة.

وأيضا من أبرز أسباب كثرة انتشار الأوبئة والتي كشف عنها استاذ المناعة مستودعات الفيروسات، موضحا توجد بعض الفيروسات في الحيوانات ولكنها نادرا ما تنتشر إلى البشر، وتعتبر الخفافيش حاضنات للفيروسات الفتاكة، منوها تحتل الخفافيش التي تضم أكثر من ألف و300 نوع المرتبة الثانية بعد القوارض في تنوع الثدييات، وهى تعادل ربع عدد أنواع الثدييات، مؤكدا تعيش الخفافيش في جميع القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية داخل كهوف وربما  تتلامس مع المزيد من الفيروسات وتنتج للبشرية فيروسات فى المستقبل .

وأشار "بدران" في بعض الأحيان يمكن أن تحدث طفرات تجعل الفيروسات الجديدة تدخل المجتمعات البشرية، ولأن البشر ليس لديهم مناعة ضد الفيروسات الجديدة الوافدة، غالبا ما يحلو المقام للفيروسات الجديدة، و سرعان ما تبدأ فى العبث بأجهزة الإنسان، غالبا ما يكون الجهاز التنفسى هو الضحية الأولى، ومنصة الانطلاق لجهاز أو أكثر فى جسد الإنسان، وبمرور الوقت ولتأخر اكتشاف علاج أو تطعيم جديد ينتشر الفيروس مسببا وباءا جديدا. 

ولفت أستاذ المناعة إلي أن الخفاش مفرخة الفيروسات، يمكن لبعض الفيروسات الفتاكة أن تتكاثر بشكل أسرع في الخفافيش دون أى ضرر أو إتلاف لأنسجة الخفافيش، وفي كثير من الأحيان لا يمكن أن ينتشر فيروس جديد بين الناس، ولكن إذا تغير أو تحور، فقد يبدأ في الانتشار بسهولة، وفي هذه الحالة يمكن أن يؤدي إلى وباء، مؤكدا القوارض تستضيف 179 فيروسا  68 منها حيوانية المنشأ، بينما الخفافيش تستضيف 137 فيروسا  61 منها حيوانية المنشأ.

واختتم قائلا: فيروس الإنفلونزا مثال رائع على كيفية تمكين الطفرات لانتشار الفيروسات على نطاق واسع بين البشر كل عام وكل فترة ، مما يجعلنا نحتاج إلى تطوير تطعيم جديد للإنفلونزا كل عام.
الجريدة الرسمية