رئيس التحرير
عصام كامل

بعد تنحي المحكمة عن نظر قضية فساد الـ 500 مليار جنيه من ممتلكات الدولة.. ما هي أسباب وشروط التنحي؟

أسباب وشروط تنحي
أسباب وشروط تنحي المحكمة عن نظر القضايا

قررت محكمة جنايات شمال القاهرة الدائرة "١٨"، أمس الخميس، التنحي عن نظر محاكمة ١٧ متهما بالاستيلاء على ممتلكات الدولة المصرية والتي قدرتها الأجهزة المعنية بمبلغ ٥٠٠ مليار جنيه مصري من أموال الدولة، وذلك من خلال الاستيلاء على أراضي وممتلكات للدولة بمحررات مزورة مسجلة بمحكمة البدرشين الجزئية وسجلات الشهر العقاري، ورجع أوراق القضية لاستشعارها الحرج.. وإحالتها إلى دائرة أخرى لنظرها.


وفي السياق، أوضح الخبير القانوني أحمد الجيزاوي الحالات التي يجوز للمحكمة التنحي عن الدعاوى والقضايا المرفوعة أمامها، وهو الحق الذي كفله الدستور والقانون للقضاة للتنحي عن نظر القضايا لأي سبب قد يؤثر على سير القضية بكل حيادية وعدالة.

وقال "الجيزاوي": إن قانون المرافعات وضع نصوصا قانونية تتعلق بمبدأين من أهم مبادئ تحقيق العدالة، وهما؛ حياد القاضي واستقلال القاضي، وهذه المبادئ إذا ما حدث خلل في استقرارها وتوافرها كان على المحكمة أن تتنحى عن نظر القضية، مضيفًا أن القاضي إذا وجد سببا من الأسباب المنصوص عليها في قانون المرافعات التي تستوجب تنحيه كان عليه القيام بذلك.

وأردف الجيزاوي أن من ضمن أسباب التنحي أن يكون أحد خصوم الدعوى ذا صلة أو قرابة بالقاضي، أو حصل منه على هدية سابقة، وهنا يخشى القاضي أن يغلبه الهوى ويخرج عن حياد العدالة، ولو بشكل غير مقصود فيقرر التنحي عن الاستمرار في نظر الدعوى.

وتابع "الجيزاوي" أنه حال تقدم أحد الخصوم في الدعوى بطعن على الحكم الصادر ضده، وإثبات وجود صلة بين القاضي والخصم الصادر لصالحه الحكم؛ فسيتم إلغاء الحكم وقد يؤثر على سمعة القاضي، ويظهر خلل وعيب يمس بالسلطة القضائية، لذا يكون على القاضي حال توافر أحد أسباب التنحي أن يتنحى مباشرة عن الاستمرار في نظر الدعوى حفاظًا على نظرة المجتمع لمؤسسة القضاء.

وأشار "الجيزاوي" إلى أن أسباب تنحي القضاة تختلف تمامًا عن أسباب رد المحكمة من قبل أحد خصوم القضية، موضحًا أن أسباب الرد تتلخص في وجود خصومة سابقة بين القاضي والخصم في الدعوى، أو استشعار أحد المتهمين خروج المحكمة عن حيادها وعدم منحها الدفاع حقه في تقديم ما لديه من دفوع قد تثبت براءة موكله.

وكانت محكمة جنايات شمال القاهرة الدائرة "١٨" قد قررت التنحي عن نظر محاكمة ١٧ متهما بالاستيلاء على ممتلكات الدولة المصرية والتي قدرتها الأجهزة المعنية بمبلغ ٥٠٠ مليار جنيه مصري من أموال الدولة، وذلك من خلال الاستيلاء على أراضي وممتلكات للدولة بمحررات مزورة مسجلة بمحكمة البدرشين الجزئية وسجلات الشهر العقاري ورجع أوراق القضية لاستشعارها الحرج.. وإحالتها إلى دائرة أخرى لنظرها.

وعقدت الجلسة برئاسة المستشار مجدي عبد الباري رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين مصطفى البدويني ومحمد عبد الحكيم رضوان، وأمانة سر رجب شعبان.

وكشفت تحقيقات نيابة الأموال العامة العليا، أن هناك تشكيلا عصابيا قام خلال الفترة ما بين شهر يوليو عام ٢٠٠٩ حتى شهر فبراير من العام الحالي ٢٠٢٠، وعلى مدى ١١ عامًا، قام المتهمون بتزوير محررات رسمية وسرقة مستندات أصلية رسمية ورفع دعاوى شكلية وتحرير محاضر نزاعات على أراضي مميزة ملك الدولة بأحياء الجيزة و٦ أكتوبر والبدرشين مملوكة لأجهزة الدولة الممثلة في هيئة الأوقاف المصرية والإصلاح الزارعي، وهيئة المدن الجديدة والمجتمعات العمرانية، وتحرير محاضر صلح وتزوير رول القاضي وإخطارات قيد دعاوي وألبسوها لبس الحقيقة بأن قاموا بتوجيهها إلى هيئة قضايا الدولة وهيئة الأوقاف المصرية للإيهام بصحة إجراءات اختصامها وذيلوها بتوقيعات نسبت زورا إلى كاتب أول المحكمة، كما قاموا بتوثيق تلك الأحكام بسجلات مأمورية الشهر العقاري.

وتوصلت التحقيقات التي قام بعرضها المستشار مسعد أبو سعدة رئيس المكتب الفني بمحاكم استئناف القاهرة، أن المتهمين وهم أمينا غرفة الحفظ بمحكمة البدرشين ورئيس مجلس إدارة إحدى أكبر شركات المقاولات بالقاهرة الكبرى، وأعضاء مجلس إدارتها وربة منزل ومحاسب وموظف، بقلم محضرين محكمة البدرشين الجزئية ورئيس مكتب شهر عقاري المنزلة و٦ محامين وعامل، قد قاموا باصطناع محاضر جلسات أثبتوا فيها على خلاف الحقيقة مثول ممثلي أجهزة الدولة المختلفة وعضو هيئة قضايا الدولة أمام المحكمة وإقرارهم جميعا بالصلح مع باقي أطراف الدعاوى المدنية المصطنعة وتوقيعها زورا ببصمات لأكلاشيه مصطنع لمحكمة البدرشين الجزئية وتوقيعات منسوبة زورا للقضاة ورؤساء الدوائر المختصين؛ قاصدين بذلك جعل الأحكام المصطنعة حجة في مواجهة الدولة ليتمكنوا من نقل ملكية تلك الأراضي لصالحهم تنفيذا للأحكام المزورة الصادرة في الدعاوى المرفوعة صوريا.
الجريدة الرسمية