رئيس التحرير
عصام كامل

ما هو آخر ميعاد لصلاة العشاء؟.. اعرف آراء الفقهاء

صلاة - ارشيفية
صلاة - ارشيفية
وردت العديد من الأحاديث النبويّة الصحيحة التي أشارت إلى فَضْل صلاة العِشاء؛ منها: قَوْل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ صَلَاةٌ أثْقَلَ علَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ والعِشَاءِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا)، وقَوْله أيضاً: (مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ).



آخر ميعاد لصلاة العشاء
 إن للفقهاء تفصيلٌ في تحديد آخر وقت العشاء، وهو كما يأتي: الحنفية: يبدأ وقت العشاء عند غياب الشفق الأحمر، ويمتد هذا الوقت إلى طُلوع الفجر الصّادق، وأفضل وقتٍ لأدائها في الثُلُث الأول من الليل لمن ضمن الاستيقاظ في هذا الوقت، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لولا أنْ أشقَّ على أمتي لأمرتُهم أنْ يؤخِّرُوا العشاءَ إلى ثُلثِ الليلِ، أو نصفِهِ)، ويُكره عندهم تأخيرُها إلى ما بعد مُنتصف الليل.

 المالكية: يبدأ وقتها مع مغيب حُمرة الشفق الأحمر إلى الثُّلُثِ الْأَوَّلِ من اللّيل، واستدلوا بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة الكرام -رضي الله عنهم-، فقد جاء بالحديث في صحيح البخاري: (وكَانُوا يُصَلُّونَ العَتَمَةَ فِيما بيْنَ أنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ إلى ثُلُثِ اللَّيْلِ الأوَّلِ)، ويُكره تأخيرُها عن هذا الوقت إلا للمضطرّ؛ كمن كان في عمله ولا يستغني عنه، أو كان من أصحاب الأعذار كالمرض ونحوه، وما عداهم فالأفضل لهم المُبادرة إلى صلاتها في أوّل الوقت، ويمتدّ وقتها إلى طُلوع الفجر.

 الشافعية: يبدأ وقتُها بانتهاء وقت المغرب ويمتدّ إلى طُلوع الفجر الصادق، والأفضل صلاتُها قبل الثُلث الأول من الليل. الحنابلة: يمتدّ وقت أداء العشاء إلى ثُلُث اللّيل الأول، واستدلوا بفعل جبريل -عليه السلام-: (ثُمَّ أَخَّرَ العِشَاءَ حتَّى كانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَدَعَا السَّائِلَ، فَقالَ: الوَقْتُ بيْنَ هَذَيْنِ. -وفي رواية-: فَصَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أنَّ يَغِيبَ الشَّفَقُ في اليَومِ الثَّانِي)، وأفضل أوقاتها في آخر الثُلُث الأوّل، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لولا أنْ أشقَّ على أمتي لأمرتُهم أنْ يؤخِّرُوا العشاءَ إلى ثُلثِ الليلِ، أو نصفِهِ)، وأمّا وقت الضرورة؛ فيكون بعد ثُلُث الليل ويمتد إلى طُلوع الفجر الثاني، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (ليس في النومِ تفريطٌ إِنَّما التفريطُ في اليقظَةِ، أنْ تؤخِرَ صلاةً حتى يدخلَ وقتُ صلاةٍ أُخْرَى).



اقرأ أيضا.. أذكار الصباح مكتوبة كاملة


ويجدر بالذكر أن هناك وقت فضليةٍ ووقت اختيارٍ ووقت ضرورةٍ لكلّ صلاة؛ فوقت الفضيلة يكون في أوّل وقت الصلاة، أما وقت الضرورة فيكون في آخر وقت الصّلاة لمن كان معذوراً وزال عنه العُذر في وقت الصلاة، كالمجنون الذي يُفيق قبل دُخول وقت الصلاة التي تليها، أمّا وقت الاختيار؛ فيبدأ في صلاة العشاء من وقت الفضيلة، وينتهي عند نهاية الثّلث الأول من اللّيل.




حكم تأخير صلاة العشاء لآخر وقتها

يُفضّل تأخير أداء صلاة العشاء بعض الوقت بحيث لا يتجاوز نصف الليل؛ فإن كان هُناك اتّفاقٌ بين أهل الحيّ أو المسجد مثلاً على تأخيرها لثلث اللّيل؛ فهو من السنّة ما لم يكن هناك مشقّة على الناس، فقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُؤخرّها إن رأى تأخّر الصحابة -رضي الله عنهم- في أدائها، ويؤدّيها في أول الوقت معهم إن رآهم مُجتمعين؛ لإبعاد المشقة عنهم وعن أُمّته، ويُكره تأخيرُها إلى ما بعد مُنتصف الليل؛ لخُروج وقتها الاختياريّ

كيفيّة أداء صلاة العِشاء

 أجمع العلماء على أنّ صلاة العِشاء تؤدّى أربع ركعاتٍ، يجهر المُصلّي إماماً أو منفرداً في قراءته في أوّل ركعتَين، ويُسرّ في الآخرتَين، ويجلس للتشهّد بعد كلّ ركعتَين، وتُؤدّى صلاة العِشاء بالكيفيّة التي تُؤدّى بها باقي الصلوات، وبيان ذلك فيما يأتي:

 يتوجّه المُصلّي نحو القِبلة بكامل جسده، وينوي في قلبه أداء صلاة العِشاء يرفع يديه إزاء منكبَيه مكبراً تكبيرة الإحرام؛ بقَوْل: "الله أكبر"، ثمّ يضع يدَيه على صدره، بجَعْل كفّه الأيمن على ظهر كفّه الأيسر.

يقرأ دعاء الاستفتاح، فقد أخرج الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً -قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً- فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ) يتعوّذ من الشيطان بقَوْل: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، ثمّ يقرأ البسملة بقَوْل: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثمّ يقرأ سورة الفاتحة، ويُردفها بقَوْل: "آمين"، وهي ما تحمل في معناها طلب استجابة الدعاء، ثمّ يقرأ ما يشاء من القرآن الكريم.

يُكبّر رافعاً يدَيه إزاء منكبَيه ويركع؛ تعظيماً لله -تعالى-، ويكون بانحناء الظَّهْر، ووضع كفيّ اليدَين على الركبَتين، مع التباعد بين الأصابع، ويقول ثلاث مرّاتٍ: "سبحان ربّي العظيم"، وتُستحسن الزيادة على ذلك بقَوْل: "سبحانك اللهمَّ وبحمدك، اللهمّ اغفر لي"
 يرفع ظَهْره بعد إتمام الرُّكوع مع رَفْع يدَيه إزاء منكبيَه، قائلا أثناء ذلك: "سَمِعَ الله لِمَن حمده"، حال كَوْنه منفرداً أو إماماً، ويقول حال كونه مأموماً: "ربّنا ولك الحمد"، ثمّ يُكمل بعد أن يستقيم ظَهْره الدُّعاء الذي رواه الألبانيّ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، إذ قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكوعِ قالَ: سمعَ اللَّهُ لمن حمدَهُ ربَّنا ولَكَ الحمدُ ملءَ السَّماواتِ والأرضِ، وملءَ ما بينَهُما، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ).

 يكبّر لِأداء سجدتَين؛ خشوعاً لله -تعالى-، على نحوٍ يلامس فيه الأرض بأعضائه السَّبعة، وهي: الجبهة مع الأنف، والكفَّين، والركبَتين، والقدَمين بأطرافهما، مع الحرص على مُباعدة العضُدَين عن الجنبَين، وعدم بَسْط الذراعَين على الأرض، وتوجيه رؤوس أصابع القدَمين نحو القِبلة، والقَوْل ثلاث مرّاتٍ: "سبحان ربي الأعلى"، وتُستحسن الزيادة على ذلك بقَوْل: "سبحانك اللهمَّ وبحمدك، اللهمّ اغفر لي".


يكبّر عند رَفْع رأسه من السَّجدة الأولى جالساً على قدمه اليُسرى، وناصباً اليُمنى، ثمّ يضع يده اليُمنى على فخذه الأيمن ممّا تَبِع ركبته مقبوضة الخُنصر والبُنصر، مرفوعة السَّبابة ليُحرّكها حال الدعاء، مقرونة طرفَي الوسطى والإبهام ببعضهما كالحلقة، أمّا يده اليسرى فيبسط أصابعها، ويضعها على الفخذ الأيسر ممّا تَبِع ركبَته، ويقول: "ربِّ اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، واجبرني، وعافني". يكبّر لِأداء السَّجدة الثانية على نحوٍ مماثلٍ للسجدة الأولى قولاً وفعلاً، ثمّ يقوم مُكبّراً؛ لِأداء الركعة الثانية على نحوٍ مماثلٍ للركعة الأولى قولاً وفعلاً باستثناء قراءة دعاء الاستفتاح.

يُنهي الركعة الثانية، ثمّ يكبر ويجلس على هيئةٍ مماثلةٍ لجلسته بين السَّجدتين، ويقرأ التشهّد الأوّل الذي رواه البخاريّ عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ هو السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ، فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فإنَّكُمْ إذَا قُلتُمُوهَا أصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ في السَّمَاءِ والأرْضِ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).

يقوم مُكبّراً رافعاً يديَه إزاء منكبَيه؛ لِأداء باقي الرَّكعات على نحوٍ مماثل للركعة الثانية، مع الاقتصار في القراءة على سورة الفاتحة.

يجلس بعد أن يُنهي السَّجدة الثانية من الركعة الرابعة مُتورِكّاً؛ ويكون ذلك بأن ينصب قدَمه اليُمنى مُخرجاً من تحت ساقها قدمه اليُسرى، ومُمكّناً مقعدته من الأرض، وواضعاً يدَيه على فخذَيه على نحوٍ يُماثل وضعهما في التشهّد الأوّل. يقرأ التشهّد كاملاً، مع قَوْل: "اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ"، ثمّ ينهي صلاته بالتسليم يميناً ويساراً بقَوْل: "السلام عليكم ورحمة الله".
الجريدة الرسمية