رئيس التحرير
عصام كامل

"ترابيزة" وحيد حامد لأكثر من 40 عاما في "جراند حياة".. هنا كتب أهم أعماله | فيديو

فيتو
حوالي أربعين عاما هو عمر جلوسه أمام هذه الطاولة المواجهة لصفحة النيل بأحد أشهر فنادق كورنيش النيل بالقاهرة، النيل يجري بين ضفتيه وكذلك في عينيه، أحب الجلوس هناك لأنه يستطيع من خلاله أن ينظر للنيل طوال فترة بقائه بالمكان.


حينما رحل فجر اليوم الكاتب والسيناريست الكبير "وحيد حامد"، لم ترحل روحه عن هذا المربع الصغير، عالمه الموازي، وخِلوته التي أخرج منها أهم وأقوى الأعمال الفنية في تاريخ سينما ودراما مصر الحديثة.





"محمد معوض"، مسئول تقديم المشروبات لنزلاء "القرية النوبية" بفندق جراند حياة بالقاهرة، كان في استقبالنا سرى إليه نبأ رحيل حامد بعد ساعات قليلة، بدا الحزن على وجهه، فهو النزيل المحبب إليه"الملاك الصامت" كما أحب أن يصفه.

"كان بيجي كل يوم وعلى مدار الـ 12 سنة اللي اشتغلت فيهم هنا لم يتغيب يوم واحد عن الحضور الساعة 10 صباحا كنا بنضبط ساعاتنا عليه"، تدق الساعة العاشرة يأتي وحيد حامد يجلس على كرسيه البني الواقف وحيدا وسط الكراسي الحمراء المتراصة بجوار بعضها، " أول ما يوصل يطلب الشاي الأخضر والمياه المعدنية" 




في هذا المربع الصغير خرجت إلينا صرخات المصريين المحتجزين في مجمع التحرير مرددين "الكباب الكباب.. يا نخلي عيشتكوا هباب" في فيلم الإرهاب والكباب، ومن خلال هذه الطاولة أيضا صرخنا مبتهجين حينما تخلص "عادل عيسى" من غريمه "الغول" وقضى على قانون "ساكسونيا"، أمام النيل وبصحبة فنجان الشاي الأخضر والقهوة "السبريسو" خرجت أعذب عبارات المحبة والحكمة والعظة بين "عادل إمام" ويسرا في "الإنسان يعيش مرة واحدة".

نظرة واحدة يختلسها للنيل كفيلة بأن توحي له بفكرة أو جملة حوارية أو نص سرعان ما يجد طريقه إلى قلوبنا، "كان بيقعد من عشرة الصبح لحد الساعة 3 عصرا وعرفت إنه بيعمل كدة من السبعينات كمان، يبص للنيل كتير ويسرح ويبتسم كلنا كنا بنستغرب ده". 




ينظر حامد الذي غيبه عنا الموت قبل ساعات من الآن، إلى النيل يعود إلى أوراقه وقلمه وفنجان القهوة الذي يلي الشاي الأخضر بحوالي ساعتين ونصف، "كان أحيانا ينادي علينا وهو بيكتب يسألنا عن أسماء ممكن يستعين بيها في شخصيات بيكتب عنها، أنا مرة سألني عن أسماء بناتي أو أسماء بنات ممكن أطرحها عليه كنت ببقى مبسوط جدا، كان ممكن يسألنا عن آية قرآنية معينة كأنه حابب يشركنا في اللي بيكتبه"، يتحدث محمد معوض. 

كانت الخِلوة تلك التي استمرت منذ عام 1974 حتى وقت قريب، لا يقطعها سوى قدوم هذا الفنان أو ذاك المخرج.

الجميع كان يعلم أن وحيد حامد يلا يبرح هذا المكان حتى تغيب الشمس وترقد خلف صفحة النيل، "كان أي حد من الفنانين زي يسرا وعادل إمام اللي حرصوا أنهم يزوروه هما باستمرار بيجي يقعد معاه، وأحيانا كنت بشوف مخرجين زي المخرجة ساندرا نشأت ومحمد ياسين وغيرهما"، ينصرف الزائرون ليعود لقلمه مرة أخرى.

الهدوء يسيطر على الفناء المجاور للقرية النوبية وما يطلق عليه العاملون بالفندق "الساقية".. كرسي وحيد حامد التصق بالطاولة الالتصاقة الأبدية لحين حلول ضيف جديد عليه، "محدش قعد على الترابيزة دي غيره هو حبها عشان مواجهة للنيل ويقدر يكشف من خلالها أكبر مساحة منه،  كتير بص للنيل يمكن بالساعات وسرح، وكتير من أعماله الفنية الجميلة خرجت من المكان ده".

ورحل الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد صباح اليوم ، عن عمر يناهز 77 عاما ، بعد صراع مع المرض ، وتشيع الجنازة بعد صلاة الظهر من مسجد الشرطة بالشيخ زايد.

وكانت قد تدهورت الحالة الصحية للكاتب الكبير وحيد حامد على مدار الأيام الماضية، حيث تم نقله إلى أحد المستشفيات منذ 10 أيام بعد تعرضه لأزمة قلبية، فضلاً عن معاناته من متاعب بالرئة، وهو الأمر الذى أدخله غرفة العناية المركزة خلال الثلاثة أيام الأخيرة.

وفاة وحيد حامد
وكرم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في افتتاح دورته الـ42، وحيد حامد بمنحه جائزة "الهرم الذهبي التقديرية" لإنجاز العمر، وذلك تقديرا لمسيرته المهنية الممتدة لأكثر من خمسة عقود، قدم خلالها للجمهور المصري والعربي، أكثر من 40 فيلما، وحوالي 30 مسلسلا تلفزيونيا وإذاعيا.
الجريدة الرسمية