رئيس التحرير
عصام كامل

"مصر بتتغير" ودولة المواطنة "المطلب الأول".. سياسيون يضعون خريطة طريق.. وسيادة القانون والمساواة "روشتة" المستقبل

أيمن شبانة
أيمن شبانة
مصر الديمقراطية المدنية الحديثة خطوة على الطريق الصحيح والرئيس يعمل جاهدًا على تصحيح أخطاء الماضى المتراكمة وتصويب المسارات الملتوية.

رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى أكد تنفيذ توجيهات الرئيس بالتحول نحو دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وهو التصريح الذي صادف ترحيبًا كبيرًا وأحيا آمالًا موؤدة.


ولكن يبقى السؤال المركب هو: كيف تتحول مصر إلى دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وما ملامح ومواصفات وضوابط ومعايير الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وهل مصر مستعدة وقادرة على تحقيقها وتنفيذها على أرض الواقع؟

"فيتو".. عقدت حلقة نقاشية مع سياسيين وحقوقيين وأكاديميين بارزين وطرحت عليهم الأسئلة ذات الصلة، وأجمعوا على أن الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة هي الدولة التي تتحرر من سلطة الدين دون تهميشه أو تقزيمه، بل احترامه وتقديره باعتباره رافدًا من مرجعيات المبادئ والقيم الإنسانية، كما إنها الدولة التي تقدر حقوق الإنسان وتُعلى قيم العدالة والقانون دون تمييز أو عنصرية.

وترتكز الدولة المدنية الحديثة -كما أجمعوا- على نظام مدنى يقوم على السلام، والمساواة، والتسامح، والتعددية، وقبول الاختلاف، والمساواة في الحقوق والواجبات، واحترام حقوق الإنسان وعدم التمييز ودعم مبدأ الحرية المنضبطة في الفكر والرأى، ورفض فكر التحريض والكراهية

ترسيخ الديمقراطية

تتجه الدولة المصرية لترسيخ مبادئ الديمقراطية والمدنية وفق توجهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومن هنا تزايدت التساؤلات حول كيفية تحويل مصر لدولة ديمقراطية ومدنية حديثة، وهو ما كشف عنه أساتذة العلوم السياسية في سياق التقرير التالى الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة : الدولة الديمقراطية تقوم على وثيقة تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين مؤسسات الدولة وأجهزة صناعة القرار، وتعتمد على مبدأ المواطنة بمعني أن أهم شخص فيها هو المواطن.

تطبيق المواطنة

ولابد من المساواة بينه وبين غيره من أبناء وطنه، موضحا مفهوم المواطنة يعني أن يشعر الجميع أنهم سواسية وينتمون إلى دولة يتمتعون بها بنفس الحقوق والواجبات على أساس الشفافية والمساواة والعدل، ويستبعد فيها فكرة وجود أغلبية وأقلية أو استبعاد شخص دون الآخر، الجميع فيها يشارك على قدم من المساواة في السلطة والإدارة، فهي دولة قائمة على فكرة حقوق وواجبات، بأن تأدية الواجبات شرط للحصول على الحقوق.

تقوم الديمقراطية، وفق ما أكده "شبانة" على ممثلين للشعب في كل القطاعات، كالنقابات والمجتمع المدني والمؤسسات الحكومية، والبرلمان، والحكومة، على أن تكون الانتخابات أساسا حاكما لإسناد الوظائف والمناصب الكبري في كل أجهزة الدولة، والاعتماد عليها لإفراز أفضل العناصر تمثيلا للشعب، وأيضا من أبرز خصائص الدولة المدنية الديمقراطية أنها تستبعد فكرة سيطرة مؤسسة دينية سواء مسلمة أو مسيحية على الدولة، وأن تحكم مؤسسة دينية المواطنين وتكون سيفا على رقابهم.

مشاركة شعبية

ومن أبرز مزايا الدولة الديمقراطية المدنية أنها تشجع الشعب على الانصهار فيما بينه وفق آليات الإدماج الطوعي، بمعني أن تعمل الدولة على بناء آليات لإدماج الشعب بشكل طوعي، بما يظهر المجتمع أكثر انسياقا تحت شعار "الأمة المصرية" التي تذوب فيها الانتماءات التحتية وتختفي فيها بعض المصطلحات، مثل أنا إسكندراني أو أسواني، أو أنا مسلم أو مسيحي، وأنا ومن بعدي الطوفان، ويظل فقط مصطلح: أنا مصري.

يستطرد شبانة: من أبرز مزايا الدولة الديمقراطية المدنية أن المواطنين يشعرون فيها بالعدل وعدالة التوزيع ، وأنهم على قدم المساواة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية تفعيلا لمبدأ الحق والواجب، واحتراما للرأي والرأي الآخر فالجميع يشارك بدون استبعاد لأحد، وتنفيذ مبدأ تكافئ الفرص والشفافية في التعامل.

ولكي نعمل على ترسيخ أركان دولة المواطنة المصرية المدنية الديمقراطية، لابد من أن تتخذ الحكومة مجموعة من الإجراءات لتفعيل مبادئ الدولة الديمقراطية المدنية، بأن تعمل على تدشين آليات تقوم على الشفافية والمحاسبة وإتاحة الفرص لجميع فئات المجتمع في التعليم والمشروعات، وتولي الوظائف بما يجعل المواطنين يشعرون بأن القيمة العليا للكفاءة والإنجاز والتميز واختفاء الوسطة والمحسوبية.

المساواة وتكافؤ الفرص 

وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بما يلغي كل الاستثناءات، ويشجع فكرة الحراك الاجتماعي فلا يستعبد أن يكون فقير على قدر مميز من التعليم والتفوق من زملائه يحصد منصبه بناءً على ذلك، ولا وجود لمبدأ ابن القاضي سيظل قاضي وابن الغفير سيظل غفيرا، وأيضا لابد من وجود تعديل تشريعي وإصلاح قانوني لضمان تطبيق القانون بصرامة على الجميع دون تمييز، للقضاء على فكرة الواسطة والمحسوبية في تولي الوظائف، فعلي سبيل المثال تنص بعض القوانين على أنه يشترط لتولي وظيفة ما من يتوفر فيها صفات معينه مع وضع (استثناءات)، موضحا أن ما يتم تطبيقه هو الاستثناء.

مؤكدا أن هذا الاستثناء منفذ طبيعي للفساد، وإلغاء أيضا عرف تعيين أبناء العاملين في مناصب آبائهم بما يخلق مجالا لتوريث الوظائف، ويحرم المجتمع من أهم صفات الدولة الديمقراطية وهو الحراك الاجتماعي، فنحن بحاجة لتعديلات قانونية لمنع تلك الثغرات التي كانت سببا أساسيا في تنامي المحسوبية داخل المجتمع المصري.

أيضا التوعية بخطوة ضرورية الفترة القادمة، يجب على المؤسسات الدينية سواء المسلمة أو المسيحية توعية المواطنين وترسيخ فيهم مبادئ الاعتدال والتسامح وتقبل الرأي الآخر، وتركيز الإعلام مع فكرة أن الهدف من الحوار ليس إلقاء الاتهامات والسخرية من البعض ولكن النقاش ينجم عنه استدلال الحقائق، والوصول إلى الحد الأقصى من المعلومات لاستبعاد الأفكار الخاطئة الاستفادة من الرأي الآخر.

وأخيرا مؤسسات الدولة والحكومة تعتبر أهم ضامن لتكافئ الفرص بين أفراد المجتمع المصري.

القانون

وكشف إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الدولة الديمقراطية تقوم على عدة مبادئ وهي: سيادة القانون على جميع المواطنين دون أي تمييز وفق عدالة ناجزة تعتمد على أن جميع فئات الشعب سواسية أمام القانون وفقا لمبدأ المواطنة والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات، تدشين مؤسسات الدولة بناءً على انتخابات حرة نزيهة تعبر عن رغبة مواطنيها، الاهتمام بتعدد السلطات ودعم الأحزاب سواء المؤيدة أو المعارضة.

بما يحقق التوازن في القوى السياسية، على أن تقوم الدولة على مؤسسات سياسية تطبق القوانين بطريقة موضوعية على الجميع دون التفرقة بين مواطني الدولة سواء على مستوى الجنس أو الدين أو الإقليم أو محافظة عن أخرى أو حتى المستوي الاجتماعي.

وأشار "بدر الدين" أن الدولة المدنية الحديثة تقوم على فصل الدين عن الدولة بدون استبعاده أو تهميشه، فالدولة المدنية لا تتعدي على الدين أو ترفضه، ولكن ما ترفضه سيطرة المؤسسات الدينية سواء المسجد أو الكنيسة على مؤسسات الدولة لتحقيق أهداف سياسية وإقحام الدين للوصول لمصالح دنيوية، فهي تعمل دائما على تقديره واحترامه على أن يظل عاملا أساسيا في بناء الأخلاق وتعليم القيم والأخلاق الرفيعة، حتى لا نصل إلى منعطف تسييس الدين من منطق الحكم باسم الله تعالى.

ولا مانع من القتل باسم الله أيضا وانتهاك أصحاب النفوس الضعيفة كل الحقوق الإنسانية التي أقرتها الأديان تحت شعار الدين وأوضح قائلا: ومن هنا يمكن القول بأن خصائص الدولة المدنية الحديثة تقوم على نظام يعتمد على السلام، والمساواة، والتسامح، والعدل، والمساواة في الحقوق والواجبات، والتعددية، وقبول الاختلاف، واحترام حقوق الإنسان وعدم التمييز، والاهتمام بالحريات الفردية ورفض فكر التحريض والكراهية، وتدعيم قيمة المشاركة والحرية.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية