رئيس التحرير
عصام كامل

زيارة الرئيس إلى فرنسا وملف حقوق الإنسان

تأتي زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى باريس في ظل موقف دولي متوتر للغاية، وهذا الوضع الدولي نراه في الضبابية السياسية المصحوبة بنتائج الانتخابات الأمريكية والحديث الدائم عن عودة التدخلات الأمريكية في شؤون الدول الأخرى بدافع الدفاع عن حقوق الإنسان.


هذه الزيارة كما أعلنت وسائل الإعلام الفرنسية، تمت فيها مناقشة الأوضاع في ليبيا، والأزمة السياسية في لبنان، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقضية العلاقات مع إيران، وكذلك الوضع فيما يتعلق بحقوق الإنسان في مصر.

انتقد ممثلو مجتمع حقوق الإنسان الفرنسي إيمانويل ماكرون لتعاونه مع الرئيس السيسي وخرجت الصحافة الفرنسية لتختزل هذه الزيارة وكأنها تمت لكي تتم فيها مناقشة مسائل حقوق الإنسان، ولكن هذا الأمر غير صحيح. فهذه الزيارة تمت بدعوة من الرئيس الفرنسي للرئيس المصري من أجل مناقشة جميع الملفات الإقليمية المشتركة وعلى رأسها التعاون الثنائي في مواجهة النفوذ التركي في الشرق الأوسط وإفريقيا.

تركيا تشعل الصراع بين أرمينيا وأذربيجان

والأمر الذي انتبهنا له في المؤتمر الصحفي بين الرئيسين، كان رد الرئيس إيمانويل ماكرون على سؤال حول ما إذا كانت فرنسا ستجعل تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لمصر مرهونا بحالة حقوق الإنسان، قال ماكرون "لن نفعل ذلك. سياسة المطالبة بالحوار أفضل من المقاطعة". ووفقًا لماكرون، فإن ذلك سيجعل مصر "أكثر عرضة للخطر".

وقال ماكرون "لا أجعل التعاون العسكري والاقتصادي مرهونا بهذه الخلافات لأنني أؤمن بسيادة الشعوب واحترام المصالح المشتركة". وأقر بأن "هناك قضايا خلافية في العلاقات بين فرنسا ومصر لكن الطرفين يناقشانها بروح من الصراحة".

إذن هناك اعتراف من الرئيس الفرنسي بأن استخدام ملف حقوق الإنسان هو أمر خطر على أي حكومة كانت، فلو تذكرنا موقف القيادة الفرنسية فيما يتعلق باحتجاجات السترات الصفراء نجد أن موقفها مع الاحتجاجات كان واضحًا ودقيقًا، وكان يتمثل في عدم إجراء أي مفاوضات أو تنازلات، واستخدام جميع الإجراءات البوليسية العلنية والسرية لضمان النظام العام.

فطبقاً للأرقام الرسمية تراوح إجمالي عدد القتلى في فرنسا خلال احتجاجات "السترات الصفراء" من 11 إلى 13 قتيلا. و فقد ما لا يقل عن سبعة عشر شخصًا بصرهم نتيجة إصابة أعينهم برصاص الشرطة المطاطي. وأصيب 2.2 ألف شخص بجروح خطيرة نتيجة الأعمال الوحشية للشرطة الفرنسية. بالإضافة إلى ذلك فلقد حُكم على أكثر من 3 آلاف متظاهر، بما في ذلك أحكام تتراوح مُددها بين شهر وسنة. كما عدلت الحكومة الفرنسية القانون وأصبحت هناك  مسؤولية جنائية عن "التحريض على الكراهية"، فيمكنك الدخول للسجن بسبب منشور ما على الشبكات الاجتماعية.

الدور المصري في حرب النفط العالمية

وأمام كل هذه الاجراءات البوليسية الفرنسية لم يكن هناك أي صدى لجهود منظمات حقوق الإنسان الفرنسية أو الأوروبية لإيقافها، فمسائل حفظ النظام العام لا تتلاقى مع رغبات هذه المنظمات و مع مموليها الحقيقيين.

بشكل عام الدولتان المهمتان جداً في الوقوف ضد النفوذ التركي في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا تواجهان حالياً حرب اعلامية كبيرة على المستوى الدولي، ففرنسا تواجه اتهامات من جانب أردوغان ومن جانب المنظمات الاسلامية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين بالحرب على الاسلام وهذا الأمر غير صحيح، وهذه الاتهامات تتم في سياق الصراع على النفوذ بين أنقرة وباريس.

أما مصر والتي استطاعت في فترة 7 سنوات فقط العودة لدورها الاقليمي القوي تواجه اتهامات بانتهاكات لحقوق الانسان، ونعلم جيدا جميعاً أن هذه الاتهامات تظهر فقط عندما تكون حكومة ما تقف ضد المصالح الغربية وضد أهدافها، وأحداث الربيع العربي علمتنا ذلك.
الجريدة الرسمية