رئيس التحرير
عصام كامل

الشواهق الاجتماعية تهدد المجتمع (2)

ما زلنا مع الشواهق الاجتماعية، نُحلل مخاطرها وندعو لتقويمها، فمن غير المقبول أن نترك مجتمعنا فريسة لأصحاب الصفحات والمنصات على مواقع التواصل الاجتماعي يحققون منها أغراضهم تحت شعارات ومبادئ قد نتفق على صحة بعضها، ولكننا نختلف معهم في العرض المنقوص والابتذال ولدد الخصام وإشعال الفتن بين فئات المجتمع.

         
كان جديرًا بهؤلاء المؤثرين، عند واقعة طفل المرور أن يُبادروا إلى دق ناقوس الخطر لتربية الأبناء بما يليق بشعب متحضر، وأن يعود لوزارة التربية والتعليم دورها المفقود، والتعاون على سرعة رد فعل المجتمع تجاه هذه الظاهرة، وانطلاقًا من هذه الرؤية تكون الهاشتاجات والمبادرات لتوعية الآباء والأمهات، وتحفيز الشباب للتطلع إلى أهداف عظيمة تحول دون ترديهم في مستنقع الفساد، وللمؤثرين في هذا الشأن الدعوة إلى مقاطعة أفلام العنف والبلطجة والتدني الأخلاقي، وكذلك الأغاني التي تؤجج مشاعر الانحراف، دون النيل من أشخاص أبطالها في حياتهم الشخصية.

لماذا وصف المتحدث الرسمي «ترامب» بالعنصرية؟

وكان الأولى بهم عند تناول واقعة الفعل الفاضح، المطالبة بسرعة الفصل في الموضوع حرصًا على أطراف الواقعة، ولا بد أن يلتزم أولئك الذين يُحبون الرسول الكريم بعدم الخوض في أعراض الناس وإصدار الأحكام دون سماع شهود الواقعة، والتأكد من كونهم شهود عُدول تطمئن لصدقهم المحكمة المختصة، وأن يتعلموا من «حادثة الإفك»، وعند ثبوت التهمة وتوقيع العقاب يكون رد الفعل المُحترم هو تفعيل دور التربية مُجددًا، مع وضع مقترحات جادة لكفالة خروج المرأة للتعلم والعمل بحرية تحفظ لها كرامتها.

فقد شاهدت في مواعيد العمل الصباحية أكثر من فتاة تقود دراجة بخارية، وعليهن علامات الجدية، وحدثتني نفسي ولا شك أنهن سيتعرضن لبعض المضايقات، وهنا تخيلت أن ابنتي اضطرت لهذه الوسيلة، ولذلك من الضروري أن يحترس المواطنون من تلك الصفحات التي تأكل وتشرب من فضائح المشاهير وحياتهم الخاصة، لأن تلك الأخبار التي تُوغِر الصدور لن تزيد قارِئَها مالًا، ولن تنقص من أموال المشاهير وسياراتهم وممتلكاتهم شيئًا، والذكي من أدرك أن الأرزاق يُقَسِمها الخالق بين العباد، دون ارتباط بالدرجة العلمية ولا الحالة الإيمانية.

هناك مساحة قد نلتزم فيها الحياد، وهي التي تنشر عبرها بعض الأدعية والأذكار وغيرها، وإن كانت هي الأُخرى محلًا لبعض الصراعات الجانبية، فالبعض يُشكك في صحة بعضها، والبعض يرفض أن يعيد النشر لعشرة من أصدقائه، ولكن هذا امرٌ متروك لكل مواطن، لأن الصفحات المعنية بذلك إن لم تُحقق نفعًا فلن تجلب ضررًا، ويكفي حُسن نوايا المتعاملين مع تلك الصفحات، ونبل مقصدهم.

لماذا وصف المتحدث الرسمي «ترامب» بالعنصرية؟

ولا بد أن أؤكد أن هناك نسبة كبيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لم ينزلقوا إلى النيل من أعراض الناس، بل كانوا أصحاب مقترحات جادة، وهو ما يُشير إلى أن صُلب المشكلة في أولئك المؤثرين من أصحاب صفحات التواصل، الذين يصنعون الشواهق الاجتماعية، دون مراعاة لخطورة ذلك على المجتمع بأسره، وأظن أن عبء تقويم هذه الصفحات يقع على كاهل المواطنين بمقاطعتها لتبقى بلا متابعة أو مشاركة أو تعليق او إعجاب، وتشجيع أصحاب المبادرات الحقيقية التي ينبني عليها تقدم البلاد، والتي تستغل رياح التغيير لتقود سفينة الوطن بعيدًا عن الشواهق الاجتماعية.. وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية