رئيس التحرير
عصام كامل

فكرى أباظة يكتب: الكرسى الساحر فى الأربعينات

الكاتب فكرى اباظة
الكاتب فكرى اباظة

فى مجلة المصور عام 1949 كتب الصحفى الساخر فكرى اباظة مقالا عن الانتخابات البرلمانية وما يحدث فيها من عصبيات ونوادر قال فيه :
ثلاثة ايام قضيتها متجولا فى ارجاء الريف والقرى اترقب وادرس وقد سرت مرافقا للمواكب الانتخابية المختلفة مجتمعا مع المرشحين والناخبين على السواء وعلى اختلاف نزعاتهم الحزبية .



ثلاثة ايام دخلت فيهم مائة دوار وجلست على مائة مصطبة واحتسيت مرغما 150 كأسا من الشاى و100 قدحا من القهوة وتناولت 200 سيجارة رغم اننى اصبحت لا أدخن فماذا رأيت ؟

رأيت المبادئ والاهداف القومية ووحدة الوادى تختفى من احاديث المرشحين من  جميع الاحزاب ومن جميع الطبقات ، ذلكلأن الكلمة العليا اصبحت اليوم للعصبيات والاكراميات وللنفوذ والقدرة على الانتقام والتنافس .

وعلى الرغم من الاجراءات المشددة التى اتخذتها الحكومة لمنع حمل السلاح فقد شاهدت فوهات البنادق والمسدسات تظل من اكمام الجلاليب الزرقاء ، والمدافع الرشاشة تتوارى فى زوايا العربات والسيارات .
والحق ان المرشحين فى حاجة الى الرئاء ، لقد اضطرتهم الانتخابات الى ان يعرفوا الطريق الى القرى ـــ وكانوا قد هجروها ــ والى ان يخوضوا فى الطين والأوحال .
لكم عجبت نفسى لهذا الكرسى الساحر ..كرسى البرلمان الذى يخفض النفوس الرفيعة ويعلمها التواضع والبساطة ..لكنها لفترة قليلة فقط حتى نهاية الانتخابات .
ولعل اطرف المناظر التى رأيتها منظر معركة شهدتها بين افراد اسرة كبيرة قبل ان يغادر مرشح الدائرة دارهم فقد انقسم افراد الاسرة الى فريقين ..فريق كان يرى الا يجوز للاسرة ان تستقبل المرشح فى دارها حرصا على مجاملة منافسه وشراء خاطره ، وفريق كان يرى العكس .

ذكرى صدور العدد الأول من مجلة المصور
وسمعت ناخبا يقسم على انه لن ينتخب مرشحا ــــ ذكر اسمه ــــ لانه أهدر دم قريب له ، ثم مضى يروى التفاصيل وما أغربها ..كان قريبه قد قتل وقدم للمحاكمة وقضى عليه بالسجن خمس سنوات ، لكن الناخب أبى الا ان يؤكد ان المرشح هو الذى توسط لإنقاذ عنق القاتل من المشنقة فأرسل كارتا يوصى به القاضى خيرا .
ومن الغريب ان النائب الثائر كان اول الهاتفين حين زار القرية بعد الانتخابات .فيا للعجب فى الانتخابات بسبب الكرسى الساحر .

الجريدة الرسمية