رئيس التحرير
عصام كامل

التعليم بخطة البنك الدولي (2)

استكمالا لأسباب تدخل البنك الدولي في التعليم المصري وإلحاحه على قبول قرضه، أنه لوحظ من قبل خبراء البنك أن هناك عددا كبيرا من الباحثين والمساعدين من المصريين في المركز البحثية بالدول العظمى؛ مما ينبئ عن تفوق مأمول للمصريين ينبغي القضاء عليه..


ولا يكون ذلك إلا بالقضاء على نظام التعليم الذي خرَّج مثل هؤلاء، فمصر رغم كل هذا التراجع الذى يتوهمه البعض عن مستوى التعليم تتربع على عرش دول العالم فى عدد علمائها المنتشرون فى كل دول العالم، وفى جميع التخصصات بما فيها التخصصات الإستراتيجية.

وفى بداية عهده مع وزارة التربية والتعليم قال الدكتور طارق شوقى: إن التعليم فى مصر فاشل، وإن مجانية التعليم ساهمت فى هذا الفشل، وإنه آن الأوان لتطبيق نظام حديث يرقى بهذه المنظومة، فكان هذا النظام الذى يتم تطبيقه الآن المزيل بختم وتوقيع مسئولى البنك الدولى الذين لا يبغون باليقين تحقيق الرقى لأبناء مصر.

التعليم بخطة البنك الدولي (1)
وما لا يعرفه - أو يتجاهله - الدكتور طارق شوقى أن هذا النظام التعليمى المجانى "الفاشل من وجهة نظره" نجح فى تخريج عدد هائل من العلماء فى جميع المجالات والتخصصات، والذين لهم شأن عظيم فى جميع دول العالم ليس فقط فى مصر.. وهذا النظام الفاشل هو الذى تخرج منه الوزير، وكان له الفضل عليه فى تفوقه ونبوغه ووصوله إلى وظيفته الحالية، كان له الفضل أيضا على عظماء العلماء والكتاب وجميع النابغين والمتميزين أمثال الباز وزويل، ومحفوظ وحجى وعازر وغيرهم بعشرات الآلاف الذين أشاد بهم العالم، والذين ما زالوا يلعبون دورا بارزا فى إثراء الحياة العلمية العالمية، ولهم بصمات واضحة فى تقدم الأمم.

ونقدم هذه الإحصائية التى نعرضها فى السطور القادمة إلى الدكتور طارق شوقى عله يقتنع أن هذا النظام المجانى الفاشل هو الذى اعتمدت عليه مصر طيلة العقود الماضية لإفراز النوابغ والقناديل التى أضاءت الحياة العلمية بمختلف دول العالم، تلك النماذج التى أثرت بنبوغها وتميزها كافة مناحى الحياة، حيث ظلت مصر رغم كل المحن التى تعرضت لها ورغم مظاهر التخلف التى تتفشى فى المجتمع من آن لآخر تعمل بحكمة صائبة تقول: "إذا كنت تريد إحياء أمة .. فعليك برعاية علمائها"..

وتؤكد الإحصائية التى أعدها الاتحاد العام للمصريين بالخارج، والتى أصدرت عنها الهيئة العامة للاستعلامات بيانا، أن تعداد علماء وأكاديميى مصر المقيمين فى الخارج يبلغ نحو ٨٦ ألف عالم وأكاديمى، منهم ١٨٨٣ عالما فى تخصصات نووية نادرة، فضلا عن ٣ آلاف عالم فى مختلف الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى ٤٢ عالما مصرى يتولى منصب رئيس جامعة حول العالم، ووزير البحث العلمى فى كندا مصرى الأصل وحاصل على الجنسية الكندية.. فضلا عن ٣ أعضاء فى مجلس الطاقة الإنمائى العالمى.

البرتقال المصري يغزو العالم
وهذا يؤكد أن مصر مازالت قادرة على إفراز مبدعين وعلماء تستفيد منهم البشرية، حتى حرصت العديد من الدول الأجنبية أن تمنح جنسياتها لهؤلاء المصريين تكريما لجهودهم وللاستفادة من خبراتهم. وحتى لا يشكك أحد فى هذه الإحصائيات فإن الإتحاد العام للمصريين بالخارج اعتمد على مركز الإتحاد والإحصاء التابع للأمم المتحدة، وبعض المراكز البحثية فى أوروبا وأمريكا، وروابط العلماء ورؤساء الجاليات الإسلامية فى الخارج.

وتؤكد الإحصائيات أيضا أن هناك ١٢٥٠ عالما مصريا فى تخصصات إستراتيجية مثل الهندسة الوراثية وفيزياء الفضاء والفيزياء الطبيعية، والكيمياء الطبيعية والنانو والاقتصاد والرياضيات والبرمجة، ولدى أمريكا الجانب الأكبر من هؤلاء العلماء.

ولا شك أن نبوغ العلماء المصريين فى كل مجال علمى، خاصة بعد توافر لهم الظروف المواتية التى تساهم فى إظهار نبوغهم وتفوقهم، جعل العديد من المؤسسات البحثية على مستوى العالم تتسابق للتعاقد مع هؤلاء العلماء الأفذاذ. وقد أظهر مؤشر " سكوبوس " الدولى والذى يصنف علماء العالم طبقا للضوابط وشروط معينة، دخول عشرة علماء مصريين وسط ٩٠٩ علماء على مستوى العالم طبقا لثلاثة مستويات وتصنيفات عالمية، وهى "إتش إندكس" و"أى تن إندكس" و"سكوبيس"، وهى أجندات دولية لتصنيف العلماء والباحثين والمتخصصين فى مجال العلوم والبحث العلمى طبقا لما يقدمونه فى مجال العلم.

وهؤلاء العلماء العشرة هم الدكتور مصطفى السيد، والدكتور مجدى يعقوب، والدكتور أحمد زويل، والدكتور محمد النشائى، والدكتور فاروق الباز، والدكتور عصام حجى، والدكتورة فينيس كامل جودة، والدكتور كمال رمزى إستينو، والدكتور محمد غنيم، والدكتورة نادية إسكندر.

تعافي الجنيه
وحين توفى العالم المصرى الجليل الدكتور عادل محمود قال عنه أغنى رجل فى العالم وهو بيل جيتس فى نعيه: "إن العالم فقد واحدا من أعظم علماء اللقاحات فى العالم".. وهو ما يعكس مدى تقدير مشاهير العالم للعلماء المصريين.

كل هؤلاء العباقرة وغيرهم من هذا العدد الهائل من جيش العلماء المصريين العاملين بالخارج وغيرهم من العلماء الأفذاذ الذين يقيمون فى مصر، ويحتلون كل المواقع الإستراتيجية فى المراكز البحثية المختلفة، وفى كل المجالات مثل البترول والأدوية ومحطات الطاقة الكهربائية، ومثيلاتها محطات الطاقة الشمسية ومجال البتروكيماويات جميعهم تخرجوا من تحت أيدى المعلم المصرى العبقرى الذى كاد أن يكون رسولا، والذى هو قاعدة الارتكاز للنظام التعليمى الذى أنجب هؤلاء العظماء..

ذلك المعلم الذى يهمش دوره الآن وزير التربية والتعليم الذى خلع ثوب هذا النظام التعليمى الذى يطبقه كل دول العالم وراح شوقى يرتدى زى المنظومة الوهمية التى تدار بفكر وأوامر البنك، الذى سبق وأن أشرنا أنه يضع الخطط التى تحقق أهداف الماسونية العالمية والصهيونية، والذى أملى شروطه على مصر، ووضع نظاما الهدف منه زيادة معدلات الجهل والتخلف بين أبناء الشعب، وعدم بزوغ نجم أي من المصريين فى المجالات العلمية والتخصصات غير المنتشرة فيما بعد، وهو الأمر الذى ينذر بمستقبل غامض ومستوى تعليمي ضحل لجميع الأجيال القادمة.
الجريدة الرسمية