رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام.. ذراع الحكومة المكسور.. غياب التنوع أهم الأسباب.. ودعم الدولة أهم الأدوار المطلوبة لمواجهة المنصات الخارجية

وزير شئون الدولة
وزير شئون الدولة للإعلام
لا يختلف اثنان على الجهد المبذول من حكومة الدكتور مصطفى مدبولى ولا على نواياها الصادقة المخلصة، ولكن الجهد المبذول مهما كان متدفقًا، عندما يكون في الاتجاه المعاكس لا يثمر خيرًا، والنوايا الصادقة المخلصة وحدها لا تصنع النجاح.


قرارات انفعالية

في مواقف عدة.. بدت الحكومة منفعلة بقراراتها ومشروعاتها التي تعتقد أنها لمصلحة الشعب، قبل أن تكتشف الحكومة نفسها أن الشعب الذي تعمل من أجله غاضب وغير راضٍ، ما يدفعها إلى التراجع خطوة أو اثنتين أو أكثر إلى الخلف؛ لتعيد حساباتها وترتب أولوياتها.

يمكن أن يكون هذا الاندفاع في اتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب مفهومًا عندما كانت الحكومة حديثة العهد بإدارة الأمور، ولكن عندما تبقى هذا سمة ملاصقة ومصاحبة لجميع تصرفاتها فإنه يجب أن تكون هناك وقفة، لا سيما بعدما بلغت سن الرشد والحصافة والعقل.

القرارات المتصلة بالتصالح في مخالفات البناء لم تكن اللبنة الأولى في سلسلة الأزمات الشعبية التي افتعلتها الحكومة بحُسن نية قبل أن تسعى للبحث عن حلول وترميم لها، بل سبقتها أزمات كثيرة متصلة بملفات التموين والصحة والكهرباء وتقديم الخدمات.

المتابع لأداء الحكومة يخلص إلى أنها تدير مقاليد الأمور بتصدير الأزمات وافتعالها، ما يجعلها مادة دسمة لأهل الشر ومحور الشيطان الذين لا يريدون الخير ولا الاستقرار لمصر، رغم أنه يجب أن يكون في صدارة أولوياتها أن تدرس أبعاد القرار قبل إصداره، وليس تصدير الأزمة وإثارة الغضب، ثم البحث عن حلول، فهذه طريقة ولى عليها الزمان، وعلى الحكومة ألا تحضر العفريب ثم تفكر كيف تتخلص منه.

"فيتو" تتناول هذه القضية بجميع جوانبها وأبعادها في هذا الملف..

دور الإعلام

الإعلام بجناحيه الرسمى وشبه الرسمى تخاذل في أداء دوره المنشود، ويعاني من أزمات صارخة باتت تشكل عبئًا إضافيًا على الدولة والحكومة. 

الكاتب الصحفي عبد الله السناوي يقول: وسائل الإعلام الرسمية لا تستطيع مخاطبة الرأي العام وغير قادرة على إقناعه، فنجد أنفسنا أمام حملات من الصراخ والسباب في الفضائيات على وجه الخصوص، ولا يوجد أي حوار أو تبادل رأي.

مضيفًا أن القاعدة الإعلامية غائبة بالكامل؛ فغاب الإعلام عندما غُيب التنوع الطبيعي في المجتمع، وعندما غُيب الحوار العام، وعندما أُنتهكت القواعد الإعلامية، وغاب الإعلام عندما غابت الحريات الصحفية والإعلامية، فهذه هي الحقيقة التي يجب أن نقولها إذا أردنا علاج الإعلام المصري وانتشاله من ثباته العميق وفشله الذريع.

التنوع

ولفت "السناوي" إلى أنه "يجب قبول التنوع والاختلاف وإتاحة الفرصة لتداول المعلومات بحرية، فهل يوجد في التليفزيون أي حوار حقيقي حول أي قضية من القضايا المجتمعية؟! فعلى سبيل المثال قضية "الفيرمونت" هل جرى تناولها في أي وسيلة إعلامية مصرية بطريقة جادة؟!".

وكذلك أيضًا نموذج سيدة القطار فهي قضية شغلت الرأي العام فترة طويلة جدًا لكن تم تناولها بطريقة مبالغ فيها إلى أن أصبحت مادة للتناضح، فالمبالغة في الدفاع وغياب المعلومات الأساسية وجهان لعملة واحدة، ويؤدي ذلك في النهاية إلى أن المحطات الفضائية الدولية أو حتى قنوات الإخوان أصبحت أكثر تأثيرًا بكثير من المحطات الخاصة والعامة في مصر، فالإعلام كأي مهنة أخرى له قواعد وأصول إذا افتقر لأي منها أصبح ليس إعلامًا حقيقيًا.

وأشار الدكتور محمد المرسي أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة إلى أنه حينما تواجه الدولة تحديات متعددة داخليًا وخارجيًا وحينما يكون هناك ترصد من دول ومؤسسات ومنصات إعلامية لأي محاولات جادة للبناء والتنمية ولأي محاولات للخروج من عنق الزجاجة والوصول لوضع أفضل للوطن في كافة المجالات سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.. إلخ.

ينتظر الجميع من الإعلام أن يقوم بدور غاية في الأهمية في دعم الدولة ودعم التوجه للتنمية والبناء، وهذا ما أكده السيد الرئيس العام الماضي في لقائه بمراسلي المؤسسات الإعلامية بأن ما يريده ليس تأييدًا ودعمًا للنظام، ولكن ما يريده هو تأييد ودعم للدولة ودعم لجهود وإنجازات البناء والتنمية بها، فهذا هو الدور الذي ينبغي أن يقوم به الإعلام المصري بكافة وسائله وإمكاناته، وهو ما تحاول أن تقوم به فعليا بالتصدي لما يواجه مصر من تضليل وكذب وتشويه إعلامي من العديد من المنصات الإعلامية.

وكذلك محاولة التصدي الإعلامي للفكر الإرهابي وأي فكر منحرف، أيضًا محاولة إبراز ما يتم على أرض مصر من إنجازات ومشروعات اقتصادية ومحاولات جادة للإصلاح الاقتصادي، وأضاف المرسي أن الإشكالية التي يراها في مثل هذه المعالجات هو التزيد والمبالغة في أوقات كثيرة في الدعم والتأييد أيضا والمبالغة في الرد على المنصات المشبوهة مما يفقد بعض هذه المعالجات المصداقية والتأثير، بالإضافة لعدم إتاحة الفرصة لتنوع الآراء ووجهات النظر بأرضية وطنية تهدف للبناء وليس للهدم.

وبما يضفي تنوع وثراء للمضمون الإعلامي، أيضًا مسألة إتاحة المعلومات وفي توقيت مناسب بما لا يخل بالأمن القومي المصري عامل مهم جدًا لإضفاء مزيد من القوة والتأثير للمضمون الإعلامي وهو ما يدعونا إلى المطالبة بالإسراع بإصدار قانون "حرية تداول المعلومات".

استراتيجية إعلامية

ولفت أستاذ الإعلام إلى أن الإعلام المصري بحاجة لرؤية وإستراتيجية إعلامية من خلال وضع "سياسة إعلامية" مصرية تصبح هاديًا ومرشدًا لمنظومة الإعلام المصري في تناول القضايا المصرية المصيرية، وما يواجه الوطن من أزمات وترصد من دول ومؤسسات ومنصات متعددة.

وهذا لا يعني توجه منظومة الإعلام المصري نحو الصوت الواحد لدعم النظام بل يعني السعي لتحقيق الهدف الأساسي في التنوع والثراء في المعالجات الإعلامية من منطلق أرضية وطنية تهدف للبناء لدعم الدولة وبالتالي دعم المواطن المصري.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية