رئيس التحرير
عصام كامل

العالم المصري بفريق أكسفورد لإنتاج لقاح كورونا يكشف الموقف النهائي للعلاج

دكتور احمد سلمان
دكتور احمد سلمان

 دخل العالم مرحلة جديدة من مراحل السباق المحموم لسرعة إنتاج لقاح فعال وقوى يستطيع السيطرة على فيروس كورونا المستجد بسرعة والحد من آثاره الصحية والنفسية والاقتصادية.

 
 التقت فيتو أحد العلماء المصريين المشاركين فى إنتاج لقاح أكسفورد المتصدر لسباق لقاحات فيروس كورونا المستجد والأقرب إلى الاعتماد الدولى والمتوقع أن يكون فرس الرهان فى مواجه هذا الفيروس اللعين.

 إنه العالم المصرى أستاذ علم المناعة وتطوير اللقاحات الدكتور أحمد محمود سالمان والذى بدأ حديثة لفيتو بدعوى للعالم للاهتمام بالبحث العلمى وأبحاث تطوير اللقاحات الخاصة بالأمراض المعدية والفيروسات لمواجهة أي وباء قد يظهر مستقبلا مؤكدا أن وباء كورونا المستجد لن يكون آخر وباء كمان أنه ليس الأخطر فى تاريخ الأوبئة.


ويقول إنه من المنطقى والضرورى الإشارة إلى أن الاستثمار السريع فى إنشاء وتشغیل مرفق لتصنیع وأبحاث اللقاحات سيكون سلاحًا رادعًا ضد العدو الأكثر وضوحًا للبشریة جمعاء؛ وهو الأمراض المعدية ومسببات الأمراض والأوبئة، إضافة إلى ذلك، فإن هذا الغرض قد يسمو إلى أن یكون واجبا وطنيا واستثمارا فعالا من حیث التكلفة والعائد الإیجابى الضخم على المجتمع والمنطقة الإقليمية بأسرها خصوصا عند الأخذ فى الاعتبار الأضرار البشریة والاقتصادیة الكارثیة التى یمكن أن تحدث فى حالة التأخیر فى تصنیع اللقاحات خلال أوقات الأوبئة وانتشار الأمراض بسبب نقص أو عدم توفر هذا النوع من المرافق الحیویة والتى يكن منعها تماما أو تقليلها بشكل كبير جدا فى حال وجود مثل هذه الأبحاث والقدرات.


وأضاف أن اللقاح يعمل على تحفيز جهاز المناعة بشكل مباشر عن طريق خلق جيش كبير من الخلايا المناعية التى لها ذاكرة وقادرة قادرة على تدمير الفيروس أو منع تكاثره إذا نجح فى اختراق الخلية المستهدفة.

وأشار إلى أن فيروس كورونا كان سبب رئيسى فى زيادة التكاتف والدعم الدولى لأبحاث تطوير وإنتاج لقاحات لمواجه فيروس كورونا المستجد وغيره ولكن ما زال على المجتمع الدولى أن يتعلم الكثير من هذه التجربه القاسية وأن يزيد الاهتمام بالإمكانيات الصحية والبحث العلمى حتى يمكن للعالم أن يتعامل بصورة أفضل وأسرع مع أي وباء فى المستقبل. ووجه دكتور سالمان دعوة لأهمية التعلم من تجربة الوباء الحالى وضرورة أخذ جميع الاحتياطات والتجهيزات الاستباقية اللازمة لاحتمالية حدوث وباء مماثل فى المستقبل، مشددا على أن الاستثمار فى إنشاء وحدات متخصصة فى أبحاث اللقاحات ومرافق تطویر اللقاحات أو على الأقل وحدات مخصصة لتصنیع لقاحات البشر لا يعد نوعا من أنواع الترف التقنى، بل هو أداة أساسیة للحفاظ على الأمن القومى وحاجة أساسیة لإنقاذ وحفظ الأرواح البشریة وتوفیر الرعایة الصحیة الأساسیة للمجتمع بالإضافة إلى حمایة الاقتصاد والأنشطة الاجتماعیة والنفسية الأساسیة.
هناك ثمانية لقاحات فى المرحلة الثالثة من التجارب السريرية منها ثلاث لقاحات صينية تستخدم فيروس الكورونا المستجد بعد تدميره أو قتله ومن ثم حقنه داخل الجسم وهذه اللقاحات تم إنتاجها بواسطة معهد وهان، معهد بكين، وشركة سينوفاك الصينية. كما أن هناك لقاح آخر من الجيش الصينى بالتعاون مع شركة "كان سينو بيو" الصينية والذى يستخدم السلالة البشرية من فيروس الأدينوفيروس الذى يسبب البرد فى الإنسان. يوجد أيضا اللقاح الأمريكى الذى تعمل عليه شركة موديرنا بالتعاون مع الحكومة الأمريكية الذى يستخدم الشفرة الوراثية لأشواك الفيروس (mRNA) داخل كبسولة من غشاء دهنى ولكن تكلفة إنتاجه مرتفعة جدا حيث قد تصل تكلفة الجرعة الوحدة إلى ١٠٠ - ٢٠٠ دولار بالإضافة إلى ضرورة تخزين اللقاح ونقله فى ظروف مكلفة جدا ويصعب توافرها منها درجة حرارة -٨٠ درجة تحت الصفر. وهناك اللقاح الأسترالى والذى يستخدم لقاح الدرن أو السل (BCG) الذى تم اكتشافه من قرابة المائة عام ويستخدم لتحفيز الجهاز المناعى ضد بكتريا الدرن.

أما بخصوص لقاح أكسفورد الأكثر تصدرا لسباق اللقاحات؛ فيعمل بحسب وصف الدكتور سالمان على تحفيز جهاز المناعة لاستهداف بروتين النتوءات أو الأشواك البارزة من تركيب الفيروس لكونها أحد أهم وأكبر البروتينات المكونة له ووسيلته الأساسية للتعرف على مستقبلاته فى خلايا الجسم المستهدفة التى تسمى (ACE2 Receptors) والارتباط بها لإحداث العدوى عن طريق استخدام فيروس برد عادى ضعيف غير قادر على التكاثر يسمى الأدينوفيروس من سلالة الشمبانزى والذى قد تم تطويرة لتحفيز جهاز المناعة بشكل فعال وآمن جدا وهذا النوع من اللقاحات تكلفتة إنتاجه رخصية جدا مقارنة باللقاحات الأخرى ولن تزيد على 7 دولارات للجرعة كما أن ظروف تخزينه ونقله سهله ومنخفضة التكاليف حيث إنه يمكن نقله وتخزينه فى درجة حرارة +٤ درجات مئوية. بالإضافة إلى أن استخدام الناقلات الفيروسية كلقاح يقوم بتحفيز جهاز المناعة بآليات عمل أكثر فعالية ومشابهة للفيروس الطبيعى المسبب للمرض.

وعن حقيقة التغير الجينى لكورونا يقول سلمان أن بعض الدراسات الحديثة التى تفيد بأن الفيروس بات أكثر انتشارا ولكن أقل شراسة؛ بين سالمان أن الآراء العلمية متفاوتة ولكن قد يرجع السبب إلى أن فرصة ارتباط الفيروس بالمستقبلات باتت أعلى وبالتالى نسب العدوى أعلى ولكن ما حدث له من تحور جعل نسبة تكاثره داخل الخلية أقل على سبيل المثال مما قد تسبب فى تقليل معدل التأثير المدمر للفيروس وبالتالى تقليل عدد الوفيات مما أدى إلى إعطاء الإنطباع بأن الفيروس بات أقل شراسة عن ذى قبل. وذكر أن «الرأى الآخر يفترض أن شراسة الفيروس لم تتغير رغم زيادة معدل انتشاره؛ بسبب زيادة خبرة الأطقم الطبية فى التعامل مع المرضى وفهم طبيعة العدوى بالفيروس ومضاعفاتها إضافة إلى اكتشاف العديد من العقارات والأدوية ذات التأثير الإيجابى والفعال فى تحفيز جهاز المناعة والسيطرة على المضاعفات ما أدى إلى تقليل معدل الوفيات وإعطاء الإنطباع بأن شراسة الفيروس باتت أقل من ذى قبل بينما معدل الانتشار بات أسرع من السابق، وهو الرأى الأكثر إقناعا. ويؤكد أنه فى حالة حفاظ الفيروس على تركيبته الوراثية وعدم حدوث طفرة فى التركيب الجينى للأشواك «فإننا نأمل أن جهاز المناعة بعد أخذ اللقاح سيكون قادرا على إنتاج أجسام مضادة واستجابة مناعية خلوية قاتلة قوية جدًا قادرة على التعامل مع الفيروس وتدميره قبل إحداث العدوى وأعراض الإصابة به».

وعن موعد اختفاء كورونا يقول، لا يمكن الجزم والتوقع، بحسب سالمان، فى شأن قرب انتهاء أو بقاء فيروس الكورونا المستجد إلى العام المقبل أو مكوثه مدة أطول ولكن هناك عدة سيناريوهات وتوقعات فى المجتمع العلمى منها:
١- أن يبقى بصورة موسمية وبالتالى احتياجنا لأخذ التطعيم سيكون ضرورة كل عام أو عامين إذا لم يحفز اللقاح مناعة طويلة الأجل.
٢- أن يحدث معه ما حدث مع وباء سارس الذى شهد طفرة كبيرة وبفضل التباعد الاجتماعى وأخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية قد انتهى به الأمر دون الحاجة إلى لقاح وهذا ما نأمله مع كوفيد-١٩ فى المستقبل القريب.
٣- أن يقضى اللقاح على الفيروس تمامًا وينتهى وتتكون مناعة القطيع التى قد تقضى على الفيروس لفترة من الزمن مع احتمالية ظهوره مرة أخرى فى المستقبل كما حدث مع وباء إيبولا ٢٠١٤ بعد انقطاع دام أكثر من عشرين عامًا. والفارق فى جميع الاحتمالات والسيناريوهات المتوقعة هو الوقت وسرعة التعامل معه لتقليل الخسائر البشرية وتبقى توقعات ظهور الوباء واردة من فترة لأخرى، وتظل فكرة العمل على تطوير اللقاح قائمة ومستمرة لا سيما أن هناك ١٦٥ مجموعة بحثية أخرى على مستوى العالم تعمل جاهدة لاكتشاف لقاح ضد فيروس الكرونا المستجد جنبًا إلى جنب مع لقاح أكسفورد.

- وعن إمكانية أن يكون الفيروس مُصنَّعا معمليا أو خرج نتيجة خطأ فى الاختبارات عليه، قال: تشير الدراسات العلمية المستندة على دراسة التركيب الجينى لفيروس الكورونا المستجد ومقارنته بفيروسات قديمة من عائلة الفيروسات التاجية إلى أنه قد نشأ نتيجة طفرة أو تحور طبيعى فى أسلاف هذا الفيروس وليس نتيجة تجارب معملية.

الجريدة الرسمية