رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مستقبل الاقتصاد الأمريكي بعد تخفيض قيمة الدولار

نظرية أموال الهليكوبتر (Helicopter money) تعتمد على فكرة التوزيع المجاني للأموال للمواطنين لتحفيز الاستهلاك وبالتالي تحفيز عوامل الإنتاج والتوظيف، فقد طرح الاقتصادي ميلتون بريدمان على الحكومة الأمريكية عام 1969 فكرة نثر الأموال من طائرة لمواجهة حالة ركود لم تشهدها الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية مما أدي لرفع معدل التضخم المنكمش..

وبعد مرور عقود و بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة الكورونا طرح مستشاران اقتصاديان للرئيس دونالد ترامب منح مبلغ 1000 دولار لكل مواطن لتوفير السيولة لدعم الاستهلاك في شكل هبات ومنح، وهذه الخطوة ستكلف الدولة حوالي 350 مليار دولار بما سيدفع الحكومة لطباعة الحد الأقصى المسموح لها من الدولار بنسبة 1% سنوياً من إجمالي المعروض النقدي العالمي من العملة لمواجهة التضخم الانكماشي  لدعم الاقتصادالامريكي .
التنمية المستدامة وتطوير الثقافة الإنسانية
بالطبع عملية طباعة العملة مثل أي سلعة حسب قوانين العرض والطلب ستؤدي لخفض قيمة الدولار عالميا، وهو التوجه الذي يدعمه ترامب أيضا صندوق النقد الدولي في حدود ٩ ٪؜ لتحفيز قطاع الصادرات الامريكية، وواكب ذلك توجه البنك المركزي الفيدرالي بخفض الفائدة بما قد يهز عرش الدولار خاصة في ظل تنامي تداول اليورو واليوان عالميا بعد جائحة الكورونا..

وتعود قوة الدولار التاريخية إلي نهاية الحرب العالمية الثانية وصعود الولايات المتحدة كقوة عظمي وطبقا لإتفاق بريتون وودز التاريخي للإدارة النقدية لسعر الصرف عام 1944 اصبح بموجبه الدولار الأمريكي هو عملة الاحتياطيات النقدية للدول وتم ربطه بسعر الذهب علي أن تلتزم الولايات المتحدة باستبدال الدولار  بالذهب عند الطلب، وإستمر هذا الإطار حتي  1971 عندما صرح الرئيس الأمريكي “ريتشارد نيكسون” وقف استبدال الدولار بالذهب..

والدولار الامريكى يمثل أكثر من 60% من احتياطيات الدول وأكثر من 40% من التعاملات المالية عالميا، كما أن 85% من التجارة قائمةعلى الدولار و39% من الديون أيضا كما أن قيمة النفط والذهب تعتمد علي الدولار .

قد تري ادارة ترامب "أموال الهيلكوبتر" حلا خاصة قبيل الانتخابات الرئاسية ولكن ماذا لو قرر المواطنين إدخار هذه الأموال خوفا من المستقبل في حالة عدم اليقين العامة.. وهناك خطر قد يلوح في الأفق هو الركود التضخمي وقد ظهر هذا المصطلح اثناء الركود الاقتصادي الذي ضرب الولايات المتحدة عقب حظر النفط في عام 1973 بما سبب تضخماً متصاعداً وتباطؤاً اقتصادياً في آن واحد..
فرص الاقتصاد المصري جراء العقوبات الدولية ضد الصين
وهي حالة أعتقد الاقتصاديون قبل ذلك الوقت أنه مستحيل حدوثها، ليُصدم الجميع بحقيقة أن التضخم المتزايد والنمو المتباطئ من الممكن أن يتزامنا، وأن العلاقة بين التضخم والبطالة ليست عكسية دائماً وبين التضخم والنمو الاقتصادي ليست طردية دائماً...

إن الاقتصاد العالمي سيتأثر تباعا بسياسات الادارة الامريكية التي قد توفر حلولا قصيرة الأجل ولكن قد تسبب اضرارا علي المدي الطويل .


قد تعتمد الحكومة الامريكية نظرية "أموال الهيلكوبتر" لتحفيز الإستهلاك ولكنه ليس الوقت المناسب لهذه الخطوة، وقد تمثل خطورة نحو مكانة الدولار التاريخية خاصة إن التخفيض المحتمل قد يتحول لإنهيار مفاجيء في ظل عوامل مركبة تعود لصراع القوي السياسية العظمي والحرب التجارية الامريكية الصينية، فضلا عن سوء الأوضاع في الاتحاد الاوروبي مع تداخل انهيار متوقع لاقتصاديات دول نامية لإنهيار أسعارالنفط..

ثم توجه دول أخري للطباعة أيضا فيظهر مؤشر خطيرعلي الجانب الآخر هو إرتفاع تاريخي لسعر الذهب لتتجاوز حاجز 2000 دولار للأوقية في ظل تراجع العملة الأمريكية إلى أدنى مستوى في أكثر من عامين، وتركيز المتعاملين على محضر أحدث اجتماع لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي.. قد يصل سعر الذهب ٢٨٠٠ دولار في مارس القادم مقابل تراجع ملموس للدولار.
إقتصاد العالم ما بعد الكورونا
إن خطة مواجهة تداعيات جائحة كورونا إقتصاديا في ظل تعثر العولمة اقتصاديا تحتاج لخطة مارشال عالمية لانعاش الاقتصاد العالمي حتي لا تمتد الآثار لعقود،  فلا يجب أن تلعب كل دولة منفردة، ولا تقتصر خطة المواجهة علي مبادرات محدودة الأثر، ولكن يجب أن يتعاون العالم علي أهداف تحقق إستقرار إقتصادي واجتماعي و بيئي للكوكب علي المدي الطويل، في صيغة عقد اقتصادي لنظام عالمي مختلف الاحداثيات من خلال خطة انعاش اقتصادي تحقق تنمية مستدامة لكل الدول.. ما دون ذلك فنحن سنعاني لعقود قادمة في صدمات اقتصادية متتالية .


Advertisements
الجريدة الرسمية