رئيس التحرير
عصام كامل

بعد تفجير مرفأ بيروت.. كيف تسعى تركيا لتعزيز نفوذها في لبنان؟

أرشيفية
أرشيفية

اعتادت أنقرة علي استغلال الأزمات لتسعير صراعات منطقة الشرق الأوسط لصالحها والاستفادة من أي أزمة علي أكملى وجه، واشباع أردوغان لرغبته بتعويض خسارة سنوات طويلة من الحرب في سوريا.

 

يحدذ ذلك دون الوصول لحد أدنى يجمع أهداف أمنية واقتصادية وسياسية لمشروعه الصدامي الآخذ في التمايز حتى عن أفكار “العثمانية الجديدة” من خلال اللعب علي حافة الحرب كمنهجية لا تستشعر خطورة تلك القرارات، وهو ما جاء به مؤخرًا في لبنان على نحو متعدد الاستخدام على غرار ما يحدث في طرابلس الغرب بليبيا.

 

فخارطة الطموحات التوسيعية الأردوغانية تسعي للاستثمار في بؤر صراع مستدامة وخلق موطئ قدم في ساحة ملغومة مثل الساحة اللبنانية تنظر إليها أنقرة على أنها تعويض عن خسائرها في سوريا، وكفرصة لخلق معادلات سياسية واقتصادية في شرق المتوسط والمنطقة بشكل عام.



التوحش الأردوغاني 


ولا تقف استراتيجية توسع أنقرة في شرق وجنوب المتوسط عند حد الضغط من أجل الوصول لطاولة مفاوضات كما هو الحال في ليبيا حاليا وبخصوص غاز المتوسط بل يتطور النشاط التركي إلى حالة من الارتهان لتهديد مفاده فرض أجندة“الأردوغانية” بشكل مباشر على القوى الإقليمية والدولية.

 

والقبول بأنقرة كوريث ووكيل للمصالح الأمريكية أو إشعال المنطقة المشتعلة أساساً وتوجيه صراع أهلي عبر وكلاء محليين إلى حرب بالوكالة ثم تدخل مباشر بنمط استعماري يتلاقى مع استراتيجية الوطن الأزرق.

 

اهتمام تركي بلبنان 


الاهتمام التركي بلبنان منذ صعود تيار الإسلام السياسي لسدة الحكم في تركيا لتفعيل استراتيجية “صفر مشكلات” التي مثلت العنوان العريض لتوجه تركيا شرقاً كبديل عن طموح الانضمام للاتحاد الأوروبي والغرب، وهو التوجه الذي أتى وقتها بسلاسة وعلى أرضية برجماتية غير صدامية وعبر القوى الإقليمية سواء في سوريا أو السعودية، ومن خلال وكلاء كل من البلدين في لبنان.

 

واتسمت هذه المرحلة بنمو الاستثمارات الاقتصادية التركية في لبنان دون تجلي سياسي لهذه القدرة الاقتصادية التي تخطت اتساع التبادل التجاري بين البلدين لاتفاقيات تعاون متنوعة في مجالات الطاقة والسياحة والنقل البحري، وذلك كرافد لتطور العلاقات الاقتصادية بين دمشق والرياض من جهة وأنقرة من جهة أخرى.

يمكن القول أن سيادة نمط اللعب على حافة الحرب في المنطقة بشكل عام، والذي تحترفه تركيا وتحتل موقع الريادة فيه، هو ما يجعل من لبنان مفترق طرق حتمي في سيرورة صراع المحاور الإقليمية.

 

وينقلها من مستوى حرب الوكالة إلى مستوى الصدام المباشر، وهو ما جرى تجريبه عبر وكلاء مرات عديدة في السنوات الأولى للحرب في سوريا، ومحاولة تمددها نحو لبنان عبر الجماعات الإرهابية في المناطق الحدودية المتاخمة، ومحاولة ربطها بحواضن طائفية في العمق اللبناني

وبخلاف أهمية لبنان على النحو السابق وما يزيد فيما يتعلق بالصراعات الإقليمية والدولية؛ فإن وجود هذه الشروط في بلد يعاني من تفكك إلى حد انهيار وإعادة تركيب اجتماعه وليس فقط نظامه السياسي او الاقتصادي تعد عامل جذب للنفوذ التركي على النمط الأردوغاني الذي لن يضطر في الحالة اللبنانية إلى تفكيك مؤسساتية الدولة مثل الحال في ليبيا ولا خلق استقطاب هوياتي مثلما الحال في تونس ومصر، ولا حرب وكالة عبر جماعات محلية واجنبية في دولة جوار مثل سوريا.

والتوسع الأردوغاني تجاه لبنان بمراحلها المختلفة بما فيها مرحلة الحرب في سوريا يعتمد على أخطاء الأخريين، أي القوى الإقليمية التي تشتبك -بطبيعة الحال- بدرجة أو بأخرى في لبنان.

 

وآخر وأهم هذه الأخطاء هو تحلل أتفاق الطائف عملياً دون بديل توافقي له في المستقبل التي بات جزء كبير منها في السنوات الأخيرة في رحلة بحث عن راعي إقليمي أو دولي يستبق انهيار منظومة الطائف .

الجريدة الرسمية