رئيس التحرير
عصام كامل

هل مصر جاهزة للحرب ؟

ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن دق طبول الحرب التي بدأت تتعالى أصواتها في محيطنا المصري، فمنذ بداية أحداث الربيع العربي المزعوم في مطلع العام 2011 وكل ما يحدث سواء بالداخل المصري أو في محيطنا العربي ينبأ بأن هناك حربا قادمة لا محالة..

 

وبما أن العدو الأمريكي قد خطط أن تكون مصر هى الجائزة الكبرى في مشروعه المزعوم الذي يطلق عليه الشرق الأوسط الكبير أو الجديد فقد بدأت الحرب مبكرا عندما ساند جماعة الإخوان الإرهابية لتصدر المشهد والقفز لسدة الحكم، وكان تحالفه مع هذا التنظيم الإرهابي مبني على أساس إيمان هذه الجماعة بأن "الوطن لا يعني الحدود الجغرافية ولا التخوم الأرضية إنما الاشتراك في العقيدة" على حد تعبير مؤسس الجماعة في كتابه "رسائل الأمام الشهيد حسن البنا" صفحة 26.


ومن هنا وجد العدو الأمريكي ضالته في تقسيم مصر وتفتيتها بواسطة جماعة إرهابية لا تؤمن بفكرة التراب الوطني ولديها استعداد كامل للتفريط في الأرض وهى عقيدة منحرفة مخالفة للعقيدة الوطنية السليمة والتى دفعتنا لدخول حروب كثيرة للدفاع عن التراب الوطني، وبالطبع هذه العقيدة متجذرة وثابتة وراسخة لدى جموع الشعب المصري بشكل عام ولدى جيشنا البطل بشكل خاص..

الإرادة الشعبية في مواجهة ديلسبس !!

لكن الجيش المصري العظيم حسم الأمر برمته في 30 يونيو و3 يوليو 2013 عندما خرجت جموع الشعب مطالبة بإسقاط الجماعة الإرهابية من سدة الحكم، فأعلن انحيازه للوطن ودخل في معركة مباشرة مع الجماعة الإرهابية التي حشدت أعضاءها بالداخل، واستدعت أعوانها بالخارج للانتشار على كامل جغرافية سيناء، وتمكن الجيش من حسم معركة الداخل في رابعة والنهضة وكرداسة، وتوجه إلى سيناء وخاض معارك شرسة استمرت لسبع سنوات تمكن من خلالها تجفيف منابع الإرهاب على أرض سيناء.


ومع حسم هذه الحرب مع الإرهاب بدأت طبول الحرب تدق من جديد عبر البوابة الغربية لمصر حيث ليبيا العربية التي وقعت فريسة للعدوان الغربي حيث تم اجتياحها بواسطة قوات الناتو في العام 2011 وأصبحت ساحة للصراع وهو ما يهدد الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وفي نفس الوقت بدأت طبول الحرب تدق عبر البوابة الجنوبية لمصر حيث أعلنت أثيوبيا عن مشروع بناء سد النهضة والذي يشكل تهديدا مباشرا لشريان حياة المصريين وهو نهر النيل.

 

وبعد أن أطاح الجيش المصري بالجماعة الإرهابية بدأت مصر في إدارة ملف الأمن القومي المشتعل عبر حدودها الغربية والجنوبية وهى تدرك أن الأعداء يتربصون بها وبكل خطوة تخطوها نحو تأمين حدودها المشتعلة، فالجميع ينتظر موقف مصر من ليبيا وأثيوبيا وهى الملفات التى يمكن أن تتورط مصر في حرب بسببها وهى غير جاهزة بسبب حربها مع الإرهاب بالداخل.


وهنا قررت مصر إدارة الملفين بوعي وهدوء فهي تعلم أن ليبيا قد تحولت لساحة صراع دولي ولا توجد قوى واحدة مسيطرة بعد اغتيال الشهيد معمر القذافي لذلك كان على مصر أن تختار الوقوف بجانب احدى القوى الموجودة على الأرض وبالفعل وقفت داعمة للمشير خليفة حفتر الذى يسعى للسيطرة من أجل القضاء على الجماعات الإرهابية والحفاظ على ليبيا موحدة على الرغم من شراسة المعركة..

سياسات التجويع الأمريكية لن تجدي مع سورية!

وكان خيار مصر بدعم حفتر من منطلق سيطرته على المنطقة الشرقية الليبية المتاخمة للحدود الغربية المصرية، وعندما تدخلت تركيا لدعم السراج وجماعاته الإرهابية، تحركت مصر سريعا وأعلنت عن مبادرة للحل السياسي وقدمتها للمجتمع الدولي، وأعلنت أن دخول القوات التركية إلى سرت والجفرة خط أحمر وهو ما يجعل تدخلنا مشروعا للحفاظ على أمننا القومي.


أما ملف سد النهضة والذي يتقاطع مع السودان وأثيوبيا فقد تعاملت مصر معه بوعي وهدوء شديد فحاولت دائما إطفاء النيران المشتعلة بالداخل السوداني واستنفذت كل مراحل التفاوض مع أثيوبيا وعندما قررت أثيوبيا ملئ السد بشكل منفرد دون التوقيع على اتفاق دولي ملزم وتعالت الأصوات بضرورة ضرب السد وهو ما يعني قيام الحرب قررت مصر الذهاب بالقضية إلى مجلس الأمن ليوقف هذا العدوان على الأمن القومي المصري وإلا سيكون أى تدخل عسكرى مصري مشروعا ولا يمكن أن يواجه بإدانة دولية.


والسؤال المطروح الآن هو هل مصر وهي تدير ملفات الأمن القومي دبلوماسيا وبهدوء وحكمة كبيرة مستعدة وجاهزة للحرب إذا استنفدت كل الوسائل السلمية ولم يعد أمامها خيار غير الحرب؟


والإجابة القاطعة تقول أن مصر جاهزة لكل الحلول، ففي أعقاب 30 يونيو 2013 بدأ الجيش المصري عملية بناء جديدة حيث تنوعت مصادر السلاح، وحصلت مصر على أسلحة متطورة للغاية، جعلت الجيش المصري يتقدم للمرتبة التاسعة عالميا.

ليبيا في مفترق الطرق!
ولتأمين حدود مصر الغربية والاستعداد لمواجهة أى خطر قادم من البوابة الليبية قام الجيش المصري بتشييد قاعدة محمد نجيب العسكرية على مساحة 18 ألف فدان في مدينة الحمام في مرسى مطروح والتي وصفت بأنها أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا والشرق الأوسط والتي استغرق تشيدها عامين وافتتحت في 22 يوليو 2017 لحماية حدود مصر الغربية.


ثم قام الجيش المصري بتشييد قاعدة برنيس العسكرية على مساحة 150 ألف فدان في جنوب شرقي البحر الأحمر لتصبح أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا والشرق الأوسط على الإطلاق وقد تم تشيدها خلال عام واحد فقط وتم افتتاحها في 15 يناير 2020 لحماية حدود مصر الجنوبية.


ومن هنا يتضح كيف تتعامل مصر مع أمنها القومي بوعي وهدوء وتقديم الحلول السياسية والسلمية على الحلول العسكرية، لكن مع الاحتفاظ بحقها في استخدام القوة المشروعة في أى وقت للدفاع عن أمنها القومي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.  

الجريدة الرسمية