رئيس التحرير
عصام كامل

على كل لون

مع الظروف التي تمر بها البلاد حالياً في مواجهة توحش فيروس كورونا، ولجوء الكثير من الناس للبقاء فى المنزل، وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى، خاصة مع توجه الكثير من المستشفيات إلى العمل كأماكن عزل في مواجهة الإصابات، قد يضطر البعض إلى طلب استشارة طبية عاجلة لعرض طارئ ألم به أو بأحد من أهله وذويه، مع خشيته التحرك من منزله، فيطلب الاستشارة "مؤقتا" عن طريق الإنترنت.

 

وبادر العديد من الأطباء المحترمين بتكوين مجموعات عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" للرد على الاستشارات الطبية بالمجان كل فى تخصصه، سواء كان عن طريق وصف الدواء أو بالتوجيه الصحيح للحالة المرضية، أو بايضاح نتيجة تحليل أو أشعة، بهدف المساهمة في تخفيف التوافد على المستشفيات أو العيادات أو المراكز الطبية، وتقديم أقصى ما يمكن من فائدة طبية علمية قدر المستطاع.

 

وكان جروب "طبيب الخير" هو إحدى مجموعات "فيس بوك" التي اشترطت حال الانضمام اليها، أن يكون المختص بالتعقيب والرد على الاستشارة الطبية المقدمة، هو مقدمها أو الطبيب المختص أو إدارة المجموعة الطبية "فقط"..

 

اقرأ ايضا: أولاد الناس!

 

وكان هذا الشرط واضحا للجميع عند الانضمام، مع بروز تحذير شديد اللهجة أن الإجابات الأخرى المتداخلة من أشخاص ليسوا طرفا في الاستشارة الطبية قد يعرضهم للحذف من المجموعة، وكان هذا التحذير بغية تحقيق الاستفادة الناجعة للمريض والتواصل مع الطبيب المختص بسهولة بعيدا عن تضارب الآراء والفتاوى الطبية من غير أهل التخصص.

 

وضع أحد الأشخاص شكوى طبية خاصة بوالده المسن مريض السكر والضغط والقلب، وتجاوبت إدارة الجروب بتوجيه الشكوى لأحد الأطباء المختصين عضو المجموعة، في انتظار رده والإفادة باللازم تجاه الحالة.

 

وما بين دقائق الانتظار التى لم تتجاوز الثلاثين، توافدت "الفتاوى" من أشخاص آخرين ليس لهم أدنى علاقة بالطب من قريب أو بعيد، بين من يقدم تجربة شخصية له مع عرض مرضي مشابه، وبين من ينصح الشاكى باللجوء إلى بعض الوصفات الشعبية أو الطبية، ويقدم أسماء الأدوية وجرعاتها تطوعا منه.

 

اقرأ ايضا: أخلاقيات المواطن أثناء الأزمات

 

وبين كل هذا الغثاء يقوم المسئول عن الجروب بإيقاف عضوية هذا وذاك، أو يضطر إلى وقف التعقيب على المنشور، منعا لإصابة المريض، بأى ضرر إذا تجاوب مع أي نصيحة غير علمية، مع تكرار التنبيه بأن حق التعليق فقط لمقدم الشكوى الطبية أو الطبيب، ولكن ما من مجيب، إذ استمر المتطوعون بتقديم ما يظنون أنه خير للمريض وفى الحقيقة قد يكون شرا له.

 

إذا أردنا الخروج من تلك الأزمة بسلام بعد اليقين في رحمة الله عز وجل، فمن الواجب ترك التخصص والعلم لأهله، وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بحياة شخص وصحته، فمن قال لا أعلم فقد أفتى، أدرك أننا سباقون إلى تقديم يد الخير والمعاونة، ولكن إلا الطب وصحة الناس، فلهما من يختص بهما بلا منازع،، ونسأل الله الصحة والعافية للجميع.

 

الجريدة الرسمية