رئيس التحرير
عصام كامل

طوغان يكتب: زكريا الحجاوى زعيم قهوة عبدالله

فيتو

فى مجلة الجديد عام 1975 كتب الفنان رسام الكاريكاتير  أحمد طوغان ــ رحل عام 2014 ــ مقالا عن ذكرياته مع الفنان الشعبى زكريا الحجاوى الملقب بعاشق المداحين بمناسبة ذكرى ميلاده ــ يونيو 1915 ـ قال فيه : فى يوم من الايام كنت فى طريقى الى شراء بعض الخضر للمنزل ،واذا بى تستوقفنى لوحة كاريكاتيرية لرسام انجليزى على جدار مقهى صغير بميدان الجيزة ، كانت تدعو الى نصرة الديمقراطية ، وكنا اثناء الحرب العالمية والانجليز فى مواجهة الالمان.

ورحت اتفرس اللوحة وإذا بأحد الجالسين على المقهى يدعونى الى الجلوس وتناول كأس من الشاى ،وتحدثنا عن فن الرسم الكاريكاتورى وقدرته على التعبير وكيف انه يصل الى اعماق النفس بخطوط بسيطة.

وانه نشأ فى مصر منذ قبل التاريخ . اكتشفت فى محدثى شخصية غير عادية ،ولايمكن نسيان هذه الجلسة التىعثرت فيها على هذا الكنز الثقافى انه زكريا الحجاوى الذى اصبح فيما بعد علما من اعلام الثقافة والفن .

تركته واسرعت الى منزل محمود السعدنى وقلت له وانا ألهث :ياواد يامحمود لقيت لك كنز ، فقد كان محمود السعدنى مولعا بالقراءة والثقافة . فى لقائى الثانى مع زكريا الحجاوى فى المقهى الصغير كان معى محمود السعدنى ، وعرفنا من القاعدة ان زكريا يعول ثمانية ابناء وزوجتين احداهما زوجة اخيه المتوفى وابنائه الثلاثة.

وتكررت لقاءاتنا مع زكريا وكبرت الشلة فانتقلنا الى مقهى اكبر فسيحة فى ميدان الجيزة اسمه قهوة عبدالله ، اصبحت فيما بعد ملتقى نجوم واعلام الفكر والادب والفن والصحافة . اصبح زكريا الحجاوى يجلس وامامه فى دائرة من الادباء والفنانين والتلاميذ منهم الاديب يوسف ادريس والدكتور سمير سرحان ومحمود السعدنى نجم الكتابة الساخرة ورجاء النقاش ونعمان عاشور ويوسف الشريف وكمال النجمى ومصطفى محمود والملحنان سيد مكاوى ومحمود الشريف والشعراء الفلاسفة صلاح جاهين وصلاح عبد الصبور وانور السادات .

كانت ندوات زكريا تتناول كل شئ واحيانا كان الذين يسترقون السمع من زبائن المقهى اكثر من رواد الندوة ، الموضوعات شيقة العليم والصناعة والزراعة والادب والفن والشعر والموسيقى والطب والقانون والسياسة وحتى آخر النكت التى يتداولها الناس ، وكانت سهراتنا كثيرا ما تمتد حتى الفجر وأحيانا الى مابعده . عاش زكريا الحجاوى العبقرى الذى نادرا ما يتكرر فترات من حياته فى أدنى درجات الفقر والحرمان بسبب تفرده واختلافه عن الاخرين .

عمل فى فترة من حياته محررا بجريدة المصرى التى كان يرأس تحريرها الصحفى أحمد ابو الفتح ، كانت المصرى من اوليات الصحف التى ساندت الثورة وكان قادة الثورة يترددون عليها وتربطهم علاقة بأصحابها ، وكانت المسافة بين مبنى الجريدة ومنزل الحجاوى 12 كيلو يقطعها كل يوم ذهابا وإيابا بابتسامة صافية ونفس راضية مشيا على قدميه لتوفير 6 مليمات ثمن تذكرة الترام .

ومن غرائب وعجائب زكريا الذى كان ظريفا خفيف الدم والروح قصص وروايات لاتنسى منها اننا كنا فى سهرة فى بيتى بشارع شريف وكنا عباس الاسوانى والسعدنى واحسان عبد القدوس وعبد الرحمن الشرقاوى ومحمد على ماهر والفنان محمد رضا وكلهم كانوا ملوك الكلام ، وعندما وقعت كارثة بل نكسة يونيو 67 وقعنا جميعا فى الصدمة والاحباط والحزن الدفين القاتل الذى فتت قلوبنا وأذهل عقولنا كان زكريا صامدا كالطود وتولى ازالة ما فى نفوسنا وقال إن ماحدث هو الضارة النافعة مؤكدا اننا سوف نعيد الارض ونهزم العدو وبعد خمس سنوات تحقق النصر واستعدنا الارض .

موسييف تستعرض الفنون الشعبية الروسية والعالمية على يوتيوب الثقافة

زكريا الحجاوى اول من نادى بإنشاء قصور الثقافة واول من عمل على انشاء معهد الفنون الشعبية ومن انشأ الفرقة القومية للفنون الشعبية وجاءبكثير من الفنانين الشعبيين من قرى ونجوع مصر واصقل مواهبهم حتى اصبحوا نجوما فى سماء الفن الشعبى.

الجريدة الرسمية