رئيس التحرير
عصام كامل

الاعتذار للدكتور يوسف والى

أما آن الأوان ليخرج فينا مسئول في صدر المسئولية، ويعلن باسمنا جميعا اعتذارنا للأستاذ الدكتور يوسف والي وزير زراعة مصر الوحيد في العصر الحديث، ونائب رئيس وزرائها لعقود على ما طال سمعته بالباطل، وفق نهج سياسي استغلالى نال من الرجل وقيمته وما قدم للأجيال التي لا تزال تأكل مما زرع !!

 

أتذكر يوما في بدايات الألفية الثالثة عندما تواصلت مع مكتبه، طالبا تحديد موعد لإجراء حوار صحفى، فلم يكن من مدير مكتبه إلا أن قال لى: تعال إلى الوزارة في أي يوم عمل واتصل بي قبلها لضمان وجوده شريطة أن تنتظر معنا دورك، كانت المعلومات حوله يشوبها الكثير من المغالطات، ومحاولة ترسيخ صورة ذهنية سلبية له، تطوع لنشرها خصوم له من داخل الحزب الوطني وخارجه..

 

عقدت النية على تنفيذ ما قاله مدير مكتبه، وبالفعل ذهبت في اليوم الموعود، ودخلت إلى مكتبه وجلسنا مجموعة من الفلاحين والأفندية من كل حدب وصوب، لا يعرف أحدنا الآخر.. كان الرجل يتخذ من مقعد قريب من تليفون أرضى مكانا له، يستمع إلى من جاء موقعه بجواره، ينصت باهتمام ويقرأ أوراقا يقدمها له طالب اللقاء، ويضع تأشيرة أو يتصل من تليفونه الأرضي بالموظف المسئول عن المشكلة.

 

اقرأ أيضا: شكرا وزيرة الصحة

 

يغادر الجالس بجواره مكانه بعد الانتهاء من عرض مظلمته، لينتقل من كان بجواره إلى المقعد المجاور لنائب رئيس وزراء مصر، وأشهد أنى رأيت بسطاء يرتدون من الملابس الرثة ما يوحى بحالاتهم، والرجل يبستم ويقرأ ويؤشر بقلمه، ورأيت "بهوات" من العيار الثقيل يلتزمون بدورهم، دون أن يجرؤ أيا منهم على تخطي هذا الدور.

 

جاء دوري وانتقلت إلى جواره وعرفته بنفسي وقلت له: كنت قد جئت إليك لإجراء حوار صحفى، وبعد هذا المشهد الذي رأيته لم يعد لي حاجة لإجراء هذا الحوار..ابتسم الرجل وودعنى وغادرت المكتب.

 

كتبت مقالا تحت عنوان "على أبواب يوسف والى" وصفت فيه ما رأيته بأم عيني، وكانت غرابة المقال قد جاءت من تعارضه مع ما كان ينشر عن الرجل في هذا التاريخ، والذي ساهم فيه صحفيون كبار وكتاب من العيار الثقيل لصالح خصومه من الحزب الوطنى وخارجه.

 

اقرأ أيضا: الأقنعة في عصر الإنسان الافتراضي

 

كانت آلة التشويه الإعلامية قد طالت الرجل في سمعته وشرفه المهنى وقيمته الوطنية والعلمية، وذهبت إلى مناح ٍأبعد من ذلك..قاد تلك الهجمات أحزاب وصحفيون من النوع الحنجورى، على رأسهم قادة التنظيمات الإسلامية من الإخوان، وحتى الجهاد والجماعة الإسلامية.

 

المثير أن يوسف والى لم يكن يعبأ بما يحاك ضده أو يكتب عنه، خصوصا وأن القيادة السياسية والأجهزة الأمنية كانت تعرف بل ووصل بها الحل أن ثأرت له في بعض الأحايين من المتربصين به.

 

اقرأ أيضا: المهددون بالموت فى السجون

 

يوسف والى الآن لا يعتلى منصبا ولا يختزن مالا، ولا يحتفظ بجاه، ولن تتغير طريقة تعاطيه مع الحياة، يعيش في نفس البيت، وعلى ذات الأثاث، ويحيي بالطريقة التي اعتادها، ربما يكون المرض قد أصبح ضيفا مقيما على بدنه، وهو راض غير عابئ بآلام يعتبرها الصوفيون عطايا من المولى عز وجل.

 

وسط هذه الحالة لايزال الفلاح المصري يذكر له من الأفضال ما لا ينساه من دعم متواصل طوال تاريخه الوظيفى، ويكفى أننا ومنذ كان هو المسئول لم نضف إلى الرقعة الزراعية أرقاما تحسب بجوار أرقامه، اعتذار له ولقيمته ولتاريخه، بعد أن وضعناه في السجن وأهناه واتهمناه زورا بما ليس فيه.. إحنا آسفين يادكتور.

 

الجريدة الرسمية